رواية عروس من باريس كاملة جميع الفصول بقلم سارة على

رواية عروس من باريس كاملة جميع الفصول  بقلم سارة على 



رواية عروس من باريس كاملة جميع الفصول هى رواية الكترونية من تأليف سارة على واليوم سنعرض لكم الجزء او الفصل او البارت كاملة جميع الفصول من رواية عروس من باريس



رواية عروس من باريس كاملة جميع الفصول  بقلم سارة على




رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل الاول 1 )



فرنسا .. باريس ..

في احدى المستشفيات الحكومية وقفت فتاة طويلة بعض الشيء ذات شعر اشقر طويل وعينين زرقاوين ترتدي بنطال عريض قليلا يبدو انه قديم للغاية فوقه قميص ذو اكمام طويلة بالي بعض الشيء وترفع شعرها الاشقر الطويل على شكل ذيل حصان .. وجهها شاحب للغاية وعينيها حمراوتان على وشك ان تذرف دموع القهر ..

كان جسدها يرتجف من شدة الخوف والرعب حتى شعرت بإحداهن تقترب منها لتجدها صديقتها المقربة كريستين .. اتجهت كريستين نحوها واحتضنتها بشدة واخذت تواسيها وتحاول التخفيف عنها ..

تحدثت كريستين بلكنتها الفرنسية :

" لا تقلقي يا ليديا كل شيء سيكون على ما يرام .."

ردت ليديا بنفس اللكنة الفرنسية :

" اتمنى ذلك يا كريستين .. انا لا امتلك غيرها .. هي ليست والدتي .. هي كل شيء بالنسبة لي .."

ربتت كريستين على كتفها وهي تدعو ربها :

" فليحميها الرب .."

ربتت ليديا على قلادة الصليب التي ترتديها والتي اهدتها لها والدتها في عيدميلادها العاشر داعية من الرب ان يحفظها لها واخذت تحتضنها بقوة وهي تنظر الى الاعلى تناجي ربها ان ينقذ والدتها فلطالما انقذتها هذه القلادة من الكثير من المشاكل ..

خرج الطبيب اخيرا من غرفة الطوارئ ويبدو على ملامحه للاسف الشديد فتلعثمت ليديا وهي تسأله عن حال والدتها ليخبرها الطبيب انهم فعلوا كل ما بوسعهم الا ان الحالة وصلت متأخرة ..


 
لم تستوعب ليديا ما قاله الطبيب ولم تشعر بنفسها الا وهي تسقط ارضا فاقدة للوعي وسط بكاء كريستين ومحاولاتها لإفاقتها ..

.......................................................................

بعد مرور اسبوعين ..

فتحت ليديا عينيها الزرقاوين ثم ابتسمت بألم وهي تستمع الى صوت زقزقة العصافير الخاصة بها ..

نهضت من مكانها واتجهت نحو ذلك القفص الذي يحوي عصافيرها واخذت تمرر اصبعها داخل القفص وتلمس على جسدهما الناعم برقة قبل ان تقول بحب :


 
" صباح الخير .. لقد حان وقت العمل .. سوف اجهز لكما الطعام حالا ثم أاخذ حماما سريعا وارتدي ملابسي للذهاب الى العمل .."

وبالفعل سارعت ليديا لإطعام عصافيرها قبل ان تتجه نحو الحمام المتواضع وتأخذ شاور سريع .. ارتدت ملابسها والتي كانت عبارة عن فستان ابيض قصير قليلا ذو حمالات رفيعة اعتادت على ارتداءه في العمل فهي لا تمتلك سوى اربعة اطقم للخروج من ضمنها هذا الفستان .. سرحت شعرها الاشقر الطويل ورفعته على شكل ذيل الحصان ثم استعدت للذهاب الى عملها الصباحي فهي تعمل صباحا في محل لبيع الورود ومساءا كنادلة في احد مطاعم باريس الراقية ..

اتجهت نحو خزانة الملابس وفتحتها بحثا عن حقيبتها التي لم تجدها في مكانها المعتاد لتصطدم يدها في صندوق خشبي تذكرته على الفور فهذا الصندوق خاص بوالدتها الراحلة وقد طلبت والدتها منها ان تفتحه بعد وفاتها حيث يحتوي على اشياء ضرورية تخصها ..


 
نظرت الى الصندوق بفضول فهي قد نسيت امره تماما ولولم تره الان لما تذكرت امره نهائيا ..


 
جلست على السرير وهي تضع الصندوق في حضنها ثم فتحته لتجد صورة قديمة لشاب وسيم يبدو من شكله انه عربي الاصل .. ثم صورة اخرى تحوي على كلمات عربية اخذت تقرأها بصعوبة فهي قد تعلمت الحديث باللغة العربية نوعا ما وكتابة الكلمات الاساسية بعدما اصرت والدتها على ذلك حيث علمتها العديد من الكلمات العربية وتحديدا اللهجة المصرية التي كانت والدتها تتحدث بها بشكل جيد قليلا وبالرغم من استغراب ليديا من طلبها الا انها وافقت والدتها وتعلمت اللهجة المصرية نوعا ما .. اخذت ليديا تقرأ ما في العقد لتجده عقد زواج باسم كمال ادهم السيوفي و انجيلا والدتها ..

تطلعت الى العقد بحيرة قبل ان تخرج ورقة اخرى فوجدتها رسالة من والدتها بدأت تقرأ ما في داخلها بسرعة :

( عزيزتي ليديا .. اعرف ان ما سوف تعرفينه سيكون صعب للغاية ومؤلم لكنكِ مضطرة لمعرفته .. عندما تقرأين هذه الرسالة سوف اكون رحلت بعيدا وبقيت انتِ بدوني .. ليديا انا في شبابي تعرفت على شاب مصري جاء للدراسة في فرنسا .. اسمه كمال السيوفي .. كان شابا وسيما ينتمي لعائلة غنية .. احببته بل عشقته وهو بادلني مشاعري ايضا .. تزوجنا سرا دون ان نخبر عائلته وبعد فترة قصيرة حملت بك .. في نفس الوقت الذي اكتشفت حملي بك كان كمال قد سافر الى مصر بعد اصرار شديد من والده على ذلك ثم انقطعت اخباره تماما عني .. حاولت التواصل معه لكن بلا فائدة .. كنت اريد ان أخبره عن حملي وبعد محاولات عديدة علمت من محاميه انه تزوج من ابنة عمه واستقر مع عائلته وبعث لي ورقة طلاقي .. انهرت حينها ولم استوعب ما حدث وترجيت المحامي الا يخبره عن وجودك كي لا يأخذك مني فهم عائلة ذات نفوذ عالي وانا يتيمة وحيدة لا امتلك احد قد يساعدني في ذلك .. تعاطف المحامي معي وقد وعدني ألا يخبر كمال بأي شيء وأن يبقى أمرك سرا .. ليديا انا اخبرك بهذا الكلام كي تعلمي ان لديك عائلة حقيقية وغنية وأن ادوارد الذي تزوجته وسجلتكِ على اسمه ليس والدك الحقيقي .. اسفة لانني جعلتكِ تعانين وتعيشين حياة فقيرة وتعيسة لكنني لم أرد خسارتك .. ليديا اسمعيني جيدا .. اذهبي الى المحامي عماد الصاوي سوف تجدين معلومات عنه في ورقة في هذا الصندوق .. هو الوحيد من يعرف انك ابنة كمال .. دعيه يأخذك الى والدك كي تعيشي معه وتتنعمي بأمواله بدل العيش في هذه الحياة الفقيرة البائسة فأنتِ تستحقين هذا .. ولا تقلقي والدك لن يرفضك فمعروف عن العرب عدم تخليهم عن ابنائهم اللذين يحملون دمائهم مهما حدث .."

اغلقت ليديا الرسالة وهي تنظر امامها بعينين جاحظتين .. هل يعقل ما قالته والدتها ..؟! هي تنتمي لعائلة عربية مصرية .. وادوارد الذي رباها وراعاها حتى وفاته لم يكن والدها .. بحثت في الصندوق مرة اخرى عن الورقة التي تخص المحامي فوجدت بالفعل العديد من المعلومات عنه ثم حملت ورقة اخرى بها معلومات كثيرة عن عائلة والدها .. اطلقت تنهيدة الصغيرة وهي تفكر في طلب والدتها بالذهاب الى هناك والتعرف على عائلتها .. ولكن هل سيتقبلونها حقا ..؟!

...................................................................

في مكان اخر تحديدا ..

في مصر .. القاهرة ..

في احدى القصور الضخمة ..

الخادمات يجهزن الفطور بسرعة قبل نزول اصحاب المنزل .. مائدة طويلة تحوي العديد من الاطعمة الشهية الرائعة .. كانت الجدة جميلة هي اولى المستيقظين حيث تقدمت بخطواتها الوقورة نحو المائدة وجلست على الكرسي الجانبي للكرسي الرئيسي تبعتها كنتها فريال وهي تبتسم لها وتحييها بإحترام :

" صباح الخير يا مرات عمي .."

ابتسمت جميلة وهي ترد تحية الصباح عليها :

" صباح النور يا فريال .. امال سليم فين ..؟!"

" نازل اهو .."

قالتها فريال وهي تنظر الى زوجها الذي يهبط درجات السلم والذي اقترب من والدته وقبلها من جبينها محييا اياها :

" صباح الخير يا ست الكل .."

ابتسمت جميلة وهي ترد عليه :

" صباح النور يا حبيبي .."

ترأس سليم المائدة وجلست فريال على الجانب الاخر بجانبه ليهبط بعدها اولادهم بالتدريج ادهم اكبر اولاد سليم والذي يحمل اسم جده وحسام الاصغر منه ومصطفى اصغر اخوانه في مرحلته الثانوية ..

جلس الجميع في أماكنهم بعدما حيوا الجدة ووالديهم بإحترام بينما تحدث سليم وهو يتناول طعامه :

" جهزتوا كل حاجة عشان غدا النهاردة .. "

أومأت فريال وهي تجيبه :

" انا من امبارح حددت للطباخين يجهزوا ايه عشان الغدا .."

قالت جميلة وهي تتنهد بسعادة :

" انا بستنى يوم الجمعة ده كل اسبوع .. ببقى مبسوطة اووي وانا شايفة ولادي واحفادي حواليا .."

ربت سليم على يدها وهو يقول :

" ربنا يخليكي لينا يا ست الكل وتفضلي خيمة فوق راسنا .."

ابتسمت له ثم أشارت الى ادهم قائلة :

" هتحددوا معاد الفرح امتى يا ادهم ..؟! عاوزة افرح فيك انت وبنت عمك بقى .."

ابتسم ادهم وهو يقول بجدية :

" قريب ان شاءالله .. هنتفق انا و عليا على معاد يناسبنا احنا الاتنين وابلغكم بيه .."

رد حسام بمزاح :

" ده انا لو مكانك اخليه بكره .."

رمقه ادهم بنظرات ساخرة وقال :

" اتشطر انت بس ولاقي عروسة مناسبة ليك واتجوزها .."

قالت فريال بجدية :

" اهم حاجة اكون تليق بالعيلة ومكانتنا .."

ابتسم حسام بتصنع وقال :

" اه طبعا لازم تليق بعيلة السيوفي العظيمة وتبقى من نفس مستوانا الثقافي والاجتماعي والديني .."

ضحك مصطفى بقوة وقال مشاكسا :

" شكلك يا حسام هتتجوز فالاخر من العشوائيات .."

ضربه حسام على كتفه وهو يقول بمرح :

" ومالها العشوائيات ياخويا .. دول اغلبهم يجننوا .،"

صاحت فريال بضيق :

" عشوائيات ايه وزفت ايه .. قلنا بلاش الكلام ده وبلاش سيرة الناس البيئة دول .."

صمت الجميع بينما نهض ادهم من مكانه وهو يقول :


 
" سفرة دايمة .. انا هنزل اشوف صحابي شوية واجي عالغدا .."

قالت فريال بسرعة :

" متتأخرش يا ادهم .. عيب توصل بعد ما الناس يجوا .."

رد ادهم بجدية :

" هما غربا يعني .. دول اعمامي وولادهم .."

ثم اتجه نحو الباب وفتحه ليتفاجئ بنور اخته امامه وهي تحمل صغيرها الرضيع على يدها والاخر تمسكه باليد الاخرى قبلها من وجنتيها وهو يهتف بمرح :

" جايه بدري يعني ..؟!"

اجابته وهي تتنهد :

" ايهاب جابني بدري عشان يلحق يوصل اسكندرية .."

سألها ادهم بجدية :

" سافر عند اهله ..؟!"

أومأت برأسها وهي تقول :

" ايوه وهيفضل كام يوم هنا وانا جيت هنا .."

" تنوري .."

قالها ادهم وهو يبتسم لها قبل ان تدلف نور الى الداخل وخلفها طفلها بينما اشار ادهم للخادمة التي اتت فورا له وطلب منها ان تحمل اغراض وحقائب اخته وتذهب بها الى غرفتها ..

.........................................................................

مساءا ..

كان جميع افراد عائلة السيوفي مجتمعين في صالة الجلوس يتحدثون في شتى المواضيع المختلفة ..

كانت صوت ضحكاتهم يعلو كثيرا بينما جميلة تراقبهم بسعادة وراحة تتأمل سليم وابنائه الخمسة ادهم وحسام ومصطفى ولبنى ونور .. جمال وابناؤه الاربعة خالد وكريم وعاليا وصبا .. كمال وابنيه يوسف ومراد .. واخيرا حنان ابنتها وبنتيها رزان ورؤى وابنها الصغير يزن ..

رن هاتف ادهم فوجده صديقه ياسر المقرب فحمله واجابه وهو ينهض من مكانه ويتجه خارج المكان حيث الحديقة الخارجة للقصر ..

اخذ يتحدث معه قليلا حينما شعر بعاليا وراءه ..

اغلقت الهاتف والتفت نحوها يسألها بجدية :

" خير يا عاليا ..؟! فيه حاجة ..؟!"

اجابته بضيق :

" كنت بتكلم مين ..؟!"

رد بهدوء :

" هو مش باين اني بكلم ياسر .."

ردت بضجر :

" وهو لازم تخرج بره عشان تكلم الاستاذ ياسر .."

رمقها بنظرات حادة ورد عليها بجمود :

" انا حر اكلمه فالمكان اللي يعجبني .. وياريت تحسني اسلوبك فالكلام معايا .."

رقت نبرتها وهي تقول :

" انا اسفة يا روحي .. بس انا بغير عليك وببقى عاوزة اعرف بتكلم مين وبتقابل مين .."

رد ادهم بملل :

" واظن انتي عارفة اني اكتر حاجة بكرهها فحياتي حد يسألني بتقابل مين او بتكلم مين .. وقلتلك الكلام ده مية مرة .."

ثم اردف بجدية :

" عاليا انا بحبك ومش بفكر اخونك .. اطمني .."

ابتسمت بصفاء وهي تقترب منه وتحتضنه وتقول بحب :

" طب قول بحبك تاني .."

ضحك وهو يكررها :

" بحبك يا عاليا .."

طبعت قبلة على وجنته وقالت بحب :

" هنتجوز امتى بقى ..؟!"

رد بسلاسة :

" اخلص كام حاجة ورايا فالشغل ونحدد معاد الفرح على طول .."

ابتسمت بخفة وهي تقول :

" تمام يا روحي .."

.....................................................................

عودة مرة اخرى الى فرنسا ..

اقتربت كريستين من ليديا ومدت يدها لها بمجموعة من الاموال .. تطلعت ليديا اليها بحيرة وسألتها :

" ما هذه يا كريستين ..؟!"

ابتسمت كريستين وهي تقول :

" اموال أيتها الذكية .. هذه الأموال سوف تكفيكِ لشراء تذكرة الطيارة الى مصر وما يتبقى منه سوف يفيدك هناك كي تحجزي غرفة في فندق قبل ان تلتقي بذلك المحامي ويأخذك الى والدك .."

سألتها ليديا وهي تشكرها بإمتنان :

" من اين جلبتِ هذه الاموال ..؟!"

ردت كريستين بصدق :

" جمعتها منذ وقت قريب .."

ابتسمت ليديا وقالت بصدق :

" سوف ارجعها لك حينما اقابل والدي في الحال .. فقط ادعي لي ان يستقبلني ويعترف بي كما اخبرتني ماما .."

ربتت كريستين على كتفها وقالت :

" اتمنى ذلك من قلبي يا ليديا .. واذا لم يعترف بك لا تحزني .. سيكون هو من خسر فتاة رائعة وجميلة مثلك .."

ضحكت ليديا بعذوبة وقالت :

" سوف أغتر كثيرا بنفسي .."

ابتسمت كريستين وهي تربت على يدها قبل ان تقول بجدية :

" هيا يجب ان نذهب ونحجز تذكرة السفر حالا ونعود كي تجهزي حقائبك استعداد للسفر .."

أومأت ليديا برأسها وهي تتجه نحو الخزانة لترتدي ملابسها بسرعة وتذهب مع كريستين لحجز تذكرة الطيران الى مصر ..

 

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل الثانى 2 )


 في مطار القاهرة الدولي ..
كانت ليديا تحمل حقيبتها وهي تتجه نحو بوابة المطار الخارجية ... اتجهت نحو احدى سيارات التاكسي حيث استقبلها السائق وحمل الحقيبة عنها ووضعها في صندوق السيارة بينما جلست ليديا في الخلف وجلس هو في مكانه وسألها :
" على فين العزم ..؟!"
ابتسمت ليديا وقالت بلهجة مصرية غير صحيحة :
" أنتَ يقصد نروح فين ..؟!"
اومأ السائق برأسه وهو يقول :
" عليكي نور .."
ردت ليديا بصعوبة :
" ممكن تاخد انا على أوتيل قريب شوية .."
" من عيوني .. بس عاوزاه فايف ستارز ولا اقل ولا ايه النظام ..؟!"
تطلعت اليه ليديا بنظرات حائرة ليحاول السائق التفسير لها :
" معاكي فلوس قد ايه ..؟!"
قالت ليديا :
" فلوس يعني money ..؟! صح ..؟!"
" تقريبا اه .."
ابتسمت ليديا وقالت :
" معايا شوية .."
اومأ السائق برأسه متفهما وقال :
"خلاص انا عرفت هاخدك فين .."
ابتسمت ليديا بغباء بينما اخذها السائق الى احد الفنادق المتوسطة في العاصمة ..
هبطت ليديا من السيارة وهبط السائق بدوره ليعطيها الحقيبة بينما اخرجت ليديا بضعة وريقات مالية واعطتها للسائق لينظر اليها السائق ببلاهة وهو يقول :
" ايه دي ..؟! انا عاوز فلوس مصرية .."
ردت ليديا بعفوية :
" انا معنديش غير باليورو .."
نظر اليها السائق بحيرة قبل ان يسألها بفضول :
" هو انتِ نظامك ايه ..؟! مصرية ولا اجنبية ..؟! الشكل اجنبي بحت واللهجة مصري مكسر .."
تطلعت اليه ليديا بعدم فهم خصوصا انه كان يتحدث بشكل سريع فحاول ان يشرح لها بتأني :
" انتِ مصرية ولا اجنبية ..؟!"
ابتسمت وهي تجيبه :
" نص نص .."
ابتسم السائق وهو يقول :
" طب بصي انتي لازم تجي معايا نصرف الفلوس دي ونحولها للجنيه المصري عشان تقدري تدفعي وتصرفي .."
تطلعت اليه ليديا بحيرة محاولة فهم كلماته بينما قال هو بجدية وهو يشير الى النقود :
" الفلوس دي لازم تبقى بالجنيه المصري .. العملة المصرية .."
فهمت ليديا كلماته فقالت بجدية :
" اوك .. نروح فين دلوقتي ..؟!"
اجابها بجدية :
" هاخدك على اقرب مكتب صيرفة نحول الفلوس واخد اجرتي وارجعك هنا .."
بالرغم انها لم تستوعب ما قاله الا انها ابتسمت بسذاجة وركبت في السيارة مرة اخرى حيث اخذها السائق الى اقرب مكتب للصيرفة ثم طلبت منه ليديا ان يشتري لها خط هاتف مصري كي تستطيع التحدث مع صديقتها .. عاد بعدها السائق الى الفندق حيث اعطته ليديا ما طلبه واستغربت انه لم يكن كثيرا ثم اتجهت ليديا الى داخل الفندق وطلبت لها غرفة بسيطة بثمن قليل نوعا ما .. اتجهت ليديا الى الغرفة وجلست على السرير بوهن قبل ان تبعث رسالة الى كريستين تخبرها انها وصلت وهي بخير .. فتحت حقيبتها واخرجت منها بيجامة بسيطة .. حملت البيجامة مع منشفة عريضة واتجهت الى الحمام الملحق بالغرفة حيث اخذت شاور سريع قبل ان تخرج وترمي بجسدها على السرير وتغط في نوم عميق ..
........................................................................
كان ادهم يجلس مع عليا في احد المطاعم الراقية يتناولان طعام الغداء ..
ابتسمت عليا وهي تقول :
" حبيبي كنت عاوزة اوريك حاجات هتعجبك ..؟!"
ابتسم وهو يسألها :
" حاجات ايه ..؟!"
نهضت من مكانها وجلست بجانبه ثم فتحت الهاتف الخاص بها واخذت تريه صور لمجموعة من الفلل الراقية ذات تصميم هندسي عالي الذوق ومساحة واسعة ..
تطلع ادهم اليها وسألها بالرغم من فهمه لما يدور في داخلها :
" انتي بتوريني الصور دي ليه ..؟!"
ابتسمت بتصنع وهي تقول :
" عشان نختار الفيلا اللي هنعيش بيها بعد الجواز يا حبيبي .."
ابعد الهاتف عنه وقال بهدوء :
" نختار ايه ..؟! اظن احنه متفقين اننا هنسكن فقصر العيلة مع اهلي .."
ردت بضيق :
" انا مش فاكرة اننا اتفقنا على كده .. "
رد هو ببرود :
" وانا مش فاكر انك طلبتي اننا نسكن لوحدنا .."
قالت عليا بجدية :
" دي حاجة بديهية مش لازم اطلبها .."
قال ادهم بنبرة جادة :
" شوفي يا حبيبتي .. انا يستحيل اسيب اهلي واسكن بعيد عنهم .. موضوع اننا نعيش لوحدنا تنسيه تماما .."
رمقته بنظرات باردة قبل ان تقول بجمود :
" يعني انت عايزنا نعيش فبيتكم اللي مليان ناس .. "
" ناس مين ..؟! مفيش غير عيلتي .."
قالها بجدية لترد بضيق :
" وهما عيلتك قليلة .. امك وابوك وحسام ومصطفى .. غير جدتي .. غير لبنى ونور اللي بيجوا دائما هما وعيالهم ويباتوا عندكم احيانا .. انت عاوزني استحمل كل دول وكمان العيال الصغيرة المقرفة .."
صاح بها ادهم بلا وعي :
" انتِ اتجننتي ولا ايه ..؟! لاحظي انك بتتكلمي عن اهلي .."
شعرت بفداحة ما قالته فتوترت وهي تقول بأسف شديد :
" انا اسفة يا حبيبي .. مكنتش اقصد والله .. بس انا حابة يكون لينا استقلاليتنا وحياتنا الخاصة بينا .. يعني نكون لوحدنا وناخذ راحتنا .."
ثم اردفت بنعومة :
" نعمل اجواء رومانسية .. البسلك حاجات تعجبك .."
رمقها بنظرات جامدة وهو يقول :
" انتِ عارفة اني مليش فالاجواء الرومانسية والحاجات التافهة دي .. انا مش بتاع الكلام ده .. اما اللبس فعندك جناحنا تلبسي بيه اللي يعجبك .. "
" يعني انت مصر على رأيك ..؟!"
سألته بوجوم ليومأ برأسه وهو يتناول العصير ببرود لترد بقوة :
" وانا بردوا مصرة على رأيي ومش هتنازل عنه .."
قال ادهم بهدوء :
" خلاص يبقى بلاها الجوازة دي .."
ارتجف قلبها وقالت بخوف :
" انت بتقول ايه ..؟! انت عايز تفسخ الخطوبة ..؟!"
رمقها بطرف عينيه وقال :
" انتي اللي عايزة تفسخيها بكلامك وتصرفاتك دي .."
ارتبكت ملامحها وهي تقول :
" طب خلاص اقلب الموضوع ده .. خلينا نتكلم فحاجة تانية .."
" يكون احسن .."
ابتسمت بتصنع وقالت :
" انا عايزة فستان الفرح يبقى من اهم مصممي باريس .."
اومأ برأسه وهو يبتسم :
" اللي تحبيه .."
" وانت هتختاره معايا ..؟!"
سألته بلهفة ليجيبها بهدوء :
" لو انتي حابة اكيد هختاره معاكي .."
تنهدت براحة قبل ان تكمل تناول طعامها وهي تتحدث معه في شتى المواضيع ..
انتهى العشاء فأوصلها ادهم الى منزلها .. اوقف سيارته امام الفيلا الخاصة بعائلتها فإقتربت منه وقبلته من شفتيه ليستجاب هو لقبلتها قبل ان تهمس له بعذوبة :
" بحبك .."
رد بجدية :
" وانا كمان بحبك يا عليا .."
طبعت قبلة اخرى على شفتيه قبل ان تخرج من السيارة وتتجه الى داخل المنزل لتجد والدتها جيجي في انتظارها حيث استقبلتها وهي تقول :
" شكلك مبسوطة اووي .."
ابتسمت عليا بسعادة شديدة وقالت :
" اوي يا مامي .."
ثم اكملت بضيق :
" لو بس يوافق على موضوع اننا نسكن لوحدنا .."
ردت جيجي بملل :
" يا بنتي قلتلك مية مرة الموضوع ده مش مهم .. المهم انك تتجوزيه وساعتها هتبقي انتي الكل فالكل بالقصر .."
رفعت عليا حاجبها وقالت :
" وبالنسبة لفريال نظامها ايه ..؟! دي هي مسيطرة على كل حاجة .."
ردت جيجي بخبث :
" وانتي قليلة يا رووحي .. انتي بذكائك تقدري تسيطري على فريال زي ما سيطرتي على ادهم قبلها .."
نظرت اليها عليا بضيق وقالت :
" يعني برأيك اوافق اعيش معاهم ..؟!"
قالت جيجي بسرعة :
" طبعا .. دي فرصتك .. بكره القصر ده كله هيبقى ليكي ولعيالك يا روحي .. شغلي مخك بقى وبطلي غباء .."
لمعت عينا عليا للحظات قبل ان تقول :
" طب واخوات ادهم ..؟! هعمل فيهم ايه ..؟!"
ردت جيجي ببساطة :
" حسام ومصطفى بكره يتجوزوا ويخرجوا من القصر .. ولبنى ونور انتي بطريقتك هتعرفي ازاي تقطعي رجليهم عن القصر .. وفريال وسليم مصيرهم يموتوا ساعتها القصر كله باللي بيه هيبقى ملكك .."
" برافو يا مامي .. انا ازاي محسبتهاش كده ..."
قالتها عليا بسعادة قبل ان تحمل هاتفها وتقول :
" انا هتصل بادهم حالا واقوله اني غيرت رأيي وموافقة اعيش مع عيلته بالقصرين.. واقوله اني عملت ده عشان خاطره بس وعشان عايزة سعادته وراحته .. وساعتها هيفهم قد ايه انا بحبه ومطيعة ايه .."
" برافو يا روحي .. ايوه كده اشتغلي بذكاء .."
ارسلت عليا لوالدتها قبلة في الهواء قبل ان تتجه مسرعة الى غرفتها وهي تجري اتصالا بادهم ..
............................................................................
في صباح اليوم التالي ..
استيقظت ليديا من نومها ونهضت من مكانها مسرعة واخذت حماما سريعا قبل ان ترتدي ملابسها البسيطة المكونة من بنطال جينز بسيط فوقه تيشرت اخضر ذو اكمام قصيرة .. رفعت شعرها على شكل ذيل حصان وحملت الورقة الخاصة بالمحامي عماد الصاوي وقررت ان تذهب اليه .. حملت حقيبتها التي تحوي هاتفها والاموال القليلة التي تبقت معها ثم اتجهت خارج الفندق واستأجرت تاكسي اعطته الورقة التي يوجد بها عنوان عماد وتمنت ان يكون عنوانه كما هو لم يتغير ..
وصلت بعد حوالي نصف الساعة الى العنوان المطلوب لتحاسب السائق قبل ان تتجه نحو المنزل والذي بدا فخما للغاية وراقيا .. توترت ليديا ففي حياتها كلها لم تدخل الى منزل بهذا الفخامة والرقي ..
ضغطت على جرس الباب لتفتح الخادمة الباب لها بعد لحظات فتسألها ليديا بتردد :
" عماد الصاوي موجود هنا .."
استغربت الخادمة من الفتاة التي تراها لأول مرة واستغرب اكثر من طريقة لفظها للكلمات الا انها أومأت برأسها وهي تشير لها كي تدخل لتتنهد ليديا براحة وهي تلج الى الداخل ..
اجلستها الخادمة في صالة الجلوس ثم نادت على عماد الذي جاء بعد لحظات ليتسمر في مكانه ما إن رأي ليديا التي نهضت من مكانها فور رأيته ليهمس بلا وعي :
" انجيلا .."
توترت ملامح ليديا وقد وصلها همسه لتعرف عن نفسها :
" ليديا .. بنتها .."
ظهر التوتر جليا على ملامح عماد قبل ان يبتسم وهو يحييها بحرارة ويجلسها بجانبه وهو يهتف بعدم تصديق :
" معقول .. بعد السنين دي كلها .."
ثم اكمل بدهشة :
" انتي شبه والدتك جدا .. نسخة منها .. هي اخبارها ..؟!"
لمعت عينا ليديا وهي تجيبه بحزن :
" ماما ماتت .."
تنحني عماد وقال بأسف :
" انا اسف .. البقية فحياتك .."
اجابته ليديا بصوت متحشرج :
" ميرسي .."
ثم اكملت وهي تضغط على حقيبتها بتوتر :
" انا عرفت من فترة حقيقة بابا .. ماما قالت انوا مصري واسمه كمال حاجة السوفي .."
صحح لها عماد :
" كمال ادهم السيوفي .."
ابتسمت ليديا وقالت :
" ايوه كده .."
ثم اكملت بخجل :
" ماما سابت عنوانك ومعلومات عنك وقالتلي انك يقدر يساعد انا .."
ابتسم عماد وقال :
" اكيد هقدر اساعدك .."
ثم اردف بتلعثم :
" بس يا ترى كمال بيه هيعمل فيا ايه لما يعرف اللي عملته زمان .."
نظر الى ليديا التي تطلعت اليه بحيرة فقال مطمئنا اياها :
" متقلقيش .. انتي ربنا جابك ليا عشان تريحيني من ذنب كان كاتم على قلبي .. انا هبلغ كمال بيه واللي يحصل يحصل .."
لم تستوعب ليديا كلماته فقال بجدية :
" خليكي هنا فبيتي .. انا هروح اكلم كمال بيه والدك عشان يشوفك ..."
أومأت برأسها وهي تبتسم محاولة اخفاء توترها ليخرج عماد مسرعا من المنزل بعدما حمل هاتفه ومفاتيح سيارته بينما ظلت ليديا جالسة في مكانها تنظر الى ارجاء المكان بتوتر شديد ..
فوجئت بفتاة شابة تقتحم المكان وهي تنادي على والدها قبل ان تنصدم بها فتسألها بحيرة :
" انتي مين ..؟!"
تلعثمت ليديا وهي تجيبها :
" انا ليديا .."
عقدت الفتاة حاجبيها باستغراب :
" ايوه ليديا مين ..؟! "
ثم اكملت وهي ترمقها بنظرة مفصلة من رأسها حتى اخمص قدميها ؛
" انتي شكلك مش مصري خالص .. انتي مين بالضبط وعاوزة ايه ..؟!"
اشارت لها ليديا كي تصمت ثم قالت بخجل شديد ولهجة متقطعة تحاول انتقاء الكلمات الصحيحة :
" انا اعرف استاذ عماد .. وهو سابني هنا شوية وهيجي .."
رفعت الفتاة حاجبها وقالت :
" وانتي تعرفي ابويا منين ..؟!"
ابتسمت ليديا بحرج وقالت :
" انا مش هعرف افهمك .. هو هيفهمك لما يجي .."
" تمام .."
قالتها الفتاة بحيرة قبل ان تقول معرفة عن نفسها :
" انا ريهام .. بنت عماد .."
" ممكن تكرري اسمك لاني مش عارفه اقوله .."
ابتسمت ريهام وقالت بتأني :
" ريهام .. ريهام .. ريهام .."
قالت ليديا بسرعة :
" خلاص فهمت .. ريام .."
صححت ريهام لها :
" لا ريهام .. ريهام .."
قالت ليديا بتأني :
" ريهام .."
صفقت ريهام بعفوية لتبتسم ليديا بخجل فقالت ريهام بإعجاب :
" ماشاءالله زي القمر .. انتي منين يا ليديا ..؟! مهو مستحيل تكوني مصرية ابا عن جد .."
اجابتها ليديا بهدوء :
" انا فرنسية .. والدتي فرنسية ومولودة وعايشة ففرنسا .."
ابتسمت ريهام وقالت بمزاح :
" انا قلت بردوا انوا الخلقة دي لا يمكن تكون مصرية .."
لم تفهم ليديا معنى كلامها لكنها ابتسمت بخفة لتجلس ريهام بجانبها وتسألها عما تحب ان تشرب وعندما رفضت ليديا اصرت ريهام عليها ان تتناول شيئا فجلبت لها اخيرا عصير البرتقال الطازج واخذتا يتحدثان سويا حتى نسيت ليديا لماذا جائت هنا من الاساس ..
..........................................................................
كان عماد يجلس امام كمال الذي رحب به قائلا :
" كده بردوا يا عماد .. تغيب كل الفترة دي .. ده انا مشفتكش من يجي سنة .."
ابتسم عماد بتوتر وقال :
" مانت عارف يا كمال بيه .. انا من ساعة مسبت الشغل وتقاعدت قعدت لبيتي واتفرغت لبنتي ريهام عشان اربيها واهتم بيها .."
ابتسم كمال وقال :
" ربنا يخليهالك .."
ثم نظر اليها وسأله :
" شكلك عايز تقولي حاجة يا عماد .. خير فيه حاجة ..؟!"
تطلع عماد اليه بتردد ثم قال بعد صمت استمر قليلا :
" انجيلا .. اكيد فاكر الاسم ده .."
تشنجت ملامح كمال الذي قال بصوت حزين :
" طبعا .. انجيلا حب حياتي ومراتي الاولى اللي ماتت من اكتر من عشرين سنة .."
ثم اردف بتعجب :
" بس انت عرفتها منين ..؟! انا مش فاكر انوا كان فيه حد عارف بالموضوع ده غير ابويا وامي .."
ابتسم عماد بتوتر وقال :
" انا اعرفها وشفتها كمان .."
لمعت عينا كمال وهو يسأله بدهشة :
" شفتها فين وازاي ..؟!"
تلعثم عماد وهو يقول بتوسل :
" ارجوك تسمعني وتفهمني .. دي كانت اوامر الباشا الكبير .. انا مليش دعوة .. انا كنت بنفذ وبس .."
قال كمال بنفاذ صبر :
" اتكلم يا عماد .. انطق .."
قال عماد بجدية :
" لما والدك عرف انك متجوز وحدة فرنسية فالسر اتجنن ومكانش عارف يعمل ايه .. كلمني وطلب مني اسافرلها واتعرف عليها بعد ما منعك انك تروح هناك .."
اومأ كمال برأسه وهو يتذكر تلك الفترة حينما عرف والده بالصدفة بموضوع زواجه من انجيلا الفتاة الفرنسية اليتيمة التي تعرف عليها اثناء دراسته هناك .. لقد جن جنونه وقتها وحاربه بكل الطرق ومنعه من السفر الى هناك ..
اكمل عماد بحزن :
" وقتها طلب مني اني اقولها انك طلقتها .. وعملنا ورقة طلاق مزورة باسمك ووريناها ليها .."
انتفض كمال من مكانه وقال بعدم تصديق :
" انت بتقول ايه يا عماد ..؟! انت واعي الي بتقوله ..؟!"
" يا كمال بيه خليني اكمل .."
جلس كمال على كرسيه وهو يلهث بقوة بينما اكمل عماد :
" انا نفذت كل اللي طلبه والدك واقنعتها انك طلقتها .. لقيت بعدها والدك بيطلب مني ازورله شهادة وفاة بإسمها واكلم صاحبتها المقربة اتفق معاك تبلغك انها ماتت فحادث عربية .."
خفق قلب كمال وهو يسألها بهمس مصدوم :
" يعني انجيلا مماتتش .. هي كانت عايشة طول السنين دي .. كنتوا بتكدبوا عليا ..؟! يعني هي عايشة دلوقتي .."
قال جملته الاخيرة بفرحة عارمة ليهز عماد رأسه نفيا وهو يقول :
" للاسف ماتت من فترة صغيرة .."
انقبض قلب كمال بألم قبل ان يسأله بصوت مبحوح :
" وانت جاي تقولي الكلام ده ليه دلوقتي ..؟! جاي تعذبني تاني بخبر موتها ..؟!"
" لا يا فندم .. انا جاي اقولك على خير هيخفف عنك الصدمة دي ويفرحك كمان .."
ابتسم كمال ساخرا وقال :
" يفرحني ..؟! بعد ما عرفت اني عشت طول حياتي مخدوع .. انا مش مصدق ازاي كنت غبي للدرجة دي .."
قال عماد بسرعة :
" انجيلا ماتت بس سابت ذكرى منها ليك .."
" انا مش فاهم حاجة .."
قالها كمال بعدم استيعاب ليرد عماد بهدوء :
" انجيلا كانت حامل منك يا كمال بيه .. لما رحت وزرتها كانت حامل فالشهور الاخيرة .. لما عرفت انك طلقتها ترجتني اني مقولش لاي حد انها حامل عشان متاخدوش الطفل منها .. وانا زعلت عليها وتعاطفت معاها فمبلغتش ادهم بيه الله يرحمه بالموضوع ده .."
" يعني انا دلوقتي عندي ولد من انجيلا ..؟!"
سأله كمال بنبرة مرتجفة ليرد عماد بجدية :
" بنت .. بنت جميلة وعندها خمسة وعشرين سنه .. جاتني بنفسها وطلبت تشوف حضرتك .."
تطلع كمال اليه بعدم تصديق قبل ان يهمس بلهجة مرتعشة :
" يعني هي هنا دلوقتي ..؟!"
اومأ عماد برأسه وقال :
" عندي فالبيت .. انا سبتها هناك .."
قال كمال وهو ينهض من مكانه بسرعة :
" مستني ايه ..؟! يلا نروحلها .."
نهض عماد مسرعا وهو يركض خلفه داعيا الله الا ينتقم منه كمال لما فعله بالماضي ..
........................................................................
اوقف كمال سيارته امام منزل عماد وهبط منها مسرعا وقلبه ينبض بلهفة .. تبعه عماد الذي ضغط على جرس الباب لتفتح الخادمة له الباب فيدلف عماد الى الداخل يتبعه كمال .. اشار له عماد نحو صالة الجلوس فدلف كمال اليها بقلب ينبض بعنف ليجدها فارغة فيلتفت الى عماد الذي تجهمت ملامحه والذي قال بتوتر :
" انا سبتها هنا .."
ثم اكمل بجدية :
" هشوفها يمكن دخلت الحمام .."
ركض مسرعا نحو المطبخ ليسأل الخادمة عن ضيفته لتخبره انها في الاعلى تجلس مع ريهام في غرفتها ..
تنفس الصعداء وهو يصعد الى الاعلى ليجد الفتاتين تضحكان بصوت عالي فابتسم وهو يطرق على الباب ويفتحها فنهضت ليديا بسرعة من مكانها وقد تذكرت اخيرا لماذا جائت الى هنا ..
نظرت اليه بتوتر ليبتسم عماد وهو يهمس لها :
" كمال بيه والدك تحت يا انسة ليديا وهو عاوز يشوفك .."
نظرت ليديا الى ريهام التي اتسعت عينيها بتعجب بينما اكمل عماد بجدية :
" مش يلا تنزلي تشوفيه .."
أومأت ليديا برأسها وهي تتجه خارج الغرفة نحو الطابق السفلي ..
حيث كان يقف كمال في صالة الجلوس منتظرا قدوم ليديا وفي عقله يرسم ملايين السيناريوهات من ضمنها ان الفتاة خرجت من المنزل وقررت الرحيل دون رؤيته ..
عندما وصل الى هذه النقطة هم بالخروج من المكان ليصطدم جسده بليديا التي تراجعت الى الخلف بينما وقف كمال ينظر اليها مصعوقا وهو يهمس بلا وعي :
" انجيلا .. انتي انجيلا .."
اخذت ليديا تنظر اليه بتمعن فهذا الرجل والدها الذي انجبها .. لم تشعر بأي شيء ناحيته فهو غريبا عنها تراه للمرة الاولى بعد خمسة وعشرين عاما .. عندما سمعته يهمس باسم والدتها همست بعينين دامعتين :
" انجيلا ماتت .. ماتت .."
تفاجئت ليديا بكمال يجذبها نحوه ويحتضنها بينما انسحب عماد من المكان ليجد ابنته تقف على السلم وتنظر له بحيرة فأشار لها ان تصعد الى الطابق العلوي ..
ظل كمال محتضنا ليديا بقوة وكأنه قد وجد ضالته اخيرا .. لقد اعادت له ليديا ذكريات الماضي كلها واعادت له حب حياته التي ظن انه فقدها مبكرا ..
اغمض عينيه محاولا السيطرة على دموعه التي تساقطت رغما عنه اما ليديا فلم تستوعب ما يحدث ..
كانت هذه التصرفات غريبة عنها بعض الشيء .. هي تعرف ان العرب عاطفيين بطبيعتهم لكنها لم تتوقع هذا الاستقبال الحافل من والدها .. لقد ظنت انه سيرفض الاعتراف بها او يقابلها ببرود وضيق لظهورها في حياته بعدما تخلى عن والدتها مسبقا ..
ابعدت هذه الافكار عن رأسها بعدما ابتعد عنها واخذ ينظر الى وجهها بحب قبل ان يقبلها من جبينها ويهمس لها :
" ليديا .. بنتي .."
ابتسمت بحرج وهي تومأ برأسها لتجده يجذبها على الكنبة ويسألها :
" احكيلي كل حاجة عنك .. كنت عايشة فين وازاي ..؟!"
تلعثمت ليديا وهي تجيبه بتردد :
" دي حكاية طويلة اووي .."
انتبه الى لهجتها المصرية الغير صحيحة لكنها مفهومة فسألها :
" انتي اتعلمتي تتكلمي مصري فين ..؟!"
ابتسمت وهي تجيبه:
" ماما اصرت اني اتعلم اللهجة المصرية .. فضلت تعلمني اتكلم مصري من انا طفلة .."
ابتسم وهو يقول بشرود :
" انا اللي علمت انجيلا تتكلم مصري .. فضلت اعلم فيها طول خمس سنين لحد ما بقت تتكلم لهجتنا كويس بس بردوا مكسر زيك .."
صمتت ليديا ولم ترد عليه بينما نظر كمال الى رقبتها فوجد الصليب معلق فيها فسألها بتردد:
" ايه ده يا ليديا ..؟!"
لمست الصليب وقالت بحب :
" ده الصليب .."
سألها بخوف :
" ليه ..؟! انتي ديانتك ايه بالضبط ..؟!"
ابتسمت واجابته :
" انا مسيحية كاثوليكية زي ماما .."
وهذه نقطة اخرى جعلته ينظر اليها بصدمة ..

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل الثالث 3 ) 


وقف كمال امام زوجته نورا التي تنظر اليه بملامح مصدومة تحاول ان تستوعب ما تفوه به زوجها ..
ظلت صامتة لوقت طويل دون ان تتحدث حتى ان كمال قلق عليها فاقترب منها ومسكها من ذراعها وقال بجدية :
" نورا .. حبيبتي انتي كويسة ..؟!"
نظرت اليه بعينين دامعتين وقالت بصوت شاحب :
" ليه يا كمال ..؟! ليه مقولتليش..؟!"
اجابها بصدق :
" انا لسه عارف من ساعتين .. وجيت قولتلك على طول .."
ابعدت ذراعها عنه بعنف وقالت بحقد :
" ليه مقولتليش على موضوع جوازك قبلي ..؟! ليه خدعتيني واتجوزتني وانت مبتحبنيش ..؟!"
زفر انفاسه وقال محاولا احتوائها :
" ليه بتقولي كده يا نورا ..؟! انت عارفة اني بحبك وانتِ مراتي وحبيبتي وام عيالي وكل حياتي .. انجيلا .."
صمت قليلا محاولا ابتلاع غصته وهو يردف :
" انجيلا كانت ماضي .. ماضي وانتهى .. بس ليديا .. ليديا ملهاش ذنب فحاجة .. دي بنتي .. وانا لازم اعترف بيها واعوضها عن كل اللي فات .."
سألته نورا بصوت جدا :
" اتكلم بصراحة .. انت عاوز ايه مني دلوقتي ..؟!"
اجابها بجدية :
" ليديا لازم تعيش هنا .. معانا .."
صرخت بغضب :
" مستحيل .. انت عايز تجيب بنت غريمتي فبيتي .. انت اكيد اتجننت .."
صاح كمال بدوره :
" اولا صوتك ده ميعلاش على صوتي .. ثانيا دي بنتي .. فاهمة يعني ايه بنتي ..؟! وغريمتك اللي بتتكلمي عليها دي ماتت .. المفروض اننا ندعيلها بالرحمة .."
صاحت بنفاذ صبر :
" انا مليش علاقة فكل ده .. بنتك انت حر فيها .. لكن تجيهالي هنا .. لا والف لا .. انا مش هربي بنت حبيبتك عندي .. انت فاهم ..؟!"
" يعني ايه ..؟! بتعانديني يا نورا ..؟!"
صرخ بها بغضب لتهطل دموعها وهي تجيبه :
" انا عمري معاندتك .. طول عمري بطيعك فكل حاجة .. بس لحد هنا وكفاية .. انا مش هقدر اتقبلها فحياتي .. "
" نورا .."
صرخ بها بحدة ليخرج سليم اخيه من غرفة المكتب حيث قد جاء مع اخيه بعدما اخبره بحقيقة وجود ابنه له وطلب منه ان يرافقه الى منزله كي يخبر نورا بكل شيء ويقنعها ببقاء ليديا في منزله .،
قال سليم وهو يقترب منهما محاولا تهدئة الوضع :
" فيه ايه يا جماعة ..؟! ممكن تهدوا .. صوتكوا عالي .. "
ردت نورا ببكاء :
" عاوز يجيب بنته من حبيبته القديمة ويخليها تعيش معايا ..والمفروض اني اتقبلها عادي واستقبلها وارحب بيها كمان .."
نظر سليم الى ملامح اخيه الواجمة وقال بجدية :
" نورا معاها حق يا كمال .. مينفعش ليديا اعيش معاكم هنا .."
وقبل ان يصرخ كمال به اكمل سليم بجدية :
" لازم تمر فترة عالاقل تكون نورا استوعبت بيها الخبر ووجود بنت ليك وساعتها هي بنفسها هتطلب منك تجيبها البيت هنا .."
ثم اردف :
" ليديا هتعيش فبيت جدها يا كمال ... بيت العيلة اللي هو بيتنا كلنا .. هتفضل معانا لحد ما نورا تقرر امتى اجي اعيش فبيتك .. اظن كده مرضية يا نورا .."
تطلعت نورا الى سليم بعينيها الحمراوين قبل ان تتجه مسرعة الى غرفتها بالطابق العلوي ليصيح سليم بأخيه :
" فيه ايه يا كمال ..؟! انت لازم تقدر موقفها .. عاوزها تتقبل بنتك بالسرعة دي .. اديها فترة تستوعب اللي حصل .."
زفر كمال نفسا قويا وقال بضيق :
" انا اللي يهمني دلوقتي ليديا .. انا لازم اعوضها عن كل دقيقة عاشتها بعيد عني .."
اومأ سليم برأسه وقال :
"وانا معاك .. كلنا لازم نعوضها .. جبها عندي فبيت العيلة وخليها معانا .. وصدقني نورا لما تهدى وتستوعب كل حاجة هتوافق تعيش معاكم .."
" يارب .."
قالها كمال بترجي بينما قال سليم بجدية :
"دلوقتي نروح نكلم امك وفريال ونعرفهم بكل حاجة وبعدها نجيب ليديا عندنا .."
سأله كمال بسخرية :
" وانت فاكر مراتك هتستقبل بنتي عادي ..؟!"
رد سليم بهدوء :
" ايوه هتستقبلها وترحب بيها .. فريال صحيح صعبة وشخصيتها قوية .. بس الفكرة هنا مختلفة .. فريال مش بتحب مراتك وبالتالي وجود ليديا هيسعدها عشان فاكرة كده هتغيظ نورا .. شغل ستات ملناش دعوة بيه .."
ابتسم كمال ساخرا وقال :
" طب يلا بينا نروح نكلم مراتك وامك قبل ما الدنيا تظلم .."
اومأ سليم برأسه وتحرك امامه ليتجه كليهما الى منزل العائلة ..
......................................................................
" يعني انت عندك بنت من انجيلا الفرنسية يا كمال ..؟!"
قالتها جميلة والدته بصدمة ليومأ كمال برأسه وهو يقول بحسرة :
" انجيلا اللي قلتولي انها ماتت وخليتوني اعيش فحسرتها .."
ابتلعت جميلة ريقها وقالت بوجع :
" انا مليش دعوة .. ده كان قرار ابوك .. وثانيا ربنا عوضك بنورا .. نورا اللي كانت احسن زوجة ليك .."
تدخلت فريال بالحوار قائلة بغيظ :
" متبغاليش يا مرات عمي .. نورا مش ملاك للدرجة دي .."
رماها سليم بنظرات محذرة بينما رد كمال بجمود :
" نورا مفيش زيها يا فريال .. انا عشت معاها اكتر من ثلاثة وعشرين سنة عمري مشفت منها حاجة وحشة .."
كتمت فريال غيظها بينما اكمل كمال بجدية وهو يسأل فريال :
" بس اللي عايزة اعرفه يا فريال .. بنتي مرحب بيها عندك لفترة صغيرة .. واتمنى يكون ردك صريح ومن غير مجاملات .."
وقبل ان ترد فريال قالت جميلة ؛
" ده مش بيت فريال .. ده بيت العيلة .. وبنتك مكانها هنا معانا .."
تنحنحت فريال تقول  محاولة اخفاء حرجها :
" كلام مرات عمي صح .. ده مش بيتي .. ده بيت العيلة .. وبنتك تشرفنا بأي وقت .. زيها زي ولادي .."
ابتسم كمال بإمتنان قبل ان يشير الى والدته قائلا :
" ماما مش هوصيكي .. ليديا هتفضل امانة عندك .. "
ربتت الام على يده وقالت :
" متخافش بنتك فعيني .."
نهض كمال من مكانه وقال بجدية :
" انا هروح اجيبها من الاوتيل .. "
ثم خرج بسرعة ليجلب ليديا من الفندق ..
......................................................................
كانت نورا جالسة تبكي بصمت حينما دلف يوسف ابنها الاكبر الى الفيلا ليتفاجئ بوضعها هذا ..
اقترب منها وسألها بقلق :
" فيه ايه يا ماما ..؟! مالك ..؟! بتعيطي ليه ..؟!"
كفكفت دموعها وقالت بحسرة :
" ابوك .. "
" ماله ..؟!"
سألها يوسف بقلق لترد وهي تبتلع ريقها بتوجس :
" طلع عنده بنت غيركوا..."
" بنت ايه ..؟!"
قالها مراد بصدمة والذي ولج لتوه الى الفيلا عائدا من درسه الخصوصي بينما انتفض يوسف من مكانه بعدم تصديق لتجيبهم نورا بألم :
" بنت يا مراد .. مش فاهم يعني ايه بنت ..؟!"
سألها يوسف بغضب :
" يعني ابويا متجوز عليكي وكمان مخلف بنت ..؟!"
قاطعته نورا بسرعة :
" لا الكلام ده كان قبل ميتجوزني .. وهو طلق الست دي بردوا قبل جوازنا .. كمان هو النهاردة عرف بموضوع بنته ..."
تطلع الاخوين الى بعضيهما قبل ان يهتف مراد محاولا الفهم اكثر :
" يعني البنت دي عندها كام سنة ..؟! وكانت فين كل السنين دي ..؟!"
اجابته نورا :
" عندها حوالي خمسة وعشرين سنة .. كانت عايشة ففرنسا مع والدتها ومكانتش تعرف انوا ابوكم هو ابوها .."
سألها يوسف بعدم فهم :
" طب ووالدتها عملت ليه كل ده ..؟! "
قالت نورا وقد فقدت اعصابها :
" مش عارفة .. انا مش عايزة حد يجيب سيرة الست دي او بنتها هنا .. انتوا فاهمين ..؟!"
ثم اندفعت مرتفعة الى الطابق العلوي ليظل الابنين لوحديهما حيث قال مراد بتهكم :
" دي صدمة العمر .. بقى انا عندي اخت عندها خمسة وعشرين سنة .."
قال يوسف بدوره :
" هو ده كل اللي هامك .. مش هامك المشكلة الكبيرة اللي هتحصل بين امك وابوك .. ولا العيلة وكلامهم .."
رد مراد بسخرية :
" العيلة .. العيلة اللي مش عاجبها العجب .. يا عم فكك منهم .. المهم احنه دورنا ايه فده ..؟!"
قال يوسف بجدية :
" ولا اي حاجة .. نستنى كام يوم الوضع يهدي ونشوف هنعمل ايه .."
اومأ مراد برأسه وقال بجدية :
" اروح انا بقى اناملي ساعتين عشان هخرج بالليل مع صحابي .."
قال يوسف بضيق :
" يابني انت معندكش دم .. صحاب مين اللي تخرج معاهم واحنه لسه مصدومين فحكاية الاخت اللي ظهرت فجأة دي ..؟!"
رد مراد ببرود :
" انت ليه محسسني انوا فيه حد مات .. طلع عندنا اخت .. يا اهلا وسهلا .. مدايقين ايه ..؟!"
" تصدق صح .. مفيش حاجة تخلينا ندايق .. اساسا الحياة حلوة وسعيدة ومفيش حاجة تخلينا نزعل اصلا .."
قالها بإستهزاء وهو يخرج مفاتيح سيارته ويخرج من الفيلا بينما هز مراد رأسه بلا مبالاة وهو يصعد الى غرفته فالطابق العلوي ..
....................................................................
كانت ليديا تجلس بين جدتها ونور ابنة سليم ترمق عمها وزوجته فريال بنظرات مستغربة ثم تعود وتنظر الى والدها بنظرات مرتبكة ..
لقد اندهشت حينما وصلوا الى قصر العائلة فلم تتخيل انهم اغنياء الى هذه الدرجة .. القصر كان فخم وكبير كقصور الملوك والامراء ..
استقبال جدتها لها كان رائعا حيث احتضنتها بحنان بالغ ولمحت دموع جامدة في عينيها ..
اما زوجة عمها فكان استقبالها راقيا تماما مثلها ..
ونور ابنة عمها رحبت بها بحرارة شديدة محاولة ان تطمئنها خصوصا انوا الجمود والخجل كان واضحا عليها ..
انتبهت ليديا الى حديث فريال التي قالت بإعجاب :
" ماشاءالله بنتك زي القمر يا كمال .. اكيد شبه مامتها .."
ابتسم كمال وهو يتأملها قبل ان يرد عليها :
" نسخة منها .."
ردت فريال بخبث :
" للدرجة دي كنت بتحبها ..؟! اصل الرجل لما يحب الست اوي ولاده بيطلعوا نسخة منها .."
رمقها سليم بنظرات محذرة بينما ابتسم كمال مجاملة ..
انتبهت جميلة الى قلادة الصليب التي تحيط رقبة ليديا لتهتف بسرعة :
" ايه ده يا بنتي ..؟! ايه اللي انتي لابساه ده ..؟!"
ردت ليديا بعفوية :
" ده اسمه الصليب .."
قاطعها كمال بسرعة :
" ليديا بتلبس العقد ده عشان كانت هدية ليها من مامتها .. هي متعلقة بيها عشان بتفكرها بيها .."
قالت فريال بسرعة :
" بس كده حرام .. مينفعش تبقى مسلمة وتلبس الصليب .."
قالت ليديا بسرعة :
" لا انا مش مسلمة .. انا مسيحية .."
تطلع الجميع اليها بصدمة بينما ابتلع كمال ريقه بتوتر لتهتف جميلة اخيرا :
" كلام ايه اللي بتقوله بنتك يا كمال ..؟! مسيحية ازاي ..؟! مسيحية ازاي وانت مسلم ..؟!"
رد كمال بهدوء :
" سيبي ليديا على راحتها يا امي .. هي لسه جديدة هنا وهتاخد وقت لحد متتعود على عاداتنا وتقاليدنا .. "
قالت فريال متدخلة فالحوار :
" بس طالما الاب مسلم يبقى البنت تبقى مسلمة .. العالم كله ماشي كده .."
قالت ليديا وقد فهمت الحوار نوعا ما :
" الدين مش بالولادة .. الدين اختيار .. وانا اخترت الدين المسيحي بعد ما قريت عنه وفهمته كويس وحبيته .."
نظر كمال اليها بضيق ثم عاد ببصره الى والدته وقال :
" يا امي لازم نراعي انها عاشت طول عمرها بعيدة عننا فبلد اوروبي وكمان والدتها كانت مسيحية وربتها عالدين المسيحي .. واحنه طول عمرنا بنحترم كل الاديان .. وانا واثق انوا ليديا لما هتعيش معانا وتتعرف على دينا وتحبه هي بنفسها هتعلن اسلامها وانتي ممكن يا ست الكل هتعرفيها دينا اكتر وتقريبها منه .."
قالت ليديا بدورها :
" انا حابة بجد اتعرف على دينكم .. لكن ده مش معناه اني اسيب ديني .. عموما انا بحترم دينكم وبحترم كل الاديان السماوية .."
نظر اليها ملامح متجهمة بينما كانت نظرات ليديا واثقة فهي لن تسمح لاي احد بالمساس بها او بدين والدتها الذي تربت عليه واحبته بشدة .. احبته لدرجة انها في وقت من الاوقات فكرت في ان تصبح راهبة تخدم الكنيسة وتتعبد طوال الوقت فيها .. 
ضمت جميلة شفتيها بضيق بينما قالت نور محاولة انهاء التوتر الذي سيطر على الاجواء :
" ايه رأيك يا ليديا تقومي معايا ..؟! تشوفي اوضتك ..؟! هتعجبك اووي .."
ابتسمت ليديا وقالت :
" اوك .."
ثم نهضت تتبع نور حيث اخذتها الاخيرة الى غرفتها ..
.......................................................................
بعد مرور عدة ساعات ..
كانت ليديا تجلس بجانب جدتها تستمع الى احاديثها عن العائلة تحاول ان تعرفها على افرادها فردا فردا بينما ليديا تستمع اليها وعلى شفتيها ابتسامة دون ان تفهم حرفا واحدة فقد اكتظت عليها الاحاديث ..
دلف حسام الى الداخل والقى التحية ليتفاجئ بليديا امامه فسأل والدته بدهشة :
" مين دي يا ماما ..؟!"
اجابته فريال بجدية :
" دي ليديا بنت عمك كمال .."
قال حسام بسخرية :
" مبلاش هزار بقى .. هو عمي كمال اتبنى بنت على اخر عمره .."
رمقته فريال بنظرات محذرة وهي تجيبه :
" انا مش بهزر يا حسام .. حاسب على كلامك .. انا بقول الحقيقة .. دي ليديا بنت كمال من مراته الاولانية اللي اتجوزها ففرنسا وقت دراسته ومتسألنيش اكتر عشان انا تعبت وانا بعيد نفس الكلام لمرات عمك جمال وعمتك .."
اتسعت عينًا حسام بعدم تصديق قبل ان يبتسم وهو يحيي ليديا بترحيب محاولا اخفاء دهشته التي جعلته يبدو كالابله للحظات ..
جلس بجانب نور وهو يتأمل ليديا بعينيه ثم سألها :
" هي جنسيتها ايه بالضبط ..؟! اصل الشكل واللهجة مش مصري خالص .."
اجابته نور بصوت خافت :
" فرنسية .. وخد الكبيرة كمان .. مسيحية .."
اتسعت عينا حسام للحظات قبل ان يبتسم بتهكم :
" يا ماشاءالله .. اهي كملت .."
قالت نور بنفس الخفوت :
" بس البنت شكلها طيبة جدا ولطيفة .. جدتك بقالها ساعتين بتشرحلها شجرة العيلة .."
ابتسم حسام بتهكم وقال :
" قال يعني من جمال ولطافة العيلة .."
رمقته نور بنظرات محذرة كي لا يسمعه احد بينما ابتسم هو ببرود ليدلف مصطفى بعد دقائق ويلقي التحية بلا مبالاة قبل ان تتسع عيناه وهو ينظر الى ليديا فيصفر عاليا وهو يقول بسرعة :
" مين المزة دي ..؟!"
نهضت فريال من مكانه وضغطت على ذراعه بقوة قائلة بحدة :
" اخرس خالص وبطل حركاتك السخيفة دي .. دي ليديا بنت عمك كمال .."
جحظت عينا مصطفى الذي قال بلا وعي :
" عمي كمال عنده بنت مزة كده .. لا انتي اكيد بتهزري..؟! الانتاج ده لا يمكن يكون من عيلتنا .. الانتاج ده امريكاني .. اوروبي .. اسباني .."
" انا هروح اوضتي .. قبل ما اتجلط .."
قالتها فريال وهي بالكاد تكتم غيظها ليحملق مصطفى بليديا بعينين متسعتين وفاه مفتوح حتى هتف به حسام :
" يابني كفاية كده .. شكلك عامل زي الاهبل .." 
اقترب مصطفى منه وقال لها :
" ممكن تقفي .."
نظرت له ليديا بإستغراب ثم وقفت تحت انظار الجميع المندهشة ليسألها :
" الشعر ده طبيعي ولا مصبوغ ..؟!"
" الله يخربيتك .. هتفضحنا .."
قالها حسام بصوت عالي بينما رمقته ليديا بنظرات مندهشة ليكمل ببلاهة :
" طب العيون دي حقيقية ولا لينسز .."
جذبه حسام من ذراعه واجلسه بجانبه وهو يهتف به بصرامة :
" اتنيل واقعد بقى عشان فضحتنا .."
ليقول مصطفى ببلاهة :
" البت دي لا يمكن افوتها .. دي هي اللي هتحسن نسل العيلة .."
قال حسام بسخرية :
" دي أكبر منك بسبع سنين او اكتر .."
رد بلا مبالاة :
" الحب عمره مبيفرقش معاه العمر .،"
ضربه حسام على رقبته ليصرخ مصطفى الما بينما هتف حسام به :
"اتلم بقى واحترم نفسك .. ولاحظ انك بتتكلم عن بنت عمك .. ها بنت عمك .."
ابتسم مصطفى وقال موجها حديثه لليديا 
" يا اهلا .. يا اهلا ببنت الغالي .. منورانا والله .. منورة مصر والوطن العربي كله .."
ابتسمت ليديا وهي تجيبه :
" شكرا .."
.........................................................................
كانت عليا تسير حول نفسها عدة مرات وهي تحاول الاتصال بادهم الذي يرفض اتصالاتها المتكررة ..
هتفت اخيرا موجهة حديثها الى والدتها واختها صبا :
" بردوا مش بيرد .."
ردت صبا بملل :
" ارحميه بقى .. ده الاتصال رقم ثلاثين .. خفي شوية .."
بينما قالت جيجي والدتها :
" يا بنتي اكيد عنده شغل .. مانتي كلمتي نور ثلاث مرات لحد دلوقتي وقالتلك انوا لسه مرجعش البيت .،"
جلست عليا بجانب والدتها وقالت بضيق :
" مبيردش ايه ..؟! بيتجاهل مكالماتي ايه ..؟!"
ثم اكملت بتذمر :
" مش كفاية المصيبة اللي حلت فوق دماغنا .."
سألتها صبا بعدم فهم :
" مصيبة ايه يا عليا ..؟!"
ردت عليا بنفاذ صبر:
" يووه يا صبا متركزي .. بتكلم عن البنت الفرنساوية .. بنت عمك اللي ظهرت من تحت الارض دي .."
" طب ايه اللي مدايقك منها ..؟!"
سألتها صبا بدهشة لترد عليا بغيظ :
" هو انتي مش معانا ولا ايه يا صبا ..؟! انتي مسمعتوش كلام طنط فريال .. قالت هتعيش فبيت العيلة .. يعني هتبقى فوش ادهم ليل ونهار .."
قالت صبا بسخرية :
" انتي مش هتبطلي غيرتك التافهة دي .. متخليكي واثقة فنفسك شوية .،"
ردت عليا بعصبية :
" لا يا صبا انا واثقة بنفسي جدا بس انا لازم احافظ على ادهم من الستات اللي حواليه .."
ردت صبا بهدوء :
" لو واثقة انوا بيحبك بجد يبقى ملوش لزوم تخافي عليه لانوا المفروض مش هيشوف ست غيرك .."
قالت عليا بتهكم :
" انا واثقة فيه وواثقة فحبه بس مش واثقة فالستات الكتير اللي حواليه واللي كلهم عينهم منه .،"
قالت جيجي داعمة اياها في حديثها :
" معاكي حق يا عليا .. انتي نسيتي خطيبك ده يبقى مين وابن مين .. العيون كلها عليه .."
رمقتهما صبا بدهشة وقالت :
" وانتي ان شاءالله هتفضلي مشغلة برج المراقبة بتاعك طول العمر .."
ردت عليا بجدية :
" انا كل اللي يهمني البنت الفرنسية دي .. انا لازم ابعدها عنه .."
ثم اشارت لوالدتها قائلة :
" ماما ممكن نجيبها تعيش معانا .. عالاقل نبعدها عن ادهم وتبقى تحت عينينا .."
صاحت بها جيجي :
" انتي اتجننتي يا عليا .. اجيبها هنا فين .؟! مع اخوانك .. افرضي حد منهم اتنيل وحبها .. اعمل ايه انا ساعتها ..؟!"
ردت عليا بحزن :
" يعني اسيبها تغري خطيبي وتاخده منه .."
قالت صبا بعدم تصديق :
" تغري مين وتحب مين ..؟! دي واحدة عايشة طول عمرها ففرنسا .. يعني شافت شباب احسن من ادهم وخالد وكريم بألف مرة .. وتسعين فالمية هتلاقيها مرتبطة فشاب من هناك .. انتوا فاكرين انوا وحدة زيها هتبص لشبابنا .. يا جماعة اكيد تربيتها وطريقة تفكيرها وحياتها مختلفة تماما عننا .. ثانيا مش يمكن تكون بنت كويسة ومحترمة .."
قاطعتها عليا بسخرية :
" محترمة ..؟! دي فرنسية .. عارفة يعني ايه فرنسية .. يعني اجنبية وانتي عارفة الاجانب بيغيروا الرجالة زي الشرابات وعندهم كل شيء مباح .."
رمقتها صبا بنظرات باردة قبل ان تنهض من مكانها وتتجه للطابق العلوي فقالت جيجي :
" فكك من اختك .. فاكرة الناس كلها طيبة .. مش كفاية العرسان اللي بترفضهم .."
ردت عليا :
" بنتك دي خايبة وعمرها مهتشوف الخير بخيبتها دي .."
قالت جيجي بجدية :
" سيبك من صبا وركزي مع خطيبك .. انتي لازم تقدمي معاد الفرح وتخلي خلال الشهر الجاي .."
" هعمل كده فعلا .."
قالتها عليا وهي تفكر في امر تلك الفتاة الفرنسية وتحاول ان تتخيل شكلها قبل ان تقرر ان تذهب غدا في الصباح الباكر الى منزل عمها للتعرف عليها ..
.....................................................................
دلف ادهم الى منزله بعد يوم عمل طويل ومرهق ليجد اخويه حسام ومصطفى يجلسان مع نور ..
نهض مصطفى من مكانه واقترب منه قائلا :
" انت فين يا عم ..؟! سايبنا لوحدنا .. فاتك كتير .."
قال ادهم بضيق :
" بقلك ايه انا تعبان جدا ومليش خلق لحركاتك التافهة .."
قال مصطفى بجدية :
" حركات تافهة ايه .. ؟! شكلك لسه مش عارف اللي حصل "
" حصل ايه ..؟!"
سأله ادهم بعدم فهم ليرد مصطفى بإبتسامة واسعة :
" فوق يا خويا .. فوق فيه قنبلة موقوته هتنفجر فوش العيلة كلها .."
اشار ادهم لحسام ونور متسائلا :
" بيقول ايه الواد ده ..؟!"
رد مصطفى :
" انت مش مصدقني .. طب اصعد فوق وشوفها بنفسك .."
صاح ادهم بنفاذ صبر :
" متتكلموا .. انا متنيل تعبان ومليش خلق للاخد والعطا .."
رد حسام بهدوء :
" كمال عمك طلع مخلف بنت زمان ايام دراسته ففرنسا والبت زارته النهاردة وشافته وهو جابها هنا تعيش معانا .. ده مختصر الكلام .."
" بتقول ايه ..؟! بنت ايه وفرنسا ايه ..؟!"
قالها ادهم بدهشة ليرد مصطفى :
" بنت صاروخ يا ادهم .. بنت ملهاش زي .. ملاك ماشي عالارض .."
جذبه ادهم من ذراعه بقوة وهتف به بنبرة حازمة :
" هتتلم ولا اتصرف معاك .."
" يا عم ايدك تقيله ابعد بقى .. بهزر مينفعش اهزر .."
قالها مصطفى بضيق وهو يجلس في مكانه بينما قالت نور بسرعة :
" فكك من ده كله .. عليا اتصلت ثلاث  مرات لحد دلوقتي وبتسأل عنك .."
زفر ادهم انفاسه بضيق وقال :
" واضح اني مش هخلض النهاردة .. هي مبتزهقش ابدا .. مش قادرة تستوعب انوا عندي شغل .."
قالت نور :
" طب معلش كلمها وطمنها عليك .."
رد ادهم بتعب ؛
" لا هتكلم ولا اتنيل .. انا هخش اغير هدومي وانام فورا .. انا مش قادر اصلب طولي من كتر التعب .. ومحدش يصحيني لا على العشا ولا غيره .. تصبحوا على خير .."
قالها وهو يصعد الى الطابق العلوي تحت انظار اخوانه المندهشة .. سار متجها الى غرفتها لينصدم بفتاة ذات قوام ممشوق توليه ظهرها وهي تتحدث بالهاتف بينما شعرها الاشقر الكثيف بأمواجه المتمردة يغطي ظهرها بالكامل ..
تطلع ادهم اليها بدهشة وهو يراها تتحدث بالهاتف بلهجة فرنسية لم يفهم منها شيئا لكنه عرف على الفور انها فرنسية حيث سمع هذه اللهجة مسبقا حينما سافر الى فرنسا عدة مرات ..
جذبته لهجتها الرقيقة ونبرة صوتها الناعمة والتي لم يسمع مثلها من القبل والتي زادتها الكلمات الفرنسية حلاوة ..
ابتلع ريقه وهو يتمنى ان يرى وجه صاحبه هذا الصوت المميز والشعر الرائع والقوام الفرنسي الجذاب ..
ظل واقفا في مكانه كالصنم ينتظر منها ان تستدير ليرى شكلها .. انهت ليديا مكالمتها اخيرا لتتوقف انفاس ادهم وهو يراها تستدير نحوه فأول شيء يراه هو عينيها الزرقاوين اللاتي اسرتا عينيه بنظرة طويلة المدى جعلته يفقد جميع حواسه وينسى كل شيء حوله ..
ابعد اخيرا عينيه عن عينيها محاولا الفرار من أسرهما الفتاك حيث اخذ يتأمل ملامح وجهها الناعمة بتأني كمن يتأمل لوحة من الجنة .. كان قلبه ينبض بعنف لم يستوعبه .. كان مأسورًا بملامح وجهها التي لم تكن فائقة الجمال لكن كان بها شيئا غريبا يجذبه كالمغناطيس لدرجة جعلته يتمنى لو يكون رساما ويرسم وجهها عدة مرات دون ان يمل ..
استوعب اخيرا افكاره وشروده بها ليتنحنح بحرج وهو يهتف :
" مساء الخير .."
ابتسمت ليديا بخجل اطاح بقلبه الذي كان يخفق بجنون واجابته بلكنتها الخاصة والتي زادتها جاذبية في نظره :
" مساء النور .."
ثم حاولت ان تسأله عن اسمه ومن يكون لكنها فضلت عدم التدخل بما لا يعنيها ..
شعر هو بنظراتها الفضولية فقال معرفا عن نفسه بثقة :
" انا ادهم .. ابن عمك سليم .."
مد يده نحو لتمد يدها ببساطة فيتحضن كفها الابيض الصغير بكفه الاسمر الضخم ليشعر بدفئ غريب يجتاحه بقوة ..
ظلت ليديا تنظر الى يده المحكمة على يدها بإستغراب قبل ان ينتبه ادهم لنفسه ويحرر يدها فتهتف ليديا :
" اهلا بيك اد.."
ثم تلكأت في نطق اسمه وحاولت ان تنطقه عدة مرات دون فائدة لينطق ادهم اسمه امامها حوالي عشرات مرات دون ان يمل وهي تكرر بعده وتخطأ حتى نطقت بعد المراة الحادية عشر :
" ادهم .."
شعر ادهم انه اصبح لإسمه وقع خاص لم يشعر به مسبقا بينما لم تنتبه ليديا كل هذا بل كانت سعيدة بقدرتها على نطق اسمه بشكل صحيح :
" قلته صح كده .."
اومأ ادهم برأسه وهو ينظر الى عينيها وقال :
" صح فعلا .."
ثم سألها وقد تذكر لتوه انه لم يسألها على اسمها :
" انتي اسمك ايه صحيح ..؟!"
اجابته برقة :
" ليديا .."
ابتسم وهو يلفظ اسمها بإستمتاع :
" ليديا .. اسم جميل ومختلف زي صحبته .."
" انا هنزل تحت عند نور والباقي .."
قالتها وهي تتجه نحو السلم ليراقبها ادهم حتى اختفت من انظاره ليدخل الى غرفته وهو يتنهد بعمق قبل ان يغير ملابسه مسرعا ويهبط الى الطابق السفلي ناسيا كل تعبه وارهاقه ونومه المنتظر فكل ما يهمه الان ان يرى ليديا ويتعرف عليها اكثر ..

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل الرابع 4 ) 


هبط ادهم الى الطابق السفلي ليجد نور في وجهه والتي سألته بتعجب :
" انت مش قلت انك تعبان وهتنام ..؟!"
ابتسم وقال كاذبا :
" كنت هنام بس معرفتش .. جعان جدا ..العشا جاهز ولا لسه .."
" ثواني اقول للخدامة تحضره .."
قالتها نور وهي تتجه نحو المطبخ بينما اتجه ادهم لصالة الجلوس ليجد ليديا تتحدث مع حسام ومصطفى ينظر اليها وابتسامة بلهاء على وجهه ..
جلس ادهم بجانب مصطفى يستمع الى حوار ليديا مع حسام ثم انتبه الى اخيه فقال له بضيق :
" شيل ابتسامتك الهبلة دي عشان شكلك مسخرة اووي .."
التفت اليه مصطفى للحظات ثم عاد ببصره نحو ليديا وحسام وقال بجدية :
" ايه رأيك فالقنبلة الموقوتة دي ..؟!"
رمقه ادهم بنظرات حانقة وقال :
" مصطفى .. لسانك ده يتلم واسلوبك يتغير .."
ضيق مصطفى عينيه قائلا بضيق :
" مالك بتكلمني زي ماما فريال .. "
رد ادهم بجمود :
" مصطفى .."
اختفت ابتسامة مصطفى الذي اومأ برأسه وقال بضجر :
" حاضر حاضر .."
انتبه حسام الى حديثهما الخافت فسألهما :
" ايه مالكم ..؟! بتتكلموا بصوت واطي كده ليه ..؟!"
رد مصطفى بجدية :
" ادهم كالعادة بينبهني عالمذاكرة والثانوية .." 
ثم اكمل وهو يشير لليديا:
" اصل ثانوية عامة .. وهدخل الجامعة قريب .."
ابتسمت ليديا وقالت :
" بجد .. حلو اووي .."
ابتسم مصطفى بسعادة بينما سألها ادهم بإهتمام :
" انتي جيتي مصر امتى يا ليديا ..؟!"
ردت ليديا بجدية :
" امبارح .."
ابتسم ادهم وسألها عن قلادة الصليب :
" حلو الصليب اللي لابساه .. بس لابساه ليه وانتي مسلمة ..؟!"
ردت ليديا بثقة :
" انا مسيحية مش مسلمة .."
فرغ ادهم فاهه وقال :
" ازاي ..؟! انتي مصرية مسلمة مينفعش تكون مسيحية اصلا .."
تغضن جبين ليديا بضيق شعر به ادهم بينما لسانها قال :
" الدين مش بالولادة .. الدين بالاختيار .."
نظر ادهم الى حسام الذي ابتسم رغما عنه بمعنى انها احرجته بينما اخفى ادهم غيظه وقال بهدوء :
" طبعا .. الدين فعلا بالاختيار .. بس يا ترى انتي كان قدامك فرصة تعرفي الدينين وتختاري بينهم ..؟! ولا انتي عشان مامتك كانت مسيحية فقررتي تبقي زيها ..؟!"
همس له مصطفى بتهكم :
" لا برافو يا شيخ ادهم .. اللي يشوفك وانت بتتكلم بيقول انك مش بتفوت صلاة .."
رمقه ادهم بنظرة اخرسته بينما قالت ليديا بهدوء :
"لا مخترتش بينهم .. انا اعتنقت المسيحية من وانا طفلة .. بس لازم تعرف انوا محدش اجبرني .. انا اعتنقته بكامل ارادتي ... وكمان متمسكة بيه جدا .. انا مش حابة ادخل معاك بنقاش ملوش فايدة .. لانوا كل واحد شايف دينه هو الصحيح .. فالافضل اننا نحترم ديانات بعض ومنتكلمش فالموضوع ده اصلا .."
كانت تتحدث بلكنتها المتقطعة الغير صحيحة .. ازداد اعجاب ادهم بها فالفتاة تبدو واعية ومثقفة وذات شخصية قوية وليست مجرد وجه جميل يجذب الانظار ..
منحها ابتسامة خافتك بادلته اياها لينقل حسام نظره بين الاثنين وهو يشعر بثمة شيء ما بينهما سوف يحدث من الايام المقبلة ليهمس بلا وعي :
" وقعتك سودة يا ادهم .. دي عليا تدبحك .."
اقتربت فريال منهم وقالت :
" العشا جاهز .. يلا اتفضلوا لأوضة الطعام .."
نهض الجميع متجهين لغرفة الطعام حيث وجدا سليم مترأسًا المادة ويتحدث مع والدته التي تجلس بجانبه ..
توقفا عن حديثهما حينما وجدا الجميع يتقدم لتقول فريال لليديا مشيرة الى احد الكراسي :
" اقعدي هنا حبيبتي .."
جلست ليديا بخجل ليسارع مصطفى ويجلس بجانبها تحت انظار ادهم وحسام المتهكمة ..
نظرت ليديا الى اصناف الطعام الكثيرة بدهشة واستغربت هذا الكم الهائل من الاطعمة .. تذكرت نفسها في فرنسا فهي لم تكن تتناول العشاء بل تكتفي بقطعة فاكهة ليس لانها لا تستطيع شراء العشاء ولكنها عودت نفسها على تناول ماهو قليل وصحي كي تحافظ على صحتها ورشاقة جسدها ايضا ..
نظرت ليديا الى الطعام بتردد وهي تعرف جيدا ان معدتها لن تتحمل هذا الطعام الدسم لكن عليها ان تتناول القليل منه منعا للاحراج ..
نظرت اليها نور والتي كانت تجلس على جانبها من الجهة الاخرى فهتفت بها :
" شكلك محتارة ومش عارفة اصناف الاكل دي .."
ابتسمت ليديا وأومأت برأسها لتقول جميلة :
" دي اصناف كلها مصرية .. كليها يا حبيبتي وهتعجبك .."
قالت ليديا :
" اكيد هتعجبني .."
وضعت نور امامها عدة ملاعق من اكثر من صنف حتى اوقفتها ليديا بإستيحاء :
" كفاية ده كتير .. ميرسي يا نور .."
ثم بدأت تتذوق لقيمات صغيرة من الطعام لتجده لذيذا بالفعل ..
كانت تأكل ببطأ شديد بينما الجميع يتناول طعامه بصمت .. كان الجو جديدا على ليديا التي لم تحض بجو عائلي كهذا من قبل ..
توقفت ليديا عن تناول الطعام عندما شعرت بالشبع لتسألها فريال بتعجب :
" مش بتاكلي ليه يا ليديا ..؟!"
ابتسمت ليديا وهي تجيب :
" شبعت .."
قالت نور بتعجب :
" شبعتي ازاي ..؟! انتي مكلتيش ربع الطبق .."
سألتها فريال بجدية :
" الاكل مش عاجبك .. تحبي اخليهم يبطخولك حاجة تانية .."
نظر ادهم اها بتركيز بينما اجابت هي بخجل :
" بالعكس طعمه حلو اوي بس انا مش متعودة اكل بالليل .. يعني بالعادة مش بتعشا .."
قال سليم بجدية :
" لا يا حبيبتي لازم تعودي نفسك تتعشي كل يوم معانا .. "
أومأت ليديا برأسها وهي تبتسم بخفوت بينما همس حسام لادهم الجالس بجانبه :
" ابعد عينيك عنها وركز فطبقك قبل محد ياخد باله .. انت مشلتش عينك من عليها طول العشا .."
ارتبك ادهم وهو ينظر الى حسام بتوتر قبل ان يعاود النظر الى طبقه ويتناول ما به بصمت ..
..........................................................................
في صباح اليوم التالي ..
كانت نور تجلس لوحدها في القصر تلعب مع اولادها بينما جميلة جدتها تقرأ القرأن في غرفتها وباقي العائلة خارج القصر ..
انتبهت لجرس الباب فنهضت لفتحه لتتفاجئ بعليا والتي دلفت الى الداخل وهي تقول :
" هاي نور .."
ردت نور بتعجب :
" اهلا عليا .."
دلفت عليا الى الداخل واخذت تتفحص المكان بعينيها لتسألها نور :
" بتدوري على حد يا عليا ..؟!"
سألتها عليا كاذبة :
" امال فين ماما فريال ..؟!"
قالت نور بتهكم :
" ماما .."
ثم اجابتها بجدية :
" راحت تزور خالتي .. وتيتة فأوضتها بتقرأ قرأن .. والباقي بره البيت مفيش غيري .."
سألتها عليا بفضول :
" والبنت الفرنساوية فين ..؟!"
ردت نور وقد تذكرت امرها :
" اه ليديا .. لسه نايمة .."
قالت عليا بقرف :
" ليديا .. اسمها مقرف .."
رفعت نور حاجبها بينما اكملت عليا :
" وكمان لسه نايمة .. هي فاكرة نفسها فأوتيل ولا ايه ..؟!"
" فيه ايه يا عليا مالك ..؟! داخلة عالبنت حامية كده ليه ..؟! تعبانه وجاية من سفر طويل فطبيعي تنام عشان ترتاح .."
رمقتها عليا بنظرات متهكمة دون رد لتجد ليديا تهبط درجات السلم بعد ثواني ..
اتجهت نحوهم بخطوات خجولة لترمقها عليا بنظرة مطولة مفصلة من رأسها حتى أخمص قدميها وقد جذبها فستانها البسيط للغاية والذي يبدو انه رخيصا ايضا ..
ابتسمت نور وقالت :
" صباح الخير يا ليديا .. كل ده نوم .."
ابتسمت ليديا بحرج وهي تتذكر الليلة الماضية حيث لم تستطع النوم بسبب الم معدتها الذي استمر طويلا ولم يختفي حتى الفجر بعد ان تقيأ جميع ما في جوفها ..
انتبهت الى نور التي اردفت :
" احضرلك الفطار ..؟!"
فقالت ليديا بسرعة :
" لا ميرسي مش عايزة .."
" مش تعرفيها عليا يا نور ..؟؟"
انتبهت نور اخيرا الى عليا فقالت معرفة عنها :
" عليا .. بنت عمك جمال .."
ابتسمت ليديا وقالت بعفوية :
" اهلا عليا .."
رفعت عليا حاجبها وهي تنظر الى نور التي تطلعت اليها بعدم فهم لتكمل بتهكم :
" وخطيبة ادهم .. بس نور دائما بتنسى الموضوع ده .."
ردت ليديا بنفس الابتسامة :
" اهلا .."
همست عليا لنور :
" هي فهمت اني خطيبته ولا بتبتسم كده وخلاص .."
اجابتها نور بملل :
" اكيد فهمت .."
حملت عليا حقيبتها وقالت :
" طب اروح انا دلوقتي .. عشان اتاخرت .."
قالت لها نور بنبرة ذات مغزى :
" ده انتي يادوب لسة واصلة.. عايزة تروحي .. ولا خلاص اللي جيتي عشانه شفتيه .."
لم تجبها بل شمخت برأسها وهي تتجه خارج القصر تحت انظار نور المتهكمة وليديا التي لم تفهم اي شيء من حديثهما ..
.......................................................................
كانت عليا تجلس امام ادهم الذي يقرأ في احد الملفات المهمة وهي تتحدث في شتى المواضيع المختلفة بينما الاخير لم ينتبه اليها ابدا حتى وجدها تقول فجأة :
" بس البنت الفرنساوية دي شكلها مش سهل خالص .."
قال ادهم فجأة بعدما رفع عينيه من على الملف :
" مين ..؟! ليديا ..؟! ليه بتقولي كده ..؟!"
رفعت عليا حاجبها وسألته :
" اشمعنا دلوقتي خدت بالك من كلامي .. منا قاعدة بقالي ساعة بتكلم وانت ولا هنا .."
رد ادهم محاولا تغيير الموضوع :
" مقلتليش .. انتي ايه اللي جابك ..؟!"
اجابته بحب :
" وحشتني قلت اجي اشوفك .. وكمان زهقانة موت يا ادهم وانت مش بتخرجني خالص .."
تنهد ادهم بضيق وقال :
" مشغولة يا عليا .. الشركة كلها فوق دماغي .."
ثم اكمل وقد لمعت فكرة في رأسه :
" انتي مش بتفكري تشتغلي ليه ..؟! اهو عالاقل تشغلي وقتك .."
قالت عليا بعدم تصديق :
" انا اشتغل ..؟! من امتى بنات السيوفي بيشتغلوا يا ادهم ..؟! طول عمرنا بنقعد زي الهوانم والناس بيخدمونا .. شغل ايه اللي عايزني اشتغله ..؟! هو انا محتاجة الشغل فايه مثلا ..؟!"
قاطعها بملل :
" خلاص خلاص .. كلمه واتقالت .. مش هتخليها حكاية .. انا اسف يا انسة عليا السيوفي .."
قالت عليا بضيق :
" انت مش عاجبك كلامي .."
رد ادهم ببرود :
" لا عاجبني وعاجبني اوي كمان .."
" المهم .. مقلتليش ايه رأيك فالبنت الفرنساوية ..؟!"
قاطعها ادهم بضيق :
" اولا اسمها ليديا .. ثانيا انتي مركزة معاها ليه ..؟!"
قالت عليا بجمود :
" وانا هركز ليه ..؟! ده انا مش شايفاها اصلا .. كل الفكرة انوا بنت زي دي وجودها غلط فالعيله .."
سألها ادهم بتعجب :
" غلط ليه ان شاءالله ..؟!"
قالت عليا بهدوء :
" عشان هي تربية خواجات .. وانت عارف الاجانب وطباعهم .. احنه طول عمرنا عيلة محترمة ولينا اسمها ومركزنا .. مش هتجي بنت صايعة زيها تتحسب عليها .."
صاح ادهم بها فجأة :
" متحاسبي على كلامك يا عليا .. دي بنت عمك .. ازاي تقولي عليها انها صايعة ..؟!"
ارتبكت عليا قليلا قبل ان تقول بجدية :
" مش قصدي .. قصدي انها اكيد زيها زي اي بنت اجنبية .. عايشة حياة مختلفة كلها علاقات وشرب وسهر .."
ثم اكملت بخبث :
" مانت عارف يا ادهم .. الاجنبيات دول كل يوم تلاقيهم مع شاب جديد غير الشرب والسهر .."
" لا طبعا ليديا مختلفة .."
قالها ادهم مبررا لتضحك عليا رغم غيظها وتقول بنفس الخبث :
" انت بتهزر يا ادهم ..؟! وحدة عندها خمسة وعشرين سنة .. مولودة وعايشة ففرنسا .. الله اعلم عرفت كام واحد قبل كده ونامت مع كم واحد قبل كده .."
ثم اردفت بمكر :
" على فكرة ده مش ذنبها .. هي اتولدت فبلد نظامه كده .. مانت عارف النظام فاوروبا .. البنت اللي متنامش ما واحد بعد سن العشرين تبقى مش طبيعية .."
اندلع الغضب داخل قلب ادهم وقد بدأ يتخيل ليديا وهي علاقة مع عدد كثير من الشباب مثلها مثل اي فتاة اوروبية .. شعر بالاختناق الشديد والرغبة في تحطيم رأي احدهم .. ملامحه تشنجت بالكامل فأشار الى عليا بجمود :
" انا عندي اجتماع بره الشركة ولازم اخرج حالا .."
ثم حمل مفاتيح سيارته واتجه خارج الشركة غير ابه بنداء عليا له ..
ركب سيارته وقادها عائدا الى المنزل ..
اوقف سيارته امام باب القصر ثم حمل هاتفه واجرى الاتصال باحد رجاله المقربين في الشركة ..
" ايوه يا عامر .. ازيك ..؟! بقولك انا هديك اسم بنت .. هي كانت عايشة ففرنسا وجت من يومين هنا فمصر .. عايزك تجيبلي تاريخ حياتها بالكامل من اول ما اتولدت .. وتعرفني نظامها ايه ..؟! يعني اخلاقها وكده ..."
اومأ ادهم برأسه وهو يستمع الى كلام عامر الذي قال بجدية :
" انت تؤمر يا بيه .. بس ده هياخد وقت شوية .. عشان هي ففرنسا مش فمصر ..قولي اسمها ايه ..؟!"
رد ادهم بجدية :
" ليديا كمال السيوفي .. بس هي متسجلة هناك باسم تاني هبقى ابعتهولك مع العنوان بتاعها .. هحاول ابعته الليلة .. تمام يا عامر .."
ثم اغلق الهاتف وكلام عليا يرن في عقله بضيق وهي يتخيل ليديا في اوضاع مشبوهة كهذا فيشعر بإختناق اكبر ..
.....................................................................
دلف ادهم الى القصر وهو لا يرى امامه ليتفاجئ بليديا تقف في الحديقة تنظر الى احدى ورودها ..
اختفى غضبه تماما وهو يراقبها بإهتمام قبل ان يتقدم نحوها بخطوات هادئة ويقف خلفها محاولا استنشاق رائحتها الهادئة التي أسرته من اول مرة ..
شعرت ليديا بوجود احدهم خلفها بعد ان كانت شاردة تماما وهي تتأمل الوردة لتلتفت فتشهق بفزع ليبتسم ادهم وهو يقول :
" مالك خفتي كده ليه ..؟! شفتي عفريت .."
ابتسمت ليديا بخجل ثم سألته بعدم فهم :
" يعني ايه عفريت ..؟!"
اجابها بجدية :
" مش مهم .. المهم انتي واقفة هنا ليه ومش قاعدة جوه مع نور وماما وتيتة ..؟!"
اجابته ليديا :
" زهقت فقلت اتمشى فالجنينة شوية واشم الهوا.. المكان حلو اوي والورد يجنن .."
" بتحبي الورد انتي ..؟!"
أومأت برأسها وهي تجيبه بينما تلمس الوردة البيضاء برقة :
" جدا .. الورد ده احلى حاجة فالدنيا .."
نظر اليها قليلا قبل ان يسألها فجأة بلا مقدمات :
" هو انتي مرتبطة ..؟!"
رمقته بعدم فهم وقالت :
" مش فاهمة .."
كرر سؤاله بوضوح اكبر :
" يعني مرتبطة بشاب ..؟!"
ابتسمت ليديا وهي تجيبه :
" لا مش مرتبطة .."
ابتسم ادهم واكمل :
" ولا كنتي مرتبطة قبل كده ..؟!"
هزت رأسها نفيا وقالت :
" ولا قبل كده .."
سألها ادهم محاولا ان يسرق الكلام منها :
" غريبة يعني ..؟! بنت جميلة ورقيقة زيك .. عندها خمسة وعشرين سنة .. مرتبطتش ليه ..؟!"
ردت ليديا بعفويتها المعتادة :
" مكانش عندي وقت .."
" مش فاهم .."
قالها ادهم بإستغراب لترد ليديا بصدق :
" وقتي كله كان فالشغل .. كنت بشتغل طول اليوم عشان اصرف على نفسي واجيب علاج ماما .. فملقتش وقت للارتباط .."
سألها ادهم بعدم تصديق :
" يعني عمرك ما ارتبطتي ولا حبيتي ولا عملتي اي حاجة من دول .."
تطلعت ليديا اليه مستغربة اسئلته تلك الا انها اجابت بصدق :
" لا ابدا .."
تنهد ادهم بإرتياح وقال بإبتسامة سعيدة :
" انا كنت متأكدة انك لا يمكن تكوني كده .."
ثم انتبه الى الوردة التي تنظر اليها ليديا فسألها :
" عجباكي .."
انحنت صوبها وشمتها وقالت :
" جميلة اوي وريحتها حلوة .."
قطفها ادهم من مكانها فتفاجئت ليديا به يضعها خلف اذنها بعدما ازاح خصلات قليلة من شعرها ثم هتف وهو يتأملها مليا :
" كده احلى بكتير .. "
اخفضت ليديا عينيها بخجل بينما ابتسم ادهم وهو يتابع خجلها غافلا عن تلك التي كانت تنظر اليهما من بعيد وصدمت مما رأته ..

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل الخامس 5 ) 


ابتعد ادهم عن ليديا بعدما منحها ابتسامة عاشقة .. اتجه عائدا الى الفيلا لينصدم بنور امامه ترمقه بنظرات غاضبة .. فهم ادهم على الفور انها رأت ما حدث منذ لحظات فسألها ببساطة :
" فيه ايه يا نور ..؟! بتبصيلي كده ليه وكأنك هتاكليني ..؟!"
رمقته نور بنظرات متهكمة قبل ان تهتف بسخرية :
" فيه انك بتلعب بالنار ومش حاسس .."
رمقها بنظرات هادئة وقال :
" نار ايه بس يا نور ..؟!"
رمقته نور بنظرات جامدة وقالت بفتور :
" هتكدب عليا يا ادهم .. ده انا نور اقرب وحدة ليك .. وكاتمة اسرارك كلها .."
ابتسم ادهم على حديثها وقال بهدوء :
" طالما عارفة كده بتتكلمي كده ليه ..؟!"
اجابت بجدية :
" لانوا اللي بتعمله ده غلط .."
ثم اكملت بتحذير :
" ابعد عن ليديا يا ادهم .. بلاش تدخلها فحوارات هي في غنى عنها .. ليديا مش قد عليا والعيلة .."
زفر انفاسه بضيق على ذكر سيرة عليا وقال بقوة :
" ومين قالك اني ممكن أاذي ليديا او ادخلها فحوارات من اي نوع ..؟!"
ردت نور بجدية :
" اللي بتعمله ده هيخلي الكل يوقف ضدها .. وضدك انت كمان .. انت خاطب وفرحك قريب .. يبقى ملوش لزمة تستغل البنت لمجرد اعجاب او نزوة وقتية .."
تطلع ادهم اليها بصدمة من حديثها فهي تظن ان ليديا مجرد نزوة .. نظر اليها بتمعن وهو يسأل نفسه بدهشة اذا لم تكن ليديا نزوة فماذا تكون اليه ..؟! هو عرفها مساء البارحة اي لم يمر يوم كامل حتى على معرفته بها ولكن هناك شعور غريب داخله نحوها .. شعور داهمه بقوة منذ اول لحظة رأها فيها وكأن هناك رابط عجيب تكون بينهما يجعله لا يستطيع ان يحيد عينيه عنها وربما قلبه .. وجد نفسه يقول بلا وعي مدافعا عن مشاعره التي تثور بإسمها :
" ليديا مش نزوة يا نور .. ليديا حاجة تانية خالص .. ليديا حلم جميل مش عايز افوق منه .. حلم نفسي احققه .."
جحظت عينا نور وهي تستمع الى كلام اخيها المجنون .. خافت بعدم تصديق وذهول كامل :
" انت اتجننت يا ادهم ..؟! حلم ايه ..؟! انت بتتكلم كأنك بتحبها .. لا بتحبها ايه ده انت بتعشقها .."
ابتسم ادهم على حديث نور وكأنها أصابت الهدف فقال بجدية :
" تقريبا كده .."
لطمت نور على صدرها وهي تقول :
" ينهار اسود .. ده جنان .. جنان ولازم تفوق منه.. انت خاطب عليا ولا نسيت ..؟!"
شعر بالضيق والاختناق مرة اخرى فقال بسرعة :
" بلاش تفكريني ارجوك .. انا بحاول انسى الموضوع ده .."
ردت نور بحزم :
" انا لازم افكرك .. وانت لازم تفتكر ده على طول .. عليا بنت عمك وخطيبتك وبعدين هتبقى مراتك وام عيالك .. بلاش تغلط يا ادهم .. بلاش .."
ثم اكملت بتحذير صادق :
" مجرد فكرة انك تسيب عليا هتقلب العيلة كلها عليك .. بلاش تغلط يا ادهم وتخسر مركزك وعيلتك خصوصا انك اهم واحد فالعيلة والكل بيسمع كلامك .. وجوازك من عليا هيخليك فوق الكل وكلمتك ساعتها هتمشي عالكبير قبل الصغير فخليك عاقل وابعد عن الشر وغنيله .."
نظر اليها بصمت وهو يزن كلامها في عقله .. يعرف ان زواجه من عليا هو الشيء المنطقي والصحيح .. فعليا هي من تناسبه وتليق به في نظر الجميع وهو اختارها بنفسه دون اي ضغط .. صحيح هي كانت تحاول طول الوقت ان تجذبه نحوها لكنه في النهاية قرر ان يخطبها من تلقاء نفسه حينما شعر أنها اكثر واحدة تناسبه وتناسب مركزة الاجتماعي .. فهو دائما يفكر في مكانته ومظهره ومركزة الذي يسعى دائما ليكون اعلى واهم واستطاع خلال سنوات قليلة ان يحظى بأهمية كبيرة ويصبح اهم فرد في العائلة والكبير قبل الصغير يستشيرونه في معظم الامور وما عزز ذلك ارتباطه بعليا .. كلام نور صحيح فاذا فسخ خطبته مع عليا سوف يفتح على نفسه جبهة كبيرة خاصة من عمه والد عليا الذي سيحاربه بكل الطرق .. وحتى والده لن يقبل بشيء كهذا .. الجميع سيقف في وجهه ولا احد سيرحمه ..
زفر انفاسه بضيق وهو يقلب الامر داخل بينما هتفت نور بجدية وقد شعرت بمدى حيرته :
" اكتم مشاعرك جواك واقتلها قبل متتطور .. وخليك فاكر انت لعليا وبس .."
اومأ برأسه وسؤال واحد يتردد داخله .. هل يكتم مشاعره بالفعل او بالأحرى هل سوف يستطيع ان يفعل ذلك .. ؟! كان يعلم انه اذا استمر في التقرب من ليديا وسمح لنفسه بالانصياع لمشاعره فسيخسر مكانته تدريجيا وربما يخسر ادارة شركات العائلة ودعم اعمامه له .. فهل هو قادر على التضحية بكل ما وصل اليه وتعب من اجله وسعى اليه لأجل مشاعر غريبة اجتاحته رغما عنه ..؟!
....................................................................
وقف يوسف امام والدته ينظر لها بتردد لترفع بصرها نحوه وتقول بجدية :
" عايز تشوفها ..؟!"
ابتلع ريقه وهو يسألها بدهشة :
" عرفتي منين ..؟!"
ابتسمت بهدوء وقالت :
" انت ابني يا يوسف .. ابني اللي بفهمه من نظرة واحدة .."
ابتسم يوسف بحب ثم قال مبررا :
" حابب اتعرف عليها .. دي مهما كانت اختي .. "
تطلع الى الالم الذي ظهر للحظات في عيني والدته قبل ان تخفيه بمهارة وهي تبتسم بحنو كالعادة :
" اعمل اللي يريحك يا يوسف .. انا عمري ما همنعك عنها ... دي اختك .."
جفل الاثنان من مراد الذي اقتحم المكان وقال بسعادة :
" بجد يا ماما .. ؟! يعني مش هتزعلي مننا لو روحنا شوفناها ..؟!"
هتفت نورا :
" سلام قول من رب رحيم .. انت خرجت امتى وكنت فين ..؟!"
ابتسم مراد وقال :
" كنت مستني يوسف ينطق الكلام اللي كان نفسي اقوله .. بس قلت يوسف اولى ينطقه مهو الكبير بقى .."
" طول عمرك واطي .."
قالها يوسف بحدة ليبتسم مراد وهو يشير اليه :
" طب ايه مش هنروح نتعرف على اختك الفرنساوية ... ؟! اصلي متحمس اوي اشوفها .."
نظر يوسف الى والدته بتردد لتهتف به وهي تبتسم بهدوء :
" خذ مراد وروحوا اتعرفوا عليها .. بس متتأخروش عالعشا .."
ابتسم يوسف بحب قبل ان يتجه نحو سيارته يتبعه مراد الذي كان في شدة حماسه لرؤية اخته ..
وصلا الى فيلا سليم ليهبط مراد مسرعا يتبعه يوسف الذي اشار اليه بضيق :
" يابني اهدي بلاش فضايح .. دي بنت فرنسية مش هتستوعب جنانك .."
اومأ مراد برأسه على مضض ثم سار متبعا اخيه ..
فتحت الخادمة لهما الباب لترحب بهما فدلفا الى الداخل ليجدا نور تجلس مع اخويها حسام ومصطفى ..
رحب الثلاثة بهم ليجلسا بينهم بينما هتف حسام بجدية :
" كنت مستني زيارتكم دي على فكرة ..؟!"
هتف مصطفى ببلاهة :
" اختكم دي طلعت مزة فظيعة .."
رمقته نور بنظرات مؤنبة بينما ابتسم مراد بدوره ببلاهة وهو يهتف :
" بجد يلا .."
ليكمل مصطفى غافلا عن عيني يوسف الحادتين :
" اصلي اصلي .."
جفل الاثنان على صراخ يوسف فيوسف بطبعه ذو دم حامي وغيور للغاية :
" متتلم يلا منك له .. وانت يا أستاذ مصطفى ناسي انوا اللي بتتكلم عليها دي تبقي اختي .."
ابتلع مصطفى ريقه بتوتر وقال مبررا حديثه :
" والله اسف يا يوسف .. انا بس عكيت كالعادة .. لكن الشهادة لله انا معتبر ليديا زي لبنى ونور .."
ابتسم يوسف بتهكم وقال :
" لا مهو واضح .."
بينما نقل حسام نظراته الساخرة بينهما وهو يود ان يشكر يوسف على تصرفه الذي كان كفيلا بتأديب اخيه الارعن المتهور ..
................................................................
خرجت ليديا من غرفتها لتجد ادهم في وجهها .. منحته ابتسامة عذبة وهي تهتف به بعفوية :
" مساء الخير .."
ثم صمتت قليلا تحاول ان تلفظ اسمه بشكل صحيح لكنها وجدت نفسها عاجزة عن ذلك فهتف ادهم نيابة عنها :
" ادهم .. ادهم يا ليديا .. اشمعنا اسمي اللي مش عارفة تلفظيه صح ..."
ابتسمت وقالت بتلقائية :
" اصله صعب شوية .."
قال نيابة عنها :
" لا قصدك كتير .."
ابتسمت وهو تومأ برأسه ليشعر بنبضات قلبه ترتفع بعنف فحاول ان يقضي عليها وهو يهتف بنبرة جادة :
" مش يلا ننزل .."
أومأت برأسها وهي تسير بجانبه ليهبطا درجات السلم فيتفاجئا بيوسف ومراد ..
نهض كلا من يوسف ومراد لإستقبال ليديا .. حيث تطلع الاول الى ادهم الذي كان يسير بجانبها بضيق بينما مراد كان يتطلع اليها مذهولا من هذا الجمال الهادئ ..
وقفت نور بدورها وقال وهي تعرف ليديا عليهما :
" دول يوسف ومراد يا ليديا .. اخواتك .."
ظهر التوتر جليا على ملامح ليديا وهي تبتسم وتقول بلكنتها المتقطعة :
" اهلا بيكم .. انا مبسوطة اني تعرفت عليكم .."
ابتسم يوسف لها بحنو متجاهلا وجود ادهم بجانبها وكأنه سد حامي لها ثم رد عليها :
" انا مبسوط اكتر يا ليديا .. اهلا بيكي .."
قال مراد بسرعة وهو يجذبها نحوه بعناق :
" خش فحضن اخوك يا فواز .. يخربيت حلاوتك يا شيخة .."
تطلع ادهم اليه بغيظ وشعور الغيرة سيطر عليه بقوة بينما لكزه يوسف من ذراعه ليبتعد عنها بسرعة فيجد وجهها مليء بالاحراج التي حاولت اخفاؤه بإبتسامتها العذبة ليكمل مراد :
" انا مراد .. اخوكي الصغير .. فثانوية عامة .."
ثم اكمل وهو يشير ليوسف :
" وطبعا ده يوسف الكبير .. أكبر مني بخمس سنين .."
رمقه يوسف بنظرات حادة وقال بتهكم :
" على اساس انوا مش باين انوا حضرتي الكبير وحضرتك الصغير .."
كانت ليديا تحاول ان تستوعب حديثهم الغريب بينما قال ادهم وقد شعر بحيرتها :
" اقعدي يا ليديا .. اقعدوا يا شباب .."
جلس الجميع في صالة الجلوس بينما اخذ يوسف يتحدث مع ليديا محاولا التعرف عليها عن قرب متغاظيا عن كلام مراد الاحمق والذي يحشر نفسه كل دقيقة في حديثهما ..
جاء كمال بعد فترة ليرى ليديا فتفاجئ بوجود ابنيه معها .. شعر بسعادة كبيرة تطغى عليه وهو يراها تتحدث معهما .. اقترب منهم وحيا الجميع ثم جلس بجانب يوسف الذي اكمل حديثه اللبق مع اخته .. رن هاتف ليديا فوجدت اتصالا من جاك صديقها في فرنسا فإستأذنت منهما واتجهت الى الحديقة الخارجية لتجيب على اتصاله بينما وجد يوسف فرصه في رحيلها ليخبر والده بما يريده :
" بابا ليديا لازم تعيش معانا .. او عالاقل تعيش الفترة دي بشقتنا لحد ما ماما تتقبل وجودها وتوافق انها تعيش معانا .."
نظر كمال الى ابنه وقد فهم انه متضايق من وجود اخته مع ثلاث شبان غرباء فقال بجدية :
" تمام يا يوسف .. لو انت شايف كده يبقى مفيش مشكلة .. بس .."
قاطعه ادهم الذي لم يستطع مسك لسانه :
" كلام ايه ده يا عمي ..؟! هو ينفع بنت شابه تعيش لوحدها ..؟! كمان ليديا هنا فبيت جدها معززة مكرمة .. تسيب قصر جدها الكبير وتروح شقة لوحدها ليه .."
اجاب يوسف نيابة عن والده :
" عشان الاصول بتقول كده .. مينفعش بنت تعيش مع بيت فيه ثلاث شبان .."
قاطعته فريال التي دلفت الى المكان وقررت التدخلي الحوار :
" والثلاث شبان دول مش غربا يا يوسف .. دول اخوانها وهيخافوا عليها زيك بالضبط .."
قال يوسف بإصرار :
" لا مش اخوانها .. هما زي اخوانها وانا مش هرتاح وهي هنا .."
قال ادهم بتهكم :
" يعني هترتاح لما اختك تعيش لوحدها ...؟!"
رد يوسف بهدوء :
" لا مش هتعيش لوحدها .. انا هعيش معاها لحد ما الامور تضبط ونعيش كلنا فبيتنا .."
قال ادهم بنبرة قوية :
" وانا مش موافق .."
انتفض يوسف من مكانه وقد بدأت شكوكه حول وجود شيء بين ليديا وادهم تسيطر عليه :
" وانت مالك اصلا ..؟! انت ملكش حكم عليها .. ليديا اختي .. ولو فيه حد هيقرر اللي يخصها انا مش انت ولا انت صدقت انك بقيت كبير العيلة بعد جدي .."
رد ادهم الذي نهض من مكانه قائلا بعصبية :
" انا كبير العيلة غصبا عنك .. وليديا مش هتخرج من هنا .. ووريني ازاي هتجبرني على ده .،؟!"
جاءت الجدة جميلة على صوت حفيديها العالي تتبعها ليديا التي انهت مكالمتها بسرعة بعدما سمعت صوت صياح يأتي من الداخل ففوجئت بأدهم ويوسف يقفان امام بعضيهما وهما على وشك الفتك ببعضيهما ..
نهض كمال قائلا بإنفعال :
" لا انت ولا هو .. انتوا الاتنين تخرسوا خالص .. انا ابوها والوحيد اللي ليه حق يقرر حاجة زي دي .."
صرخت جميلة بدورها :
" كفاية .. فهموني فيه ايه ..؟!"
نظر ادهم الى جدته وقال بغضب :
" فيه انوا يوسف مش مراعي اني ابن عمه اللي اكبر منه بكام سنه ولازم يحترم كلمتي فقرر انوا يقل ادبه عليا ويعارض كلامي لما قلتله انوا مينفعش ليديا تسيب بيت جدها وتعيش فشقه عمي كمال لوحدها .."
قالت جميلة معاتبة يوسف :
" كلام ايه ده يا يوسف ..؟! يعني ايه ليديا تسيب بيت جدها وتعيش فشقة صغيرة .. ؟! لا الكلام ده مينفعش ..."
قال يوسف مدافعا عن نفسه :
" يا تيتة مينفعش ليديا تعيش فبيت فيه ثلاث شبان ... كمان هي مش هتعيش لوحدها فالشقة انا هعيش معاها .."
قال كمال بجدية :
" يا امي يوسف معاه حق .."
قاطعته جميلة بصرامة :
" هي كلمة مفيش غيرها .. ليديا هتفضل هنا معايا ومش هتخرج من هنا الا على بيت جوزها .."
ابتسم ادهم بإنتصار قبل ان يتطلع الى جدته بذهول وهو يردد :
" جوزها ..؟!"
بينما قال مصطفى وهو يصفق بيديه :
" عفارم عليكي يا تيتة .."
نظر يوسف الى ادهم وجدته بضيق قبل ان ينسحب من المكان يتبعه مراد الذي اخذ يحاول تهدئته بينما اخذ كمال ينظر الى والدته بعتاب قبل ان يتجه نحو ليديا ويخرج من جيبه بطاقة ويعطيها لها قائلا :
" دي بطاقة إئتمانية فيها مبلغ كبير ...عايزة تخرجي وتشتري كل اللي نفسك بيه .. انا هلحق اخواتك دلوقتي واجيلك بكره .. امام ..؟!"
أومأت برأسها بإضطراب ثم عادت ونظرت الى ملامح الجميع المندهشة مما حدث فحملت نفسها واتجهت الى غرفتها يتبعها ادهم الذي اخذ يفكر في كلام جدته والذي يشعر ان وراءه شيء ما لن يعجبه ..


رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل السادس 6 ) 


دلف حسام على اصوات صياحهما ليهتف بسرعة وتعجب :
" مالكم يا جماعة ..؟! صوتكوا واصل اخر الشارع .."
تحدثت ليديا بلهجة عصبية :
" فيه انوا البني ادم خرب كل حاجة .. فاكر نفسه وصي عليا .."
التفت حسام الى ادهم الذي كان يجاهد لرسم قناع البرود واللامبالاة على وجهه وسأله :
" فيه ايه يا ادهم ..؟! عملت ايه ..؟!"
رد ادهم ببساطة :
" والله انا معملتش حاجة .. لقيتها متعصبة وجاية عليا وبتتهمني فحاجات انا معملتهاش .."
قالت ليديا بغضب :
" انت واحد كداب .."
رد ادهم بهدوء :
" شكرا يا مؤدبة يا محترمة .."
ردت ليديا بعنف :
" انا محترمة غصبا عنك .."
حاول حسام تهدئتها فقال :
" يا ليديا اهدي وفهميني فيه ايه ..؟!"
اخذت ليديا تريه الفساتين التي وضعها ادهم لها في خرانتها وهي تقول :
" بص شوف .."
نظر حسام اليها متعجبا وقال :
" ايه ده مش فاهم ..؟!"
ردت ليديا بنفاذ صبر :
" تخيل انوا دي بقت هدومي .."
قال حسام بعدم تصديق :
" ماشاءالله انتي قررتي تتحجبي .. الف مبرووك .. فرحتلك بجد .."
كتم ادهم ضحكته بصعوبة بينما اخذت ليديا تتحدث بكلمات فرنسية غير مفهومة قبل ان تهتف بنفاذ صبر :
" متبقاش غبي يا حسام .. اخوك المختلف اخد هدومي وحط بدالها الهدوم الغريبة دي .."
لم يتحمل ادهم كلامها فهب بها منفعلا :
" بت انتي .. لحد هنا وكفاية .. متخلف فعينك .. روحي شوفي مين غيرلك الهدوم وبلاش ترمي بلاكي عليا .."
صرخت بحدة :
" انت متخلف ومعقد .. ومفيش حد غيرك عمل كده عشان انت من الاول مكنتش موافق اشتري لبس قصير .. "
نظر اليها ادهم بنظرات نارية قبل ان يهتف بجمود :
" ليديا .. روحي من قدامي دلوقتي بدل ما اوريكي وشي التاني .."
ردت ليديا بإستهزاء :
" وشي التاني وشيء التاني .. متوروهولي وخلاص .."
اعتصر ادهم قبضة يده بقوة وهو ينوي الفتك بها ليقف حسام في وجهه ويهتف برجاء :
" خلاص يا ادهم .. خليك انت الكبير .."
" ابعد عن وشي .. سيبني اربيها .."
قالها ادهم وهو يحاول دفع حسام بينما اكملت ليديا بتهكم :
" سيبوه يا حسام .. انا عاوزة اشوف هيربيني ازاي .. هتربيني ازاي يا ادهم ..؟!"
قال ادهم بسخرية :
" دلوقتي بقيتي تعرفي تقولي ادهم عدل .."

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل السابع 7 ) 


دلفت ليديا الى غرفتها بعد يوم طويل قضت اغلبه مع مصطفى ونور ثم انضم اليهما مساءا حسام ليشاركهم جلستهم الممتعة .. الوحيد الذي لم يظهر طوال اليوم هو ادهم على عكس العادة مما جعلها تستغرب ذلك الا إنها أثرت عدم السؤال كي لا يفهمها احدهم بشكل خاطئ ..

ألقت ليديا بجسدها على السرير وهي تشعر بالتعب .. لم تقم حتى بتغيير ملابسها فهي كانت ترتدي فستان صيفي مريح فجذبت اللحاف لتغطي به جسدها وغطت في نوم عميق لم تستيقظ منه الا صباح اليوم التالي ..


 
فتحت ليديا عينيها الزرقاوين وهي تبتسم بإنتعاش وشعور جميل أخبرها أن اليوم سيكون مميزا خاصة أنها اتفقت مع ريهام ابنة عماد المحامي على رؤيتها ..

فهي لم ترها منذ ذلك اللقاء الوحيد الذي جمعها بها في منزل عماد .. 

نهضت من مكانها وهي تدندن ببعض الاغاني الفرنسية .. فتحت باب الخزانة لتخرج منها ثوب مناسب فتفاجئت بملابس مختلفة عن تلك التي اشترتها ..

اعترتها الدهشة وهي تقلب في الملابس التي كانت جميعها عبارة عن فساتين طويلة تصل الى الكاحل ذات اكمام طويلة ايضا .. اضافة الى بناطيل واسعة عليها قمصان عريضة وتنورات طويلة ايضا ..


 
دب الجنون داخلها وهي ترى ان جميع ملابسها اختفت لم تجد أي شيء منهم حتى ملابسها القديمة التي جلبتها معها من فرنسا ..

اغلقت الخزانة بقوة واخذت تفكر فيما حدث حينما تذكرت ادهم ونظراته الغير مريحة ليدب الغضب داخلها وهي تفتح الخزانة مرة وتسحب قليلا من تلك الملابس وتهبط الى الطابق السفلي ومن حسن حظها وجدت ادهم لوحده في صالة الجلوس يجلس على احدى الكنبات ويتناول عصيره بإستمتاع ..

تقدمت ليديا نحوه وعلى ملامحها يرتسم الغضب فنظر اليها ادهم وهو بالكاد يسيطر على ملامحه كي لا ينفضح امره ..

وقفت امامه ورمت الملابس على الطاولة بجانبه وقالت بغضب مكتوم :

" ممكن افهم ايه ده ..؟!"

رسم قناع البراءة على وجهه وادعى عدم الفهم وهو يسألها :

" ايه ده ..؟! مش فاهم .."

صاحت به :

" بلاش تعمل نفسك مش فاهم حاجة .. انت عارف كويس انا بتكلم عن ايه .."

نهض من مكانه واقترب منها قائلا بجدية :

" فيه ايه يا ليديا ..؟! ممكن تهدي .."

ثم اشار الى الملابس الملقاة على الطاولة وسألها بإستغراب مفتعل :

" وايه الهدوم دي ..؟! بتاعة مين ..؟!"

كادت ان تضربه في وجهه لكنها بالكاد مسكت اعصابها وهي تهتف بغل :

" هدومي فين ...؟! وديتهم فين ..؟!"

قال ادهم بضيق :

" نعم ..؟! وانا هعرف منين ..؟! روحي دوري على هدومك فحتة تانية .."

صرخت به بنفاذ صبر :

" بلاش تعمل نفسك بريء .. انا عارف انك خدت هدومي وبدلتها بالحاجات دي .. رجعلي هدومي قبل ما اقول لأنكل سليم عاللي عملته .."

صرخ هو الاخر وقد استفزه تهديدها :

" انتِ بتهدديني .. ؟! فاكراني هخاف من ابويا ..؟!"

صاحت وقد بلغ غضبها ذروته :

" بصي والرب هتخليني اتعصب وانا لمًا بتعصب بعمل حاجات وحشة بلاش تشوفها .."

دلف حسام على اصوات صياحهما ليهتف بسرعة وتعجب :

" مالكم يا جماعة ..؟! صوتكوا واصل اخر الشارع .."

تحدثت ليديا بلهجة عصبية :

" فيه انوا البني ادم خرب كل حاجة .. فاكر نفسه وصي عليا .."

التفت حسام الى ادهم الذي كان يجاهد لرسم قناع البرود واللامبالاة على وجهه وسأله :

" فيه ايه يا ادهم ..؟! عملت ايه ..؟!"

رد ادهم ببساطة :

" والله انا معملتش حاجة .. لقيتها متعصبة وجاية عليا وبتتهمني فحاجات انا معملتهاش .."

قالت ليديا بغضب :

" انت واحد كداب .."

رد ادهم بهدوء :

" شكرا يا مؤدبة يا محترمة .."

ردت ليديا بعنف :

" انا محترمة غصبا عنك .."

حاول حسام تهدئتها فقال :

" يا ليديا اهدي وفهميني فيه ايه ..؟!"

اخذت ليديا تريه الفساتين التي وضعها ادهم لها في خرانتها وهي تقول :

" بص شوف .."

نظر حسام اليها متعجبا وقال :

" ايه ده مش فاهم ..؟!"

ردت ليديا بنفاذ صبر :

" تخيل انوا دي بقت هدومي .."

قال حسام بعدم تصديق :

" ماشاءالله انتي قررتي تتحجبي .. الف مبرووك .. فرحتلك بجد .."

كتم ادهم ضحكته بصعوبة بينما اخذت ليديا تتحدث بكلمات فرنسية غير مفهومة قبل ان تهتف بنفاذ صبر :


 
" متبقاش غبي يا حسام .. اخوك المختلف اخد هدومي وحط بدالها الهدوم الغريبة دي .."

لم يتحمل ادهم كلامها فهب بها منفعلا :

" بت انتي .. لحد هنا وكفاية .. متخلف فعينك .. روحي شوفي مين غيرلك الهدوم وبلاش ترمي بلاكي عليا .."

صرخت بحدة :

" انت متخلف ومعقد .. ومفيش حد غيرك عمل كده عشان انت من الاول مكنتش موافق اشتري لبس قصير .. "

نظر اليها ادهم بنظرات نارية قبل ان يهتف بجمود :

" ليديا .. روحي من قدامي دلوقتي بدل ما اوريكي وشي التاني .."

ردت ليديا بإستهزاء :

" وشي التاني وشيء التاني .. متوروهولي وخلاص .."

اعتصر ادهم قبضة يده بقوة وهو ينوي الفتك بها ليقف حسام في وجهه ويهتف برجاء :

" خلاص يا ادهم .. خليك انت الكبير .."

" ابعد عن وشي .. سيبني اربيها .."

قالها ادهم وهو يحاول دفع حسام بينما اكملت ليديا بتهكم :

" سيبوه يا حسام .. انا عاوزة اشوف هيربيني ازاي .. هتربيني ازاي يا ادهم ..؟!"

قال ادهم بسخرية :

" دلوقتي بقيتي تعرفي تقولي ادهم عدل .."

ضربت ليديا الارض بقدمها وهي تهتف بغيظ :

" انت كائن مستفز .."

رد ادهم بعناد :

" وانتي هبلة .."

لم تتحمل ليديا ما قاله فهجمت عليه وهي تحاول ضربه بينما اخذ حسام يتلقى الضرب نيابة عن اخيه ..

" سيبني .. خليني اضربه المختلف ده .."

جذبها ادهم من ذراعها دافعا حسام بعيد عنه هاتفا بقوة :

"دي تاني مرة تقولي متخلف .. والمرة دي مش هسكتلك .."


 
ثم رفع يده بنية ضربها لكنه تراجع وهو يراها ترميه بنظرات ثابتة وكأنها تتحداه ان يمد يده عليها بينما حسام يهتف برجاء :

" ادهم عيب .. دي بنت مينفعش تضربها .."

ظل كف ادهم معلقا بالهواء وعيناه تشتعلان من الغضب والغيظ حينما وجد نفسه غير قادرا على ضربها رغم تجاوزها حدودها معه ..

سمع اصوات تأتي من الخارج فأخفض يده بسرعة بينما جذب حسام ليديا بعيدا عنه ليجدا سليم وفريال يلجان الى الداخل يلقيان تحية الصباح عليهم ..

نظر كلا من فريال وسليم اليهم بحيرة فهم يبدون غير طبيعيين ابدا لتسألهم فريال :

" فيه حاجة ..؟! واقفين كده ليه ..؟!"

اجاب حسام مبررا :

" مفيش حاجة يا ماما .. احنه كنا بنتناقش فحاجات مختلفة .."

ثم اكمل وهو يشير الى ليديا :

" حتى ليديا كانت بتكلمنا عن شغلها ففرنسا وكده .."

أومأت فريال برأسها بعدم اقتناع بينما ابتسم سليم وهو سعيد بإندماج ليديا مع اولاده فأشار الى فريال قائلا :

" اعمليلي قهوة يا فريال .. انا هخش المكتب اكمل كم حاجة .."

أومأت فريال برأسها وهي تتجه الى المطبخ بينما قال حسام بخفوت :

" اهدوا بقى .. والله عيب تتصرفوا كده .. انتوا مش عيال .."

لمعت عينا ليديا بتحدي وهي تشير الى ادهم قائلة :

" لو فاكر انك كده انتصرت عليا تبقى غلطان .. اوعدك اني هردهالك قريب .."

ثم حملت الملابس واتجهت نحو غرفتها ليسأل حسام أخيه بضيق :

" انت ازاي تعمل حاجة زي كده ..؟!"

رمقه ادهم بنظرات جامدة وقال مصرا على موقفه :

" انا معملتش حاجة .. "

نظر اليه حسام بعدم تصديق ليهتف ادهم :

" وحياتك يا حسام معملتش حاجة .."

" طب قول وحياة ليديا .."

قالها حسام وهو ينظر له بمكر ليتطلع اليه ادهم بغيظ قبل ان يتجه الى الطابق العلوي ليتمتم حسام بضيق :

" وقعت يا ادهم .. بس وقعة مهببة .. كان الله في عونك يا اخي .."

قال جملته الاخيرة في تهكم وهو يتجه بدوره الى الطابق العلوي باقيا في غرفته ..

.......................................................................

اخذت ليديا تلف وتدور داخل غرفتها وهي تكاد تشتعل من شدة الغيظ .. افاقت من شرودها على صوت رنين هاتفها لتجدها ريهام تتصل بها ففهمت منها أنها وصلت الى القصر ..

نظرت الى شكلها بالمرأة والى فستانها الذي لم يكن سيئا فقررت أن تخرج به ..

هبطت الى الطابق السفلي لتجد ادهم امامها ..

تأففت بضيق وهي تتجه نحو الباب لتفتحه وتخرج فتتفاجئ به يقف أمامها يسألها بهدوء :

" على فين ..؟!"

رفعت حاجبها تسأله بغيظ :

" هو مفيش غيري فالبيت ده ..؟! "

نظر لها ببرود وقال :

" رايحة فين عالصبح كده .."

عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت :

" وانت مالك ..؟!"

رد بجمود :

" اتكلمي عدل اولا .. ثانيا انا ابن عمك ومن حقي اعرف رايحة فين .. معندناش بنات تخرج لوحدها من غير اذن .."

اخذت تفكر في كلامه قليلا ثم قالت بمكر :

" يعني انا لازم اخذ اذن قبل ما اخرج .."

رد بهدوء :

" بالضبط .."


 
" ماشي .."

قالتها وهي تتركه وتتجه نحو مكتب لينظر الى اثرها بتعجب وهو يسأل نفسه عما ستفعله تلك المجنونة ..

خرجت بعد لحظات وهي تبتسم بشماته قبل ان تقول :

" انا استأذنت عمو سليم وقالي تقدري تخرجي .."

ثم اكملت بتحدي :

" اظن كده عملت الاصول واقدر اخرج عادي .."

بالكاد كتم ادهم غيظه وهو يبتعد من أمامها كي تخرج ..

اخذ غضبه يزداد تلقائيا وهو يفكر عن مكان خروجها ليجد نفسه يخرج وراءها ويراقبها من بعيد ..

وجدها تقف امام باب القصر ويبدو انها في انتظار احد ما ..

ركب سيارته وانتظر منها ان تركب سيارة الشخص المنتظر ليلحق بها وبالفعل وقفت ريهام امامها لتفتح ليديا السيارة وتركب بجانبها فشغل ادهم سيارته لاحقا بهما ..

وجدهما ادهم يتجهان الى احد المطاعم القريبة .. اوقف سيارته بعيدا عنهما وهبط منا تابعا إياهما ..

جلس على طاولة بعيدة بعض الشيء عنهما بينما اخذتا الفتاتان تتحدثان سويا بحماس ..

اقترب منه النادل يسأله عما يريد أن يطلب فزفر انفاسه وهو يقلب في قائمة الطعام بعدم اهتمام قبل ان يطلب من النادل احدى الاكلات التي رأها في القائمة ..

ظل ادهم جالسا يتابعهما من بعيد وقد بدأ الملل يتسرب اليه .. وبالرغم من ذلك كان مصرا على البقاء في مكانه ومراقبتهما .. رن هاتفه اثناء ذلك فوجد عليا تتصل به .. زفر انفاسه بإنزعاج ورفض مكالمتها ليجدها ترسل اليه رسالة بعد ذلك تحتوي التالي :

" لو مردتش عليا دلوقتي هنهي كل حاجة بينا لاني مليت بجد .."

زاد غضبه اضعافا وهو يقرأ محتوى رسالتها والتهديد الواضح به فحمل هاتفه واتصل بها ليأتيه صوتها الرقيق : 

" حبيبي وحشتني .."

صاح بها بصوت قوي :

" بتهدديني يا هانم .. فاكراني هخاف واقولك بلاش تنهي كل حاجة .. "

قالت محاولة احتواء الموقف وقد ادرك حجم خطأها :

" سوري يا قلبي .. انا بس اتعصبت .. مكانش قصدي .."

قاطعها بحدة :

" انتي تخرسي خالص .. من امتى وانا بتهدد يا عليا ..؟! واضح انك اديتي لنفسك قيمة اكتر مما تستحقيها .. عايزة تنهي كل حاجة انهيها .. انا اصلا عايز ده اكتر منك .."

قال كلماته الاخيرة ثم اغلق الهاتف في وجهها 

.......................................................................

مساءا ..

دلفت ليديا الى القصر وهي تحمل مجموعة من الاكياس التي تحوي بعض الملابس التي اشترتها من احد المولات ..

القت التحية على فريال التي كانت تجلس لوحدها في صالة الجلوس لتتفاجئ بأدهم يدخل خلفها وهو يلقي عليهما التحية بإقتضاب ..

نظرت فريال اليهما بشك بينما حملت ليديا نفسها وصعدت الى الطابق العلوي فهي مجهدة للغاية وترغب في النوم ..

" كنت فين ..؟!"

قالتها فريال وهي تقف في وجه ادهم ليجيب بهدوء وقد فهم شكوك والدته :

" كنت مع صاحبي .. خرجنا اتغدينا بره واتكلمنا .."

قالت فريال بجدية :

" بدل متخرج مع صاحبك اخرج مع خطيبتك .."

تأفف ادهم وهو يقول :

" هي اشتكتلك ..؟!"

قالت فريال بسرعة :

" ابدا .. انا بس ملاحظة انوا بقالك فترة بعيد عنها فقلت انبهك .."

" ميرسي يا ماما .. بس انا مش محتاج تنبيه وعارف ازاي اتعامل مع عليا .."

قالها وهو ينوي التحرك بعيدا عنها لكنها اوقفته وهي تردف :

" طب انت مش ملاحظ انوا الخطوبة طولت .. ولازم تحدد معاد الفرح بقى .."

بالكاد كام ضيقه وهو يقول بهدوء :

" انا حاليا مشغول .. ومليش خلق للجواز .. "

قالت فريال بدهشة :

" يعني ايه ملكش خلق للجواز ..؟! طب وعليا اللي خاطبها من يجي سنة وضعها ايه ..؟!"

رد ادهم بحيرة :

" مش عارف .. بس انا حاسس اني اتسرعت فموضوع خطوبتي لعليا .."

صاحت فريال بعدم تصديق :

" اتسرعت يعني ايه ..؟! هو انت عيل يعني ..؟! انت عندك خمسة وثلاثين سنة تقريبا .. يعني المفروض تكون قد كلامك وقرارك الي اخذته .."

قال ادهم بضيق :

" انا معملتش حاجة غلط .. انا لقيتها انسانة مناسبة ليًا فخطبتها .. انا مش اول واحد ولا اخر واحد يكتشف انوا الانسانة اللي خطبها مش مناسبة ليه .. مش هتتقلب الدنيا يعني لو فسخت الخطوبة .،"

قاطعته فريال بقوة :

" لا هتتقلب .. لما اللي خطبتها تبقى بنت عمك يبقى هتتقلب .. انت عارف نظام عيلتنا ايه .."

قال ادهم بملل :

" عيلتنا .. عيلتنا .. انا بجد بقيت قرفان من العيلة دي .."

جحظت عينا فريال وهي تستمع لكلام ابنها الذي لا يشبهه مطلقا فقالت بعدم تصديق :

" انت بتقول ايه يا ادهم ..؟! انت تجننت ..؟! من امتى وانت بتتكلم عن العيلة بالشكل ده ..؟! ده انت اكتر واحد بتحترم العيلة وعاداتها .. حتى الكل بيقول انك شبه جدك من الناحية دي .. ده انت تقريبا واخد كل طباعة وعشان كده اختاروك تدير شركات العيلة وبقى ليك اسمك وكلمتك هنا .."

زفر انفاسه وقال محاولا احتواء الموقف :

" ماما انا تعبان ومحتاج انام .. عن اذنك .."

ثم اتجه مسرعا الى الطابق العلوي تاركا والدته تتابع اثره بقلق ..

.......................................................................

دلف ادهم الى غرفته ليتفاجئ لحسام جالسا فيها ..

ابتسم ساخرا وهو يقول :

" هو انت اتلخبطت فالأوض ولا ايه ..؟!"

لم يهتم حسام لسخريته بل قال بجدية :

" انا محتاجك يا ادهم .. فيه موضوع مهم لازم تعرفه ..؟!"

سأله ادهم بجدية :

" خير يا حسام .. مالك ..؟!"

رد حسام بهدوء :

" انا بحب واحدة وعايز اتجوزها .."

ابتسم ادهم وقال :

" طب ده كويس .. مين هي ..؟! حد نعرفه ..؟!"

قال حسام بقلق :

" لا .. "

سأله ادهم بشك :

" طب مالك بتقولها كده وانت خايف .. هي ايه الحكاية بالضبط. ..؟!"

قال حسام بتردد :

" المشكلة انوا البنت مختلفة عننا تماما .. يعني مفيش اي شبه بينا وبينها .."

" مش فاهم .،"

قالها ادهم بعدم فهم محاولا استيعاب كلام اخيه الذي قال ما في جبعته اخيرا :

" هي بتشتغل مدرسة في مدرسة حكومية .. عيلتها فقيرة جدا وساكنين فحارة بعيدة عننا و.."

قاطعه ادهم بعدم تصديق :

" انت بتقول ايه ..؟! عاوز تتجوز واحدة عايشة فحارة ..؟! انت اتجننت ..؟!"

نظر حسام اليه بضيق وقال :

" انا كنت عارف انك هتقول كده .. انا اصلا كنت مستني ايه من واحد زيك .. انت زيك زي باقي العيلة كل همكم المظاهر وبس .."

اوقفه ادهم وهو يقول بجدية :

" طب ممكن تهدى .. انا مش قصدي .. انا بس انصدمت مش اكتر .. "

ثم اكمل بجدية :

" حسام انا خايف عليك.. محدش هيقبل بالبنت دي .. انت عارف وضع العيلة ومركزها .."

صاح حسام بضيق :

" وانا من امتى بهتم للحاجات دي ..؟! انا اساسا نفسي اخرج من العيلة دي اليوم قبل بكره .. انا عمري ما كنت مستريح معاهم .. كل حاجة ماشية عندهم بالفلوس والمظاهر .."

تطلع ادهم اليه بصدمة .. هو كان يعرف ان حسام مختلفا عنهم فهو متواضع للغاية ولا يحب طريقة ابناء العائلة في التعامل مع الاخرين وتعنتهم وتفاخرهم بأصولهم ومراكزهم لكنه لم يتوقع ان يكون نافرا منهم الى هذا الحد ..

قال ادهم بهدوء :

" يا حسام ده كلام ممكن يتقال ساعة عصبية بس تنفيذه صعب .. انت ممكن تخسر كل حاجة لو اتجوزت البت دي .. ده احتمال يتبروا منك .."

رد حسام بجدية :

" وانا ميهمنيش كل ده .. انا بحبها وعاوزها ومش عايز غيرها .."

قال ادهم اخيرا :

" طب اقعد وخلينا نتفاهم ونفكر فطريقة نحل بيهه الموضوع ده من غير مشاكل .. او على الاقل من غير متخسر حاجة .."

.....................................................................

كانت ليديا جالسة في الحديقة تفكر في طريقة تنتقم بها من ادهم على ما فعله ..

اخذت تفكر جديا في شيء ما ترد من خلاله لأدهم ما فعله بها ..

وجدت مصطفى يقترب منها ويجلس بجانبها هاتفا :

" القمر قاعد لوحده ليخ..؟!"

اجابته ليديا وهي تبتسم رغما عنها :

" مدايقة شوية .."

سألها مصطفى بقلق :

" مدايقة ليه ..؟! فيه حد دايقك هنا ..؟!"

نظرت ليديا اليه قليلا قبل ان تلمع بعينيها فكرة جعلتها تقفز من مكانها وهي تقول :

" مصطفى انت بتحبني ..؟!"

تنهد مصطفى وهو يقول :

" طبعا بحبك .."

عادت وسألته بغموض :

" مستعد تعمل اي حاجة عشاني ..؟!"

نظر اليها مصطفى بعدم فهم لتكمل ليديا بجدية بعدما عادت وجلست بجانبه :

" يعني لو خيرتك بيني وبين ادهم .. هتاخد صف مين ..؟!"

تطلع اليها مصطفى قليلا قبل ان يقول بإبتسامة واسعة :

" صفك طبعا .."

ليجد ليديا تهتف بحماس :

" يبقى انت هتساعدني فمخططي .."

تطلع مصطفى اليها بعدم فهم لتبدأ ليديا تشرح له ما تفكر به ..

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل الثامن 8 ) 


بعد مرور يومين ..
خرج كلا من سليم وادهم وحسام الى عملهم تبعتهم فريال التي خرجت للتسوق فلم يتبق سوى جميلة التي كانت في غرفتها كالعادة ومصطفى وليديا كلا منهما في غرفته ..
خرج مصطفى من غرفته بعدما تأكد من خلو الفيلا من الجميع .. اتجه ناحية غرفة ليديا وطرق الباب عليها لتفتحها بسرعة وتسأله :
" ها كلهم خرجوا ..؟!"
اومأ برأسه وقال :
" ايوه اخر واحدة خرجت امي .. مفيش غير تيتة وهي اصلا فأوضتها ومتقدرش تصعد فوق .."
ابتسمت ليديا وقالت :
" تمام انا جهزت كل حاجة .. كل اللي عليك توقف قدام السلم ومتخليش حد من الخدم يجي هنا .."
اومأ برأسه قبل ان يقول بتوتر :
" بس يلا متطوليش .."
ثم اتجه الى السلم ووقف امامه يراقب الطابق السفلي ليجد ليديا تخرج بعد لحظات وهي تحمل العديد من الاكياس ..
دلفت مسرعة الى غرفة ادهم .. ادهشتها مدى اناقة الغرفة ورقيها وترتيبها الا انها ازاحت هذه الافكار سريعا فهي يجب ان تنفذ المهمة بأسرع وقت ممكن ..
فتحت خزانة ملابسه لتتفاجئ بالكثير من الملابس ..
زقرت انفاسها وهي تفكر بأن هناك اكثر من مكان للملابس ... منها ملابس الخروج واخرى ملابس المنزل ..
تمتمت بكلمات غاضبة وهي تفكر في الطريقة التي سوف تستطيع من خلالها حمل كل تلك الملابس ..
ثم اسرعت وبدأت تخرج الملابس وترميها على سرير .. لم تترك شيئا سوى ملابسه الداخلية .. رمت جميع ملابسه والتي كانت كثيرة للغاية على سريره ..
حملت الاكياس خاصتها وبدأت تخرج الملابس منها وتعلقها بسرعة داخل الخزانة ..
اما في الخارج كان مصطفى واقفا في نفس مكانه يتطلع حوله بتوتر حينما وجد رنا الخادمة تصعد درجات السلم .. ما ان وصلت اخر درجة حتى وجدته يقف في وجهها ويسألها :
" على فين ..؟!"
اجابته بتعجب :
" هنظف اوضكم يا بيه .. "
" خليها وقت تاني .."
قالها بجدية استغربتها الا انها ردت بهدوء :
" يا بيه فريال هانم وصتني انظف الاوض كلها ولازم ابتدي دلوقتي عشان الحق اخلص قبل العصر .."
زفر مصطفى انفاسه بضيق وقال محاولا كتم غيظه :
" يا رنا افهمي .. انا بقولك مش عاوزك تنظفي دلوقتي .."
ردت بضيق وشك :
" هو فيه حاجة يا مصطفى بيه .. ؟! مالك واقف زي واحد عامل عملة وعاوز يخفيها ..؟!"
رفع بصره نحو الاعلى بنفاذ صبر ثم تذكر امر ما فأخرج من جيبه بضعة وريقات مالية وقال :
" خدي دول وأجلي حكاية التنظيف دي .."
تطلعت اليه رنا بدهشة قبل ان تسأله :
" دول كام يا بيه ..؟!"
قال بجدية :
" ٢٠٠ جنيه .."
" لا قليل .. خليهم ٥٠٠ .."
" نعم ياختي .."
قالها مصطفى بصوت عالي قليلا لترد بخبث :
" خلاص يبقى انظف بقى ولو منعتني هقول لفريال هانم انك مخلتنيش انظف الاوض زي ما طلبت .."
" واطية وطماعة .."
قالها مصطفى بضيق ثم ابتلع مصطفى ريقه بخوف وهو يفكر في ردة فعل والدته فقال بسرعة :
" طب خدي دول وهديكي الباقي بعدين لانوا مش معايا غير دول حاليا ويلا انزلي بسرعة ومتجيش هنا ومتخليش حد من الخدم يجي هنا .. انتي فاهمة ..؟!"
سألته رنا بفضول :
" هو انت بتعمل ايه هنا يا بيه ..؟!"
صاح بها بغيظ :
" وانتي مالك ..؟! مش كفاية هتاخدي فلوس .. خدي فلوسك واسكتي .."
أومأت برأسها وهي تقول بضيق :
" طب خلاص متصرخش .."
ثم هبطت الى الطابق السفلي ليتمتم مصطفى ببعض الكلمات الغاضبة وهو يفكر انه سيخسر الاموال بسبب ادهم وافعاله الغبية ..
نظر الى غرفة ادهم وهو يشعر بنفاذ الصبر فليديا تأخرت ليجدها اخرج بعد لحظات وهي تحمل العديد من ملابس اخيه ..
" يلا بسرعة .. احنه كنا هنتفضح .. تأخرتي اوي .."
اجابته بجدية :
" الهدوم كتير واخذت وقت لحد ما علقت الهدوم التانية .."
" طب يلا بسرعة .."
قالها مصطفى بنفاذ صبر لترد ليديا ببساطة :
" لسه فيه هدوم كتير لازم اجيبها .."
" كمان .."
قالها مصطفى وهو يكاد يبكي بينما هزت ليديا رأسها بعدم اكتراث واتجهت الى غرفة نومها ..
ثلاث مرات اتجهت ليديا من غرفة ادهم الى غرفة نومها فملابس ادهم كانت كثيرة للغاية ..
خرجت اخيرا من غرفتها واتجهت نحو مصطفى قائلة :
" خلاص خلصت .."
تنهد مصطفى براحة وقال :
" انا خفت نتكشف .."
ابتسمت ليديا بعذوبة وقالت :
" شكرا يا مصطفى انك ساعدتني .. بجد انت بطل .."
اتسعت عيناه بعدم تصديق وهو يقول :
"قوليها تاني .."
" هي ايه ..؟!"
سأله ليديا بحيرة ليرد :
" قوليلي اني بطل .."
قالت ليديا بعفوية :
" انت بطل .."
تنهد مصطفى بحرارة وقال :
" يااه احلى كلمة سمعتها فحياتي .."
ابتسمت ليديا بسعادة ثم جرته خلفها وادخلته غرفتها قائلة بفخر :
" كل هدومه بقت هنا .. مسبتش حاجة ليه .."
تطلع مصطفى بدهشة الى كمية الملابس الموضوعة على سريرها والتي كانت جميعها من اغلى الماركات ..
" ماشاءالله .. ده فاتح محل .."
بينما قالت ليديا بسعادة :
" نفسي اشوف شكله لما يشوف هدومه الجديدة .". 
تنحنح مصطفى وقال :
" ليديا .. انا مش هوصيكي .. انا مليش دعوة بحاجة .."
ابتسمت ليديا وقالت بخفة :
" متقلقش .. انت متعرفش حاجة اصلا .. انا عملت كل ده لوحدي .. "
تنهد براحة ثم سألها بفضول :
" طب هنعمل ايه بالهدوم دي ..؟! هنخبيهم فين ..؟!"
اجابته ببساطة :
" هخبيهم عندي فالحمام واقفل الباب وخلاص .. "
اومأ مصطفى برأسه متفهما بينما اخذت ليديا تحمل ملابس ادهم وتضعها في الحمام الملحق بغرفتها ليسارع مصطفى في مساعدتها ..
..................................................................
مساءا ...
دلف ادهم الى المنزل بعد يوم شاق قضاه في الشركة .. كان يشعر بالاشتياق الشديد لها ويريد رؤيتها وكم تمنى ان يجدها في صالة الجلوس لكن اماله خابت عندما وجد المنزل فارغا ..
اتجه نحو الطابق العلوي وهو يفكر بليديا واشتياقه الغريب لها .. حقا بات يشعر بالضيق من مشاعره التي تزداد يوما بعد يوم نحوها .. كم تمنى لو لم يشعر بكل هذا ويبقى كما هو مع عليا خطيبته التي اختارها بعقله وارادها زوجة له واما لأولاده ..
كان يسير نحو غرفته حينما وجد حسام يخرج من غرفته ويشير له بسرعة :
" تعال عايز اكلمك .."
دلف ادهم الى غرفة حسام يتبعه الاخير ليقول ادهم وهو يستدير نحو اخيه :
" فيه ايه ..؟! مالك ..؟!"
سأله حسام بجدية :
" فكرت فحل لمشكلتي ..؟!"
رد ادهم بصدق :
" لسه بفكر .."
قال حسام بعصبية :
" انا غلطان اني حكيتلك .. اكيد يعني مش هتفكر فحل ليا وانت اصلا مش موافق على كل اللي عايز اعمله .." 
تطلع اليه ادهم بضيق وقال بهدوء جاهد كي يسيطر عليه :
" انا مش هرد عليك ولا هتعصب لاني مستوعب اللي انت بتمر بيه .. بس لازم تعرف اني لو مكنتش عايز اساعدك كنت قلتها فوشك .. انا مش منافق عشان اخدعك واقولك عكس اللي بعمله .."
تطلع حسام اليه وقال بأسف :
" انا اسف يا ادهم بس انا متوتر بجد .."
ثم اكمل بحيرة :
" وبصراحة مش مصدق انك  عاوز تساعدني لاني عارفك وعارف تفكيرك وانك اخر واحد تحب اني اخطب وحدة فقيرة .. طول عمرك بتفكر بالمستويات والطبقات والعيلة .."
رد ادهم بهدوء :
" ومتغيرتش .. انا لسه بفكر كده وشايف انوا البنت دي متنفعكش بس انت قلت انك مصر عليها وبالتالي هتعمل اللي فدماغك وانا مش هقدر امنعك .. يبقى اسيبك لوحدك واخليك تخسر كل حاجة ولا اقف جمبك واساعدك .. انت اخويا يا حسام وانا بفكر فالطريقة اللي اخليك فيها متخسرش كل حاجة لكن لو جيت عليا انا عمري مهكون راضي عن جوازك ده .."
ابتسم حسام بالرغم من ضيقه من رفض ادهم لحبيبته كونها دون المستوى الا انه في الوقت نفسه اسعده صراحته ورغبته في الوقوف بجانبه ..
تنهد ادهم وقال :
" حسام انا محتاج اسألك كم سؤال قبل ما اقولك اللي بفكر فيه .."
" اسأل .."
قالها حسام بجدية ليرد ادهم بتأني :
" بس بلاش تتعصب .. انا بس عاوز اطمن الاول عشان اقولك عاللي فبالي .."
زفر حسام انفاسه بضيق وقال :
" اسأل يا ادهم .."
قال ادهم بجدية :
" السؤال الاول .. انت واثق انوا البنت دي بتحبك ...؟! يعني مش ممكن طمعانة بيك ..؟!"
ابتسم حسام وقال :
" انا كنت متوقع السؤال ده .. وهرد عليك واريحك .. نورهان انا عرفتها من فترة طويلة .. شفتها بالصدفة البحتة .. حبيتها من اول نظرة بس اترددت اقولها ده لانها محترمة جدا ومش بتاعة الحركات دي .. "
تنهد وهو يكمل تحت انظار ادهم المدهوشة بنظرات اخيه وطريقة حديثه عن تلك الفتاة والتي جعلته متأكدا ان حسام عاشقا لها :
" عشان كده قررت اكلمها بصراحة واقولها اني عاوز اتجوزها طبعا بعد مفضلت فترة اراقبها وعرفت عنها كل حاجة .. استنيتها قدام مدرستها وطلبت اتكلم معاها واتعمدت اني مروحش بعربيتي فخليت تاكسي يوصلني .. وفعلا وافقت بعد ما استأذنت مامتها لانها مستحيل تخرج معايا من غير اذنها .."
تعجب ادهم من مدى احترام تلك الفتاة وتربيتها واخذ يقارنها بفتيات عائلة وجميع الفتاة اللواتي يعرفهن ..
افاق من افكاره على صوت حسام وهو يكمل :
" قعدنا وقلتلها اني معجب بيها وعاوز اتقدملها .. قلتلها اني خريج كلية الهندسة بس قلتلها اني بشتغل عامل فمصنع لاني مش لاقي شغل فشهادتي .. وكمان قلتلها اني عايش فمنطقة شعبية قريبه منهم مع امي واخواتي الثلاثة .."
ضحك ادهم وقال :
" يابن الايه .. ده انت لعبتها صح .."
قال حسام بجدية :
" انا كنت متأكد انها مش طماعة ومش بتاعة فلوس بس شيطاني وزني وخلاني اعمل كده .. قلتلها اني عاوز اتجوزها بس هتعيش مع امي واخواتي وانوا مرتبي على قدي .. لقيتها محرجة فسألتها بصراحة عن رأسها فقالتلي انها محتاجة تفكر وتسأل والدتها .. مقدرتش امسك لساني فسألتها انوا ممكن ترفضني بسبب حالتي المادية فلقيتها بتقولي انها ميهماش وضعي المادي لو لقت اخلاقي كويسة واني شاريها بجد اما والدتها فهي مش عارفة ردة فعلها بس طبعا هي بتحترم رأي بنتها جدا .."
" والله انت مصيبة .."
قالها ادهم بخبث ليرد حسام بضيق :
" كفاية بقى .. ياريتني ما حكيتلك .. المهم لمًا لقيتها موافقة مبدئيا ومفكرتش فوضعي المادي ولا حكاية انها تعيش مع امي واخواتي وكل اللي هاممها اخلاقي عرفت اني اخترت صح فصارحتها فورا وقلتلها حقيقتي واني مهندس وعيلتي كده.. كان لازم اقولها فورا عشان متقولش الكلام الكدب بتاعي لمامتها .."
" عملت ايه ..؟!"
رد حسام :
" اتعصبت جامد وقالتلي انها مستحيل توافق وانوا انا مغرور وفاكر كل الناس همها الفلوس والمظاهر .."
" حقها .."
قالها ادهم بجدية ليرد حسام بهدوء :
" عارف انوا حقها .. وانا غلطت بس زي ما قلتلك شيطاني وزني وندمت جدا بعدها .. فضلت خمس شهور اجري وراها احاول اصالحها وهي مش بتبص فوشي حتى .. فضلت اترجاها عشان تنسى العملة السخيفة بتاعتي وتقبل تتجوزني .."
" خمس شهور ..؟! لا كرامتك غالية اوي .."
قالها ادهم بتهكم ليرد حسام بفتور :
" اولا انا بحبها وثانيا انا غلطت فحقها وبصراحة انا احترمتها جدا انها فضلت رافضاني لاني حسيت انوا كرامتها مهمة اوي عندها غير اني ما صدقت لقيتها فمكنتش مستعد اتنازل عنها بعد اللي حصل .."
اومأ ادهم رأسه بتفهم بينما قال حسام :
" المهم فالاخر وافقت تديني فرصة عشان حست اني بحبها بجد ومتمسك بيها وانا صارحتها وقلتلها طبيعة عيلتي وانهم مش هيوافقوا بس اترجيتها انها تثق فيا وتوافق عليا بس هي رفضت جامد وقالت مستحيل اكون سبب فمشاكل بينك وبين عيلتك .."
" طب انت ليه قولتلها بالسرعة دي موضوع العيلة ..؟!"
سأله ادهم بتعجب ليرد حسام ببديهية :
" مكنتش حابب اكدب عليها مرة تانية وكنت عاوز اصارحها وافهمها اني ممكن اخسر عيلتي وشغلي وكل حاجة .. فضلت فترة رافضاني وقالتلي بلاش اخسر عيلتي عشانها وانوا ممكن يجي يوم واندم .. وانا فضلت اقنع بيها وكلمت والدتها .. والدتها رفضت زيها وقالت انا مجوزش بنتي لواحد اهلي رافضينها ... "
" وبعدين ..؟!"
زفر حسام انفاسه وقال :
" فضلت ست شهور اروحلهم اسبوعيا واحاول اقنعهم اني الشخص المناسب .. كنت عارف انوا نورهان رغما عنها تعلقت بيا وده كان مفرحني .. والدتها كانت بتعاملني كويس بس مصرة على رفضها .. المهم بعد محاولات كتير وافقوا فالاخر .."
قال ادهم بدهشة :
" انت عايز تقولي انك كنت مستنيها تقريبا من سنة .،"
اومأ حسام وقال :
" بحبها من سنة تقريبا .. يادوب وافقوا من كام يوم عشان كده كلمتك بعد ما حسيت اني لازم اكلم حد .. فالاول كنت ناوي اتجوزها وخلاص بس بعدين جالي احساس انك ممكن تساعدني وكده وفجأة لقيت نفسي بحكيلك عشان فالنهاية انت اخويا الكبير .."
ابتسم وربت على كتفه :
" وانا مش هخذلك وهساعدك كمان  تتجوزها بس فيه سؤال تاني .."
" كمان .."
قالها حسام بضيق ليرد ادهم بهدوء :
" يابني اصبر منا لازم اطمن الاول قبل ما اقولك عاللي بيدور فبالي .."
" اسأل .."
قالها حسام وهو بالكاد يكتم غيظه ليرد ادهم بجدية :
" انت مستعد فعلا انك تخسر عيلتك وشغلك والفلوس وطبعا هتتحرم من ميراثك ... يعني هتبقى عايش عالحديده .. انت متأكد انك مستعد تتخلى  عن كل ده ..؟! "
اومأ حسام برأسه وقال بجدية :
" انا مكنتش هصر على نورهان بالشكل ده ولا اصر اني اتجوزها الا لو مكنتش متأكد من ده .. لأني مستحيل اورطها معايا .. وعلى فكرة انا حطيت قدامي اسوء الاحتمالات .. احتمالات أسوأ من اللي انت بتقولها وفكرت كذا مرة عشان أتأكد انوا مش هيجي يوم اتراجع عن قراري مع اني كنت محدد  قراري من اول لحظة بس قلت الاحتياط واجب .."
تنهد ادهم وقال :
" كده انا اطمنت .. وهقولك اللي بفكر بيه .. "
" قول .."
قالها حسام بلهفة ليرد ادهم بجدية :
" بص يا حسام .. انا وانت عارفين انك لو اتجوزت البت دي هتخسر كل حاجة اولهم شغلك باعتبار انوا المكتب باسم بابا وثانيا العيلة اللي كلها هتقاطعك غير انوا مش هيبقى عندك مكان تعيش فيه والاهم من ده كله انوا انا متأكد انوا ابويا واعمامي هيمنعوا اي شركة تشغلك عندها .."
ابتسم حسام بألم وهو يدرك ان ما يقوله ادهم سوف يحصل بالضبط ليكمل الاخير:
" انت مفيش حاجة فإسمك غير العربية ومبلغ محدد بالبنك واللي اكيد مش هيكفيك ولا هتقدر تستعمله فحاجة مفيدة .. وانا مش مستعد اخليك تتجوز وتلاقي نفسك عالحديده واسيبك ضايع وتخسر كل حاجة .."
" بمعنى ..؟!"
قال ادهم بجدية :
" ركز معايا يا حسام .. اديني كام يوم هديلك مبلغ محترم وكبير يكفيك تشتري شقة فمنطقة كويسة وكمان تفتح مكتب خاص بيك بدل المكتب اللي ابويه هيسحبه منك .. وبالتالي لما تصارح العيلة بجوازك ويرفضوك هتخرج من البيت ده وتتجوز وانت عندك شقة وعربية وفوق ده شغل .. أينعم مش هتعيش فالمستوى ده بس عالاقل هتقدر تعيش مرتاح نوعا ما .،"
سأله حسام بتعجب :
" وانت هتجيب المبلغ ده كله منين ..؟!"
اجابه ادهم بجدية :
" انت ناسي انوا كل الفلوس اللي بتجي من المشاريع والصفقات بتبقى تحت امري وانا اللي بوزعها على اعمامي .. انا مسؤول عن الامور المالية كلها .. "
" بس يا ادهم كده مش هتعتبر سرقة ..؟!"
سأله حسام بشك ليرد ادهم :
" اولا هما اللي اجبرونا على ده .. ثانيا اعتبره حقك من ميراث جدك وابوك واللي واثق انهم هيحرموك منه والمبلغ اللي هديهولك رغم انوا كبير بس ميجيش حاجة جمب حقك الشرعي من شركاتنا واملاكنا .."
" طب وانت ..؟! دول هيقلبوا عليك وممكن يسحبوا ادارة الشركة منكِ .. دول ممكن يعملولك حاجات كتير يا ادهم .. مش هيسكتوا ابدا ولا حد فيهم هيرحمك .."
رد ادهم بجدية :
" انا مضطر لكده .. ثانيا اكتر حاجة ممكن يعملوها ليا انهم. يقاطعوني فترة ويسحبوا مني ادارة الشركة بس طبعا مش هيتبروا مني ولا يحرموني من الميراث زيك .."
" وانت عادي عندك يسحبوا ادارة الشركة اللي بتديرها من اكتر من عشر سنين .. ؟! انت ناسي انوا ده كان حلمك من وقت ما كنت فالجامعة ده حتى اخترت تخصصك الجامعي بناء على رغبتك فإنك تدير شركات العيلة .."
" لا مش ناسي بس انا متأكد انهم مش هيطولوا ويرجعوا ليا الادارة .. لانوا كلهم عارفين انوا محدش هيعرف يدير المجموعة زيي ولا حد من اعمامك قدر يحقق ربع اللي انا حققته .. انت ناسي السوق اللي بقى كله لينا من ساعة ما انا مسكت الشغل وكل المنافسين بقوا تحتينا .."
قالها ادهم بثقة ليقول حسام بتردد :
" بس انا مش مستعد اسيبك فوش المدفع .. انت مش مجبر لده .."
قال ادهم بضيق :
" يا حسام استوعب كلامي .. انت لازم تكون ضامن مكان تعيش بيه وشغل يكفيك انت ومراتك .. مش هتتجوز وانت فاضي كده .. ثانيا والاهم انت عارفني وعارف اني اقدر اقف فوشهم .. صحيح هما اعمامي بس متنساش انوا من وقت طويل الكل بقى معتمد عليا والكلمة الاساسية بقت ليا .. حتى ادارة الشركة مش هيجازفوا ويسحبوها لانهم مش هيعرفوا يديروها صح وهيخسروا كتير خصوصا انوا انا ليا طريقة معينة فإدارة المجموعة محدش يعرفها غيري وغير موظفين غريبين تماما .. حتى خالد وكريم مش عارفين حاجة عن طريقة شغلي ولو موتوا روحهم مش هيعرفوا الطريقة اللي بدير بيها المجموعة ولا الاستيراتيجية اللي استخدمتها وحققت المكاسب دي كلها ليهم وبقى دخلنا بالمليارات .."
تطلع اليه حسام بدهشة .. هو كان يعلم ان اخيه ذكي للغاية بل مبهر ايضا لكنه لم يتصور ان يكون بهذا الكم من الذكاء الذي يجعله يتخذ طريقة خاصة اخفاها عن الجميع حتى اولاد عمه كي لا يستطيع احد منهم ان ينافسه او يشاركه بالادارة بالرغم من ان خالد وكريم يرغبان في ذلك الا ان الجميع يعرفون انهم لا يستطيعون ان يصلوا الى قدرات ادهم وذكائه وبالتالي كان ادهم المفضل لدى جميع اعمامه حتى عمه والد خالد وكريم ..
افاق حسام من شروده على صوت ادهم يقول :
" متفكرش بيا .. انا اعرف اضبط نفسي .. واقف فوشهم .. المهم اديني كام يوم اجهز المبلغ واول ما اديك المبلغ تشتري شقة مناسبة وبعديها مكتب مساحته كويسة وتبتدي تدور على موظفين وانا هساعدك .. وبعد ما تشتري الشقة والمكتب تفاتح ابوك فالموضوع واللي اكيد هيرفض .. حاول معاه اكتر من مره احتياط عشان ميقولش انك ما صدقت ولما تلاقيه مصر قوله اني هتجوزها وخلاص .. وبعدها اتجوزها فورا يا حسام ..  حسام نفذ اللي بقولهولك بالحرف الواحد ..."
اومأ حسام برأسه قبل ان يحتضن ادهم ويقول :
" انا عمري مهنسى جميلك ده .. انت بجد احسن اخ يا ادهم .."
ربت ادهم على كتفه وقال وهو يضحك :
" يابني انت اخويا الصغير .. صحيح الفرق بينا اربع سنين بس مهما كان انا اكبر منك ومسؤول عنك .. بس خليك دائما فاكر انوا الفلوس اللي هتاخدها دي حقك .. انا مش بديك حاجة من جيبي .."
ابتسم حسام بإمتنان بينما خرج ادهم وهو يشعر براحة غريبة فهو بالرغم من كونه يتمنى لحسام زيجة تليق به الا انه سعيد للغاية بعدما ساعده في حل مشكلته فهو اخيه الذي يحبه وسوف يقف في جانبه ويدعمه في جميع قراراته ..
.....................................................................
دلف ادهم الى غرفته سعيدا منشرحا ثم قرر ان يغير ملابسه بسرعة ويهبط الى الاسفل ليرى ليديا التي يشتاق لها بجنون ..
فتح خزانة ملابسه وسحب احد البيجامات ليتأملها بدهشة فهي كانت بيجامة قديمة للغاية مستعملة يقر انها من زمن الستينات .. وفوق هذا كله بحجم يفوق حجمه بأضعاف ..
اخذ يقلب في البيجامات ليجدها كلها من نفس النوع والحجم والشكل المقرف .. 
اتجه نحو الباب الاخر وفتحها لينصدم مما رأه .. ملابس الخروج خاصته مختفية ويوجد محلها ملابس غريبة للغاية تشبه ملابس المهرجين بألوانها الفاقعة وتصميماتها المضحكة وبالطبع كانت ذات حجم كبير يتسع لثلاثه رجال من نفس حجمه ..
اتسعت عيناه بغضب وهو يحمل نفسه ويتجه خارج غرفته نحو الطابق السفلي بحثا عن ليديا ليجدها جالسة في صالة الجلوس تقلب في هاتفها ..
" ليديا ..."
قالها بصوت غاضب لتنهض ليديا من مكانها وهي تبتسم بسخافة ..
" وكمان ليكي عين تضحكي ...؟!"
قالها بغضب كبير لتومأ برأسها وترد وهي لا تستطيع كتم ابتسامتها :
" ده رد فعل طبيعي عاللي عملته .. اظن ده حقي ... "
" يعني كده انتقمتي مني ..؟!"
قالها بغيظ لتومأ برأسه وهي تجيبه:
" شور .."
ثم اكملت بمكر :
" بس ايه رأيك بالهدوم ..؟! عجبتك ..؟! انا اخترت قطعة قطعة بنفسي .. موديلات مفيش زيها فالسوق .."
جذبها من ذراعها بقوة وقال بحدة :
" فاكراني لعبة فإيدك يا ليديا ..؟! انت عارفة انا ممكن اعمل فيكي ايه ..؟! لولا انك بنت اقسم بالله ماكنت هرحمك .."
ردت بتحدي :
" انت اللي بدأت ... يعني لازم تحاسب نفسك انت .."
كاد ان يرد عليها لولا سمع صوت جرس الباب يرن فرمقها بنظرات حادة قبل ان يترك ذراعها ويتجه ليفتح الباب فيجد عليا امامه ...
كاد ان يغلق الباب في وجهها فهو لا يطيق رؤيتها خاصة بعدما حدث لكنه استوعب اخيرا ما كان يريد فعله وحمد ربه انه تراجع عنه ..
اقتربت عليا منه وضمته وهي تقول بسعادة :
" وحشتني قلت اجي اشوفك .."
ثم اكملت بحزن وهي تبتعد قليلا عنه :
" كده بردوا يعني اكلمك يومين ومتردش عليا ..."
رد ادهم بجمود :
" ده العادي .. امال عايزاني اعمل ايه بعد كلامك السخيف اللي قلتيه ..؟!"
قالت عليا بحرج :
" سوري حبيبي .. بجد مكنتش اقصد .. انا اسفة .."
هز رأسه بعدم اكتراث بينما اتجهت هي نحو ليديا ترمقها بنظرات مغتاظة قبل ان ترسم على شفتيها ابتسامة مصطنعة وهي تقول :
" ازيك يا ليديا ..؟!"
ابتسمت ليديا وقالت :
" كويسة .. انتي ازيك ..؟!"
ردت عليا :
" بخير .."
تقدمت فريال نحو عليا ورحبت بها بينما ادهم يطالعهم بلا مبالاة قبل ان تلمع في عينيه فكرة ظن انه من خلالها سوف يغيظ ليديا ..
اقترب ادهم من عليا واحتضنها من الخلف قائلا بحب مصطنع :
" طبعا انتي هتتعشي معانا صح ..؟!"
ابتسمت عليا بسعادة وقالت :
" تمام .."
قالت فريال وهي ترمق ليديا بطرف عينيها :
" طب متاخدها وتتعشوا بره لوحدكم .."
قال ادهم بسرعة ورفض متجاهلا نظرات عليا المتلهفة لسماع موافقته على اقتراح فريال :
" لا خلينا معاكم .. انا حابب نتعشى كلنا سوا ..."
ثم شدد من احتضان عليا وقال :
" متعرفيش انتي واحشاني قد ايه .. بجد اسف لاني انشغلت عنك .."
كانت يتحدث بنبرة ناعمة جعلت عليا تطير من فرط سعادتها فطوال حياته لم يتحدث ادهم معها بهذه الطريقة بينما ادهم كان يراقب ليديا بطرف عينيه ليجدها انها تتأمله بشكل عادي ولا يبدو عليها أنها تضايقت او حتى تأثرت بما يحدث ..
في تلك اللحظة وبذكائه تأكد ادهم ان ليديا لا تحمل اي شعور خاص اتجاهه فنظراتها وابتسامتها تؤكد ذلك وهو ذكي بما فيه الكفاية لينتبه الى اي اهتمام او ضيق منها لو وجد .. تملكه شعور فظيع من الاحباط مما وصل اليه وتمنى لو انه لم يفعل ما فعل ويقترب من عليا ويتصرف معها هكذا .. كان لديه امل ان يشعر بضيق ليديا او انزعاجها مما يفعله .. امل يجعله يشعر بأنها تبادله ولو جزءا صغيرا من مشاعره لكن كل هذا تبخر وحل محله الألم والضياع وشعور فظيع وطاغي استولى على قلبه بأن الفتاة الوحيدة التي سرقت قلبه وسحرته وجعلته مدله بها لا تفكر به من الاساس ..

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل التاسع 9 )


ودع ادهم عليا وهو يلعن نفسه لانه طلب منها البقاء على العشاء فهو اضطر لأن يتحمل افعالها السخيفة ومحاولاتها لجذب انتباهه بكل الطرق مما جعله يشعر بالاختناق ومما زاد وغطى عليه هو عدم اهتمام ليديا بكل هذا حيث كانت مندمجة بالضحك والحديث مع حسام ومصطفى ..
كاد ان يلعن ليديا التي اوصلته بكل هذا وجعلته يعيش هذا الشعور المؤلم الذي لم يشعر به طوال سنوات عمره الخمسة وثلاثون لكنه لم يستطع فعل ذلك فهو يحبها لدرجة تجعله عاجزا عن لعنها او ضربها ..
اخذ يسأل نفسه متى وكيف احبها .. هو لم يعرفها الا منذ ايام قليلة .. ولم يجمعه بها سوى احاديث مختصرة .. صحيح انه قضى اغلب الايام المنصرمة يراقبها بشغف دون ان تنتبه ويفكر بها طوال الوقت حتى انه كان ينتظر انتهاء عمله بسرعة كي يعود ويراها .. عمله الذي كان يعشقه بجنون ولا يمل منه ابدا اما الان فبات يشعر بالاختناق منه والضيق كونه يبعده عن ليديا ..
شعور الغضب سيطر عليه بسبب ما وصل اليه .. لقد اصبحت ليديا كل شيء بالنسبة له .. اخذ يلعن نفسه لانه سمح لمشاعره ان تنساق ورائها وقلبه ان ينجذب اليها .. هو الذي لم يهتم يوما بالحب حتى ان علاقاته النسائية كانت محدودة يقع في فخ فتاة فرنسية تعرف عليها منذ اقل من شهر .. والادهى انه لا يحبها فقط بل بات مجنونا بها يكفي غيرته عليها التي تجعله يرغب في اخفائها عن العالم بأكمله .. يشعر انه تخطى مرحلة الحب منذ زمن بل ومرحلة العشق ايضا ووصل الى اعلى مرحلة وهي الهيام ..
تطلع الى السماء بنجومها اللامعة وعاد يسأل نفسه .. لماذا احبها دونا عن الجميع وكيف احبها بهذه السرعة حتى وهو لا يعرف سوى اشياء بسيطة عنها ..
ابتسم بسخرية وهو يتأكد من كونه احبها منذ اول لحظة رأها فيها بل منذ ان تأمل شعرها وصوتها الرقيق .. منذ ان خفق قلبه بعنف وهي تستدير نحوه بوجهها البريء الناعم .. في تلك اللحظة كاد قلبه ان يتوقف وشعر بنبضة قوية للغاية تخترق حصونه وهو ينتظر منها ان تلتفت وكأنه حياته وموته مرتبطان بإلتفاتها نحوه ..
هو وقع في غرامها منذ ذلك الحين ويوم على يوم كان يعشقها اكثر... الان فهم معنى الحب من النظرة الاولى الذي كان يسمع عنه في الافلام والتي كان لا يحب ان يتابعها اصلا اضافة الى احاديث البعض عن الحب من النظرة الاولى والذي كان يسخر منها فهو مقتنع تماما انه من المستحيل ان تحب شخص من نظرة واحدة .. كان يرى ان الحب والذي لم يكن مكترثا به من الاساس يجب أن يأتي بعد معرفة طويلة وليس من اول مرة ترى بها الشخص لكن للاسف تبين ان جميع ما قاله كان خطأ وان جميع من سخر منهم عايش هو شيئا مطابقا لما عايشوه ..
ابتسم بألم وهو يتذكر محاولاته الايام السابقة لإقناع نفسه انه لا يحب ليديا بحق وان ما يمر به مجرد نزوة واعجاب بجمالها الاوروبي ..
بالرغم من كونه يدرك جيدا انه لم يحب يوما الفتيات الشقراوات وانه دائما يفضل السمراوات او على الاقل ذوات الشعر الغامق اما الشقراوات فلم يكن يحبهن ابدا ولا يميل اليهن نهائيا .. تذكر زميلته الشقراء في الجامعة  والتي كان جميع الشباب يتمنون نظرة واحدة منها بينما هي اغرمت به وباتت تحاول جذب انتباهه ليصدها بسرعة .. ما زال يتذكر جمالها الخارق والذي لا يقارن بجمال ليديا فتلك الفتاة اجمل من ليديا بمراحل .. تذكر سخرية زملائه منه لانه يرفضها وسخريتهم التي ازدادت حينما اخبرهم ببساطة انها جميلة لكنه لا ينجذب اليها كونها شقراء وهو لا يحب الشقراوات اطلاقا ...
ابتسم بسخرية وهو يتذكر انه اصر على ان ليديا مجرد نزوة وانه فقط معجب بجمالها مع العلم انه يدرك ان ليديا ليست خارقة الجمال بل انها عادية للغاية فقط ما يميزها بياضها الناصع وشعرها الاشقر وعينيها الزرقاء اما لو جئنا الى الواقع فهي متوسطة الجمال مقارنة بزميلته تلك او النساء اللاتي مررن بحياته او حتى نساء اوروبا الجميلات حتى عليا خطيبته اجمل من ليديا بمراحل فهي جميلة للغاية بشكل يجعل جميع الرجال ينجذبون اليها .. اما ليديا اندهش الجميع بها فقط كونها شقراء ذات ملامح اجنبيه تختلف عن ملامح فتيات هذه البلاد خاصة انه الشقار نادر للغاية في جميع البلاد العربية ..
اذا حبه لليديا لا علاقة له بشكلها ..
ابتسم بحزن فهو قد تأكد من مشاعره بعد محاولات عديدة منه لإثبات عكس ذلك .. واخذ يقنع نفسه مرارا ويراجع مشاعره محاولا ان يثبت انه لا يحبها لكن في كل مرة كان يكتشف العكس .. تنهد بحرارة وهو يتجه الى الداخل وحيرته تأكله وخوفه مما هو قادم يزداد ..
..................................................................
دلف ادهم الى المنزل بخطوات متثاقلة ليجد مصطفى جالسا لوحده في صالة الجلوس يلعب في هاتفه ..
ما ان شعر مصطفى به حتى تأمل ملامحه الواجمة بحيرة قبل ان يسأله بعفوية :
" هو انت لسه ملقتش هدوم تلبسها بدل هدومك دي ..؟!"
لم يهتم ادهم بما قاله للحظات لكن ما ان كرر كلماته داخل عقله حتى احتدت عيناه .. انتبه مصطفى لما قاله اخيرا ولعن نفسه فهو من كشف نفسه بنفسه ..
اقترب ادهم من مصطفى الجالس على احد الكراسي التي تتوسط صالة الجلوس وجذبه من بلوزته وهو يهتف بغضب :
" هو انت كنت عارف ..؟!"
قال مصطفى بتوتر وخوف :
" عارف ايه ..؟! انا مش فاهم حاجة .."
صاح ادهم بغضب مدمر :
" مصطفى .. انت بتضحك على مين ..؟! انت كشفت نفسك خلاص .. وطبعا تلاقيك انت اللي ساعدتها ...؟!"
ابتلع مصطفى ريقه وقال بصوت متقطع :
" انت فاهم غلط ..."
قبض ادهم بشكل اكبر على قماش بلوزته وقال بعصبية :
" بتبيع اخوك يلا .. وصلت بيك الوساخة لكده ..؟!"
قال مصطفى بنبرة مرتجلة :
" والله فاهم غلط .."
" اقسم بالله العظيم ورحمة جدك وجدي لو ملقتش كل حاجة حالا وكدبت فحرف واحد لأعمل فيك عمايل واخليك فرجة الي رايح واللي جاي باللي هعمله .."
تطلع مصطفى اليه بخوف فهو يعلم ان ادهم حينما يغضب لا يرى امامه فقال :
" انا كل اللي عملته اني راقبتلها الطريق وهي بتنفذ الخطة .. هي اللي خططت لكل حاجة وجابت الهدوم الغريبة دي بعد ما ريهام خذتها لمكان بيبيعوا بيه هدوم مستعملة وكده .. وكمان هي اللي دخلت اوضتك وخدت هدومك وبدلتها بالهدوم دي .. انا معملتش حاجة غير اني كنت براقب المكان عشان اضمن محدش يصعد فوق .."
قبض ادهم على عنقه وهو يقول :
" بتبيع اخوك يا كلب .. بتبيعني انا عشان بنت عمك الفرنساوية .."
قال مصطفى بصوت متقطع :
" يا ادهم ابوس ايدك هموت .."
حرر ادهم رقبته ثم عاد وجذبه من بلوزته وهو يقول بحدة :
" بعتني بكام ياض ..؟! اديتك ايه عشان تبيعني بالسهولة دي ..؟!"
قال مصطفى بصدق :
" اديتني ايه بس ..؟! ده انا اللي دفعت وخسرت فلوس بسبب الخطة بتاعتها .."
" والمفروض اني اصدقك ..؟!"
قالها ادهم بتهكم ليقسم مصطفى له :
" والله العظيم مخدتش حاجة .. ده انا اللي دفعت للخدامة  عشان متقولش لامي .."
قال ادهم بكره :
" كلب وواطي .. وانت ايه اللي يخليك تعمل كده ..؟! تساعدها فحاجة تضرني وانت عارف انا ممكن اعمل فيك ايه لا وكمان تدفع فلوس عشانها .."
تنحنح مصطفى بحرج وقال بأسف مصطنع :
" يعني بنت وطلبت مني اساعدها ينفع اسيبها كده لوحدها .. يعني دلوقتي لو شفت بنت فالشارع وطلبت منك مساعدة .. رجولتك تسمحلك انك اسيبها كده ومتساعدهاش..؟؟!"
قال ادهم وهو يحرر بلوزته :
" لا راجل فعلا ..."
تنهد مصطفى براحة لكن سرعان ما وجد ادهم ينقض عليه مرة اخرى وهو يقول :
" تساعدها على حساب اخوك .. ؟! اخوك اللي تعرفه من ١٧ سنة .. اخوك ابن امك وابوك .."
قال مصطفى :
" هو انت هتعرفني عليك دلوقتي ..؟!"
ثم اكمل بترجي :
" اقسم بالله انا اضطريت لده .. انا مستحيل أاذيك .. بس هي صعبت عليا خصوصا انها بنت ووحيدة ومسكينه .."
" يا نحنوح .."
قالها ادهم بتهكم ليخفض مصطفى رأسه بحرج ثم قال :
" والله يا ادهم انا اضطريت ... انت تصدق اني ابيعك يعني .."
قبض ادهم على ملابسه مرة اخرى وقال :
" ماتت بعتيني وخلاص عشان الاجنبية .. مطمرتش فيك العشرة يا واطي ... ولا الفلوس اللي كنت بتاخدها مين بعد ما تخلص مصروفك ..."
" اسف يا ادهم ...بجد اسف .."
ابتعد عنه ادهم بنفور ثم قال بنبرة متوعدة :
" وحياتك لا اوريك اللي عمرك مشفته .. بس استنى عليا وشوف هعمل ايه .. خليك فاكر انوا الايام الجاية هتبقى سودة على دماغك .."
قال ادهم كلماته الاخيرة ثم اتجه الى الطابق العلوي ليتطلع مصطفى الى اثره بخوف وهو يفكر بما سوف يفعله به ويلعن نفسه لانه ساعد ليديا في مخططها ...
افاق من شروده على صوت رنا تقترب منه ليسألها بضيق :
" خير ..؟!"
" فين باقي الفلوس ..؟!"
سألته رنا بجدية ليقول مصطفى ببلاهة :
" فلوس ايه ..؟!"
ردت رنا :
"ال٣٠٠ جنيه اللي فضلوا من المبلغ الاصلي اللي
 اتفقنا عليه .."
" امشي يا بنت من هنا .. مش كفاية ال٢٠٠ جنيه ،. حقيقي بنت طماعة .."
" ماشي يا مصطفى بيه بس متزعلش مني لما ابلغ فريال هانم باللي حصل .."
كادت ان تتحرك لولا انه اوقفها بسرعة ممسكا بذراعها مترجيا اياها :
" استري عليا الله يخليكي .. كفاية ادهم واللي ناوي يعمله .. انا هلاقيها منين ولا منين .."
ثم قال بتوسل :
" اوعدك هديهملك خلال يومين .. لانوا حاليا انا مفلس واخر فلوس كانت معايا اديتهملك الصبح .."
قالت رنا بنبرة عالية :
" انا مليش دعوة انا عايزة الباقي .."
كمم فمها وهو يقول :
" اخرسي .. هتفضحينا ... قلتلك هديكي الباقي .. استني عليا وانا هحاول ادبر المبلغ بكره واديهولك.."
شمخت بذقنه عاليا وقالت :
" ماشي .. اما نشوف .."
ثم سارت عائدة الى غرفتها ليهتف مصطفى :
" واطية وحقيرة يا رنا .."
ثم اكمل :
" ادي نتيجة غبائي وتهوري .. انا كان مالي ومال ليديا ... اديني هتمرمط بسببها .. اوف .."
.......................................................................
طرق ادهم باب غرفة ليديا ليسمع صوتها وهي تسمح له بالدخول ..
نهضت من فوق سريرها ما ان وجدته يتجه لتنظر اليه بترقب بينما حاول هو ان يسيطر على مشاعره نحوها فهو يجب ان يحاسبها على فعلتها ..
" اظن سكت كتير .. وصبرت .. اديني هدومي من فضلك وكفاية لعب وتفاهة .."
قالها بصوت رخيم قوي لتقول ليديا :
" مش هحاسبك على كلمة تفاهة .. وانا هديلك هدومك بس طبعا بعد ما ترجعلي هدومي .."
قال ادهم :
" فعينك .. مفيش حاجة هترجعلك .. انا مستحيل اخليكي تلبسي اللبس العريان بتاعك ... وخدي بالك من هنا ورايح تاخدي بالك من لبسك وتلبسي حاجات طويلة ومستورة .."
" وانت مالك فلبسي اصلا ..؟!"
سألته بضيق ليرد ببساطة :
" انا قلت اللي عندي .. ولو لقيتك لابسة حاجة مفتوحة او قصيرة ورحمة جدي اللي هو جدك واللي عمري محلفت برحمته كذب لهتشوفي مني حاجات تخليكي تتمني الموت .."
تطلعت اليه بنظرات هازئة أغاظته لكنه تجاهلها وهو يقول :
" ودلوقتي قوليلي فين هدومي ..؟!"
قالت ليديا بإصرار :
" مش هنشوف هدومك الا بعد ما ترجعلي هدومي .." تطلع  اليها ادهم بصمت للحظات جعلتها تشعر بالسعادة فهو بالتأكيد سوف يعيد لها ملابسها في سبيل ان يأخذ ملابسه لكن سعادتها تبخرت بعد لحظات حينما وجدته يقول بلا مبالاة :
" تمام براحتك .. بلاش ترجعيهم .."
" يعني ايه ..؟! انت متنازل عن هدومك ..؟!"
سأله بعدم تصديق ليرد بهدوء :
" اه متنازل .. اساسا انا من زمان كان نفسي اشتري هدوم جديدة بعد ما ارمي القديم كله .."
" انت مجنون .."
صاحت بها بعدم تصديق ليبتسم وهو يقول :
" وانتي هبلة لو فاكرك انك هتجبريني اعمل حاجة مش عاوزها .. متخلقتش لسه اللي تلوي دراع ادهم السيوفي .." 
كاد ان يخرج من الغرفة لكنها امسكته من ذراعه وهي تهتف به بتوسل :
" ارجوك رجعلي هدومي .. طب بلاش الهدوم اللي اشتريتها من هنا .. عاوزة هدومي اللي جبتها معايا من فرنسا .. انا بحبهم جدا وغاليين عليا بجد وليا ذكريات حلوة معاهم .."
رد ادهم بجمود محاولا عدم التأثر بملامحها المتسولة :
" قلت مش هرجعهم ... انا خلاص اديتهم لناس فقرا محتاجين .."
صاحت به :
" ايه ..؟! انت تجننت ..؟!"
تطلع اليها بلا مبالاة ليجد الحزن يطغي على ملامحها قبل ان تهتف بنبرة متألمة :
" انا عمري مهسامحك .. الهدوم كانت غالية عليا وفيها ريحة ماما ..."
" ليديا .."
قالها بنبرة مشفقة لتقاطعه بصرامة :
" اخرج بره ..."
كاد ان يتحدث لكنها عادت وقاطعته بقوة :
" لو مخرجتش دلوقتي هصرخ بصوت عالي والم الكل عليك .."
زفر انفاسه واتجه خارجا من غرفتها ونظراتها المتألمة تمزق فؤاده ..
.....................................................................
دلف ادهم الى غرفة حسام بعدما طرق الباب وسمح له حسام بالدخول ..
تطلع حسام الى ملامح اخيه الحزينة بتعجب قبل ان يسأله بقلق :
" مالك يا ادهم ..؟! شكلك مش كويس ليه ..؟!"
رد ادهم بجدية :
" مليش .. عايز بيجامة منك .."
" نعم ..؟!"
صرخ حسام بها بدهشة ليتطلع اليه ادهم بضيق قبل ان يقول ببرود :
" بقولك عايز بيجامة ..."
" بيجاماتك راحوا فين ..؟!"
سأله حسام وهو ما زال محتفظا بدهشته ليرد ادهم :
" ملكش دعوة .. اديني بيجامة الله يخليك .."
نهض حسام من مكانه وقال :
" لما تحكيلي الاول .. منا بحكيلك كل حاجة اهو .."
رفع ادهم بصره الى الاعلى بنفاذ صبر ثم اخفضه واحد يخبر حسام بجميع ما حدث ..
اخذ حسام يضحك بقوة جعلت ادهم يتطلع اليه بغيظ قبل ان يقول :
" انت بتضحك يا حسام ..؟! فرحان بيا ..؟!"
واخيرا توقف حسام عن ضحكاته فقال :
" سوري مقدرتش مضحكش .. بس اخوك طلع واطي اوي .."
قالها وهو يعاود الضحك حينما يتذكر ما فعله مصطفى ليردد ادهم بحقد :
" حقير وواطي .. بس استنى وشوف هعمل فيه ايه .."
تطلع ادهم الى حسام الذي كان يحاول ان يخفي ابتسامته فقال بنفاذ صبر :
" مش هتديني بيجامة بقى .."
اومأ حسام برأسه وهو ما زال مبتسما ثم اتجه نحو خزانة ملابسه واخررج احدى بيجاماته واعطاها لاخيه الذي تطلع اليها بدهشة قبل ان يقول :
" ايه دي ..؟!"
رد حسام :
" بيجامة .."
قال ادهم بنفور :
" مستعملة .. انت عايزني البس حاجة انت لبستها قبل كده ..؟!"
رد حسام بتعجب :
" هو انا عندي جرب .. اه مستعملة .. فيها ايه ..؟!"
قال ادهم :
" لا طبعا .. انا مستحيل البس حاجة مستعملة حتى لو كانت بتاعة اخويا .. اديني بيجامة جديدة ..؟!"
" خد البيجامة واطلع بره بدل ما اغير رأيي واخدها هي كمان .."
قالها حسام بغيظ من غرور اخيه ليتجه ادهم نحو الخزانة تحت انظار حسام المندهشة ..
اخذ يقلب البيجامات ليجد حوالي اربع بيجامات جديدة غير مستعملة انتقى افضل واحدة منهم ..
مسك حسام البيجامة وقال بسرعة :
" كله الا دي .. دي غالية جدا .. "
رد ادهم بلا مبالاة :
" عارف .. بس انا برتاح بالنوع ده من البيجامات .."
" نعم ياخويا .. نعم يا حبيبي .. رجعها يلا وخدلك غيرها .."
" انت ليه محسسني انها بيجامة حياتك .."
رد حسام بتهكم :
" اسم الله عاللي مش بيلبس الا بيجامات معينة وغالية جدا .. تواضع شوية والبس بيجامات عادية زي ما اغلب الناس بيلبسوها .."
" انا خارج .."
قالها ادهم بملل ليجذبه حسام من ذراعه ويقول :
" ورحمة ميتيني منا سايبك .. الا البيجامة دي .. خد اي واحدة غيرها .،"
قال ادهم بضيق :
" تصدق انك واطي زي اخوك الصغير .. بقى بعد كل اللي هعمله عشانك مستخسر فيا حتة بيجامة .."
" غالية اوي يا ادهم .."
قالها حسام بنبرة مستاءة ليرد ادهم بمكر :
" اخوك ولا البيجامة .."
زفر حسام انفاسه بضيق قبل ان يقول :
" اخويا .."
احتضنه ادهم ثم ابتعد وهو يقول :
" اروح البسها وانام بقى عشان تعبت بجد .. تصبح على خير يا غالي .."
ثم تحرك خارج الغرفة تاركا حسام يندب حظه فهو من النوع الذي يكون حريص للغاية في صرف امواله وما يشتريه .. هو ليس بخيل ابدا لكنه ليس مبذر للدرجة التي تجعله يشتري ملابس منزلية بأسعار خياليه كما يفعل ادهم .. بل انه يشتري ملابس اعتيادية مثل التي يشتريها اغلب الناس ما عدا هذه البيجامة التي اشتراها مرة في اثناء خروجه مع صديقة لاحدى المولات حيث اعجبته وشعر بالحرج من عدم اخذها كي لا يظن صديقه انه بخيل ويفهمه بشكل خاطئ فإضطر  لأخذها رغم انها غالية للغالي وسعرها كلفه العديد من الدولارات ..
........................................................................
في صباح اليوم التالي ..
كان ادهم يجلس في مكتبه شاردا يفكر في ليديا وما سيفعله معها ..
انتفض من مكانه عندما وجد عمه كمال يدلف اليه فرحب به مسرعا ثم عاد جالسا في مكانه بينما عمه جلس على الكرسي المقابل له وقال :
" هو من امتى لازم ابن العم يدفع حاجات بنت عمه .."
تنحنح ادهم بحرج وقد فهم ان ليديا اخبرت والدها بدفعه لجميع ما اشترته بالرغم من انه طلب منها مسبقا ألا تخبره بذلك ..
ابتسم ادهم وقال :
" وفيها ايه يا عمي ..؟! ليديا بنت عمي ومفيهاش حاجة لما ادفع ليها فلوس الحاجات اللي اشترتها .."
رد كمال بجدية :
" لا طبعا .. حتى لو كنت ابن عمها مينفعش تدفع ليها حاجة .. اظن ابوها بس اللي يصرف عليها ولو مت ممكن ساعتها اخوها .."
قال ادهم بسرعة :
" بعد الشر عليك يا عمي .."
قال كمال بضيق :
" اللي عملته دايقني جدا .. حسنني اني مليش قيمة لدرجة انوا ابن اخويا يصرف على بنتي .."
قال ادهم بتأني محاولا تبرير فعلته :
" يا عمي انا مش قصدي والله ... مانت اديتها البطاقة وكان بيها فلوس كتير تكفيها وزيادة .. انا بس حبيت يعني ارحب بيها على طريقتي .."
رمقه كمال بنظرات هادئة قبل ان يخرج من جيبه شيك واعطاه لادهم ..
لم يأخذ ادهم الشيك منه بل قال بضيق :
" ايه ده يا عمي ..؟!"
رد كمال بهدوء :
" ده شيك بالمبلغ اللي دفعته حسب كلام ليديا ولو دفعت اكتر من ده قولي .."
رد ادهم رافضا الشيك رفضا قاطعا :
" انا مستحيل اخد الشيك ده .. انا مدفعتش هدوم ليديا عشان اخذها تاني .."
نهض كمال من مكانه وقال بإصرار :
" هتاخد الشيك يعني هتاخده يا ادهم .. محدش هيصرف على بنتي طول منا عايش وحتى بعد ما اموت هسيبلها اللي يكفيها ويخليها متحتاجش حد حتى اخوانها .."
نهض ادهم من مكانه هو الاخر وقال بدوره ؛
" اسف يا عمي بس انا مش هاخده .. انا دفعت الهدوم وخلاص .. بلاش تكبر الموضوع من فضلك .."
دب الغضب داخل كمال من اصرار اخيه فهتف بنبرة عصبية :
" انت اتجننت يا ادهم ..؟! بترفض اللي بطلبه منك .. للمرة الاخيرة بقولك انا مش هسمحلك تصرف على بنتي .."
" وانا هقولك يا عمي هدوم ليديا انا اللي دفعتها ومش هاخد مليم واحد من اللي دفعته .. وكمان الجايات هدفعهم انا .."
صاح كمال بنفاذ :
" بصفتك مين ..؟! بصفتك مين تدفعلها فلوس هدومها ..؟!"
رد ادهم فجأة :
" بصفتي خطيبها وجوزها المستقبلي .."


رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل العاشر 10 ) 


دلف كمال مسرعا الى منزله ثم صعد الى الطابق العلوي حيث غرفته كي يتحدث مع نورا زوجته ..
فتح باب غرفته ودلف الى الداخل ليجد نورا تجلس على كنبتها تقرأ في احدى الكتب التاريخية كما اعتادت ان تفعل في هذا الوقت من الصباح ...
رفعت رأسها نحوه تنظر اليه بدهشة فهو جاء في منتصف النهار على غير العادة والاختناق والضيق يسيطران على ملامحه وجهه ..
كان يتأملها بعينين حزينتين مشتاقتين فشعرت بالألم يعتصر قلبها .. تعترف انها قست عليه كثيرا الايام الفائتة وعاقبته على ذنب لم يقترفه وماضي انتهى قبل دخولها حياته .. 
ولأول مرة تشعر بمدى سوئها وحقارة ما فعلته .. كيف طاوعها قلبها ان تفعل بزوجها الحبيب هكذا .. زوجها الذي لم يحبها فقط بل صانها واحترمها وعاملها بالمعروف طوال سنوات زواجهما التي تعدت الاربعة وعشرين عاما .. زوجها الذي لم يهتم يوما للفوارق الطبقية بينهما ولم يشعرها أبدًا بالدونية بل على العكس تماما دائما ما كان سعيدا بها يفتخر بجمالها واخلاقها ودفئها امام الجميع .. يدللها ويلقي على مسامعها اعذب الكلمات التي ترضي انوثتها .. لم يهتم يوما لرأي باقي عائلته بها ولا بزوجات اخوانه اللذين يتطلعون اليها بدونية كونها اقل منهن بل كان يتعمد ألا يسمح لهن بأن يضايقنها بكلمة واحدة مما جعل فريال وجيجي لا تجرؤان على مضايقتها بحرف واحد ...
زوجها الذي ساندها ودعمها في حياتها التعليمة والمهنية حتى اكملت الماجستير والدكتوراه واصبحت استاذة جامعية بل وتحمل مسؤولية اولاده طوال فترة دراستها ...
كيف استطاعت ان تفعل هذا به ..؟! كيف نست كل هذا وتعاملت معه بهذه القسوة بسبب غيرتها العمياء من امرأة لم تعد حية ..؟! كمال كان يستحق معاملة اخرى منها .. كان يستحق احتواء وحنان لطالما منحته اياه .. كان يستحق منها ان تسانده وتقف بجانبه بعد صدمته بحقيقة وجود فتاة من صلبه حرم منها بسبب طمع وجشع والده ..
نهضت من مكانها وقد استوعب اخيرا ما فعلته غيرتها العمياء وحبها الشديد لكمال بها بل واستوعبت مدى الضرر الذي سببته لزوجها حبيبها ولفتاة لا ذنب لها سوى انها ولدت لرجل يمتلك عائلة لا تهتم سوى بالمظاهر الخداعة ..
اقتربت منه ثم احتضنته بهدوء بشكل جعله يتصنم للحظات محاولا استيعاب ما فعلته فحتى صباح اليوم كانت نورا تتجنبه تماما كمرض معدي حتى انها رفضت ان تنام بجانبه مما جعله يتخذ الكنبة مكانا لنومه كي لا يراهما ابنيهما لأول مرة في وضع كهذا وهما اللذان وعيا دائما على مدى حب وتفاهم والديهما ..
ابتسم اخيرا حينما استوعب ان نورا عادت اخيرا الى طبيعتها وعادت تمنحه دفئها الذي افتقده الايام السابقة .. اغمض عينيه وهو يتنهد بحرارة ويفكر أنه لا يتخيل حياته بدونها فنورا كانت النور الذي أضاء حياته بعدما فقدانه لرونزا لتأتي هي بدفئها ورقتها وتسرق قلبه وتجعله يدرك ان الحب لا ينحصر بشخص واحد ولا ينتهي من أول حب فاشل وأن القلب قادر أن يخفق من جديد بوجود شخص صادق نقي كنورا ..
شعر بها تبتعد عنه اخيرا فود ان يطلب منها البقاء على وضعها لكن ابتسامتها الدافئة الرقيقة أسرته كالعادة ..
" اسفة .." 
خرجت منها خجول خافتة بينما عينيها انخفضتا ارضتا لتجده يرفع ذقنها عاليا ويقول بحب :
" لإمتى هفضل اقولك متوطيش راسك ابدا وتفضلي رافعاه على طول .."
ادمعت عينيها من فيض حب وحنان هذا الرجل الذي سامحها ببساطة على جفائها السابق بل تشك أنه تضايق منها من الاساس ..
" مكانش ينفع اعمل كده .. غيرتي عمتني وخلتني أاذيك وأاذي بنت ملهاش ذنب فأي حاجة .."
شعر بالراحة تستوطن قلبه حينما ذكرت نورا ليديا بهذا الشكل فقال وهو يحتضن وجهها بين كفيه :
" بعيدا عن اني مبسوط بغيرتك دي وحبك ليا ... بس انا متفهم كل ده ومش بلومك .. انا عارف انوا كل ده كان غصب عنك وانك عمرك متقدري تقسي على حد .. "
" يعني سامحتني .."
قالتها بتردد ليرد بخفوت :
" مزعلتش منك عشان اسامحك ... بالعكس انا زعلت من نفسي عشان أذيت مشاعرك بس والله مكنتش اعرف .."
قاطعته وهي تضع اناملها على شفتيه :
" متكملش .. انا عارفة انوا عمرك ما فكرت تأذيني وعارفة انك والبنت اللي هي بنتك ووالدتها ضحية لعمي الله يرحمه ... انا مش زعلانه يا كمال وهرجع واقولك اللي عملته كان بسبب حبي وغيرتي ... "
ضمها اليه بقوة وهو يتنهد بحرارة ويحمد الله على زوجته التي منحه ربه إياها ... نورا الشيء الوحيد الجيد الذي حصل عليه من عائلته لدرجة يشك أحيانا أنها تحمل دماء عائلة السيوفي ..
ابتعد عنها بينما نظرت هي الى عينيه وقالت وهي تجذبه بجانبها على الكنبة :
" احكيلي ... مالك ...؟! شكلك بيقول انك تعبان وفيه حاجة شغلاك .."
ابتسم بهدوء فنورا كالعادة تفهمه من نظرة عينه ...
اطلق تنهيدة حارة ثم قال بجدية :
" مصيبة ... مصيبة وحلت فوق دماغي ومكنتش حاطط ليها حساب .."
ابتلعت نورا ريقها وظهر الخوف جليا في عينيها وهي تسأله :
" حصل ايه يا كمال ..؟! انت قلقتني .."
رد كمال شارحا لها ما حدث قبل ساعة في مكتب ابن اخيه بإختصار حيث ذهابه اليه بعدما اخبرته ليديا بدفعه ثمن جميع مشترياتها ...
" قالي عاوز يتجوزها .. اتجننت .. اتمنيت انوا بيهزر مع اني عارف ادهم مش بتاع هزار ... لما شاف الصدمة على وشي اتكلم وياريته ما اتكلم ... قالي انوا بيحبها .. حبها من اول نظرة وانوا هيسيب عليا ويخطبها .."
تطلعت نورا اليه بذهول وهي تحاول ان تستوعب ما قاله زوجها .. ادهم يترك عليا .. إنه امر من سابع المستحيلات ... كما ان عليا نفسها لن تسمح له بذلك ...
اضافة الى صدمتها من قرار ادهم وحبه السريع لليديا والغير مفهوم .. حتى لو كانت ليديا جميلة فعليا فائقة الجمال اضافة الى كونها مدللة وراقية وخلابة لدرجة تجعل اي رجل يخر صريعا امام حسنها وبهائها وكان واضحا مدى اقتناع ادهم بها وسعادته بهذا الارتباط ...
اذا لماذا غير ادهم رأسه وبهذه السرعة ..؟! هي تعرف ادهم جيدا فهو ليس من النوع العاطفي كما انه ليس من الممكن ان يتأثر بجمال تلك الفتاة ...
فكرت نورا للحظة ان تكون تلك الفتاة من جذبته اليها بعدما اعجبها لكنها عادت وازالت هذه الفكرة من رأسها فأهم ليس بالرجل الذي يخضع لأي فتاة مهما بلغت درجة مكرها ودهائها .. كما ان من غير المعقول ان تفعل ليديا شيء كهذا ولم يمر على وجودها شهر واحد والاهم من ذلك أن ادهم مرتبط فلو كانت ليديا وصولية تريد ان تثبت وجودها في عائلة السيوفي كان بإمكانها فعل  هذا مع حسام فهو على الاقل غير مرتبط ...
تطلعت نورا اخيرا الى كمال وقد تأكدت في داخلها من كون ليديا غير مسؤولة عن مشاعر ادهم واحتمال واحد فقط هي ان تكون ليديا تبادله تلك المشاعر فهذا شيء معقول كون ادهم شخص وسيم وجذاب للغاية ..
" هي بتحبه ..؟!"
جاء سؤالها صادما ليهدر كمال بضيق :
" ايه الكلام ده يا نورا ..؟! هو ده وقته ...؟!"
ردت نورا بجدية :
" مشاعر ليديا مهمة بردوا .."
قال بنفاذ صبر :
" مشاعر ليديا مش مهمة لإنها مش هتغير حاجة من ده .. ادهم لا كان ولا هيكون ليها ... فيه مليون سبب يمنع ارتباطهم والاهم من ده انوا مظنش ليديا بتفكر فيه اصلا لانوا كلام ادهم كان عن نفسه بس ولو كان مشاعره متبادلة اكيد كان هيقول ده ..."
أومأت نورا برأسها فكمال محق لو ليديا تبادل ادهم في مشاعره لقال ادهم ذلك بغرور وثقة ...
قالت نورا بجدية :
" يبقى تبعد ليديا فورا عن ادهم وتكلم ادهم تفهمه يبعد عنها .. بس كمال انت ليه رافض ادهم بالشكل ده ..؟! عشان خاطب عليا ..؟!"
رد كمال بعقلانية :
" اولا عشان خاطب وكمان بنت اخويا .. عليا برنسيسة العيلة ... اللي مستحيل حد هيقبل انوا ادهم يسيبها وكلهم ساعتها هيفتحوا النار عليه ومش هيرحموه والاهم من ده كله انوا محدش هيرحم بنتي وساعتها هيعتبروها خطافة الرجال اللي غدرت ببنت عمها ولعبت على ادهم وكأنه عيل صغير ..
ولعلمك حتى لو ادهم مكانش خاطب عليا ولا غيرها مكنتش هوافق لانوا محدش هيوافق على ارتباطها ادهم بإعتبار انوا ادهم كبير العيلة ويستحق واحدة شبهه مش ليديا اللي نصها فرنساوي وعاشت حياة بسيطة طول عمرها .."
كانت نورا تدرك ان كمال معه كل الحق فكون ليديا ابنة كمال لن يشفع لها وتجعل احد يتقبلها فهي بالنسبة لهم فتاة بسيطة عاشت حياة متواضعه لا ترقى لحياة عائلة السيوفي الارستقراطية ...
نظرت نورا لكمال وقالت بحزم :
" يبقى مستني ايه ..؟! ابعد عن الشر وغنيله .. هات ليديا بسرعة وابعدها عن بيت العيلة ..."
قال كمال بفرحة :
" يعني موافقة انها تعيش هنا ..؟!"
ابتسمت نورا بهدوء وقالت :
" ده بيتك يا كمال يعني بيت ابوها وليها فيه زي ما انا وولادي لينا بيه .."
قال كمال بجدية :
" عارف كل ده يا نورا بس بردوا موافقتك مهمة انا عاوزك دائما مرتاحة .."
ربتت نورا على كتفه وقالت :
" قوم هاتها يا كمال .. وانا هكون مرتاحة لما تعيش هنا جمبك .."
طبع كمال قبلة على جبينها ثم نهض من مكانه متجها بسرعة الى بيت عائلة ليجلب ليديا معه ...
........................................................................
جلست ليديا بجانب كمال الذي اخذ يقود سيارته وهو يبتسم بسعادة .. لم تستوعب بعد ما حدث سوى انه جاء وهو يسأل عنها وكم ظهرت الراحة على وجهه بوضوح حينما علم انه لا يوجد احد سواها وهي ووالدته في المنزل ليطلب منها ان تلملم اغراضها بسرعة حيث ستأتي معه الى منزله .. فكرت ان ترفض للحظات فهي تدرك ان زوجته رافضة لوجودها حتى لو أخفى الجميع عنها ذلك ... لكنها تراجعت عن رفضها وهي تفكر ان هذا سيجعلها بعيدة عن ادهم وتحكماته المملة واذا وجدت استقبالا سيئا من زوجة والدها كما تتوقع ستمكث حينها في غرفتها ولا تتعامل معها فهي بكل الاحوال ستترك هذه البلاد قريبا وتعود الى موطنها الاصلي فرنسا فهي اشتاقت لحياتها القديمة هناك وتريد العودة بأسرع وقت لذا ستنتظر ايام معدودة وتخبر والدها برغبتها تلك على وعد ان تزوره بإستمرار ...
عادت تتأمل والدها السعيد والمرتاح بشكل غريب بينما كان كمال يفكر ان الجزء الاول مما يريده تم بنجاح فهو استطاع اقناع والدته بضرورة عيش ليديا في منزله فهو والدها واحق بها وهذه فرصة كي تتعرف على اخويها ونورا ..
اقتنعت والدته اخيرا بعد عدة محاولات ليتنهد كمال براحة وهو يفكر ان ليديا واخيرا ستبتعد عن محيط ادهم وتصبح معه وتحت انظاره ...
اوقف سيارته امام باب الفيلا خاصته ليهبط من مكانه وتهبط ليديا بدورها من مكانها وهي تتأمل الفيلا بإعجاب ...
كانت جميلة وراقية ذات تصميم هندسي جذاب ...
شعرت بيد والدها تقبض على يدها وهو يجرها معه الى الداخل فدب التوتر لا اراديا داخلها مما ينتظرها ...
فتحت الخادمة الباب لتلج الى الداخل فتجد يوسف ومراد ومعهما امرأة تبدو صغيرة نوعا ما في الاربعينات من عمرها ذات ملامح جذابة وناعمة للغاية تطالعها بنظرات هادئة حانية استغربتها ...
كان مراد اول المرحبين وهو يجذبها نحوه ويضمها قائلا بمرح :
" واخيرا يا ليدي .. نورتي بيتك يا مزة .." 
تنحنحت ليديا بحرج وهي تبتعد عنه وتبتسم له بخجل بينما تردد بخفوت دون ان تفهم حرف واحد من كلام مراد :
" ميرسي .."
تقدم يوسف نحوها مرحبا بها ضاما إياها بأخوية خالصة قائلا :
" نورتي بيتك يا ليديا .."
ابتسمت ليديا بحب خاص وشعور الامان بجانب هذا الشاب الذي يصغرها بحوالي عام يسيطر عليها ...
اتجهت بأنظارها الحذرة نحو نورا التي تقدمت نحوها وهي تبتسم بحنو وتقول :
" ازيك يا ليديا ... انا نورا يا حبيبتي مامت يوسف و
ومراد ... نورتي بيتك .."
ابتسمت ليديا بحذر رغم شعورها بطيبة المرأة إلا انها قررت ألا تنخدع بهذه الابتسامة فربما هي تفعل هذا فقط امام زوجها وابنيها :
" ميرسي .."
قال كمال بتساؤل :
" جهزتوا اوضة ليديا ..؟!"
ردت نورا بجدية :
" اه جهزت ليها الاوضة الكبيرة اللي جمب اوضة يوسف ... "
اشار كمال لليديا قائلا :
" حبيبتي تحبي ترتاحي فوق قبل الغدا ..؟!"
قالت ليديا :
" ياريت انا محتاجة انام فترة طويلة ... وكمان مش عاوزة اكل لاني فطرت من حوالي ساعة .."
قالت نورا بهدوء :
" روحي يا حبيبتي ارتاحي فوق ... ولما تفوقي هتلاقي الاكل موجود .."
ثم نادت على الخادمة والتي جاءت على الفور تطلب من ليديا أن تتبعها كي توصلها الى غرفتها بينما جاء الحارس وهو يحمل حقيبة ليديا الصغيرة ويتبع بها الخادمة نحو غرفة ليديا ..
...................::................................................
دلف ادهم الى مكتب حسام والذي تفاجئ بوجود اخيه امامه في مكتبه في هذا الوقت ..
جلس ادهم على الكرسي الجانبي لمكتب اخيه دون ان يلقي السلام ليطالعه حسام بتعجب وقبل ان يتحدث وجد ادهم يقول :
" انا قلت لعمي كمال اني بحب ليديا وعاوز اتجوزها .."
جحظت عينا حسام وهو يستمع لما يقوله اخيه الكبير ليقول اخيرا بعد صمت استمر للحظات :
" انت اتجننت ولا ايه ..؟! ادهم انت واعي للي عملته ..؟!"
قال ادهم بهدوء غريب :
" مش عارف .. كل اللي عارفه ومتأكد منه اني بحبها .. بحبها جدا .."
" والعيلة ..؟! وعليا ..؟! والناس ..؟! والشركات اللي هتضيع من ايدك ..؟! وعيلتك اللي هيتبروا منك ..؟! والورث اللي هيحرموك منه ..؟!"
تطلع ادهم اليه بحيرة ليقول حسام بجدية :
" الكلام ده انت تنساه واحمد ربنا انوا عمك كمال عاقل ومستحيل يقول الكلام ده قدام حد ويفضحك .."
قال ادهم بخفوت :
" وحبي لليديا ..؟! هنساه بردوا ..؟!"
قال حسام بنبرة قاطعة :
" لازم تنساه .. مفيش حل تاني قدامك .."
منحه ادهم ابتسامة متهكمة فهم حسام مغزاها ليهتف بجدية :
" متقارنش نفسك بيا .. انا غير عنك ... لا طموحي شبه طموحك ولا تفكيري شبه تفكيرك غير اختلاف الشخصيات الكبير ما بينا ... انا ممكن ابعد عن العيلة ... ممكن اسيب القصر والخدم والعز .. انا كفاية عليا اعيش حياة بسيطة مع البنت اللي بحبها وبرتاح معاها .. انما انت لا .. مش هتقدر تتخلى عن كل حاجة حتى لو حبك لليديا كان حقيقي .. دي شخصيتك يا ادهم .. متخليش مشاعر الحب الاول تسيطر عليك لدرجة تخليك تتصرف بدون وعي وبعدين ترجع تندم .."
نظر ادهم اليه بقلة حيلة فيشعر حسام بالشفقة لأجل اخيه وتمنى في تلك اللحظة لو كان اخيه مثله لا يهتم لاي شيء سوى راحة باله وسعادته لكنه يعرف ادهم اكثر من اي شخص ومتأكد من كونه اخر من يخسر مكانته ومركزة في سبيل مشاعره تلك ...
قال بجدية :
" خلينا نروح البيت .. انا تعبت من الشغل وانت بردوا محتاج ترتاح شوية ..."
نظر ادهم اليه بصمت وهو يشعر برغبة قوية بالنوم .. النوم فقط لا غير ... 
اومأ برأسه وهو ينهض من مكانه ليحمل حسام مفاتيح سيارته وهاتفه ومحفظته معه ويتجه خلفه ..
خرج الاثنان من مكتب حسام الهندسي واتجها الى المنزل ..
هبطا من سيارتهما ودلفا الى الداخل ليجدا المنزل هادئ ومصطفى يجلس على احدى الكنبات ينظر امامه بحزن ..
اقترب حسام منه متطلعا الى ملامح اخيه الحزينة بحيرة قبل ان يهتف بجدية بينما ادهم ينظر امامه بلهفة منتظر نزول ليديا في اي لحظة فرغبته في رؤيتها بتلك اللحظة تغلبت على كل شيء ..
" مالك يا مصطفى ..؟! قاعد زي الارامل ليه ..؟!"
" راحت .."
قالها مصطفى بحزن ليتطلع اليه حسام بحيرة وهو يسأله بينما ادهم شارد بملكوته  الخاص :
" مين اللي راحت ..؟!"
رد مصطفى :
" المزة راحت .. الحتة الطرية راحت خلاص والجو هيرجع خنقة .."
جذبه حسام من ياقة قميصه وقال بنفاذ صبر :
" متتنيل يلا وتقول مين اللي راحت .."
انتبه ادهم اخيرا الى حسام وشعر بنبضات قلبه ترتفع كليا ليجيب مصطفى :
" ليديا .. راحت مع عمو كمال وهتعيش هناك فبيته .."
حرره حسام بصدمة بينما اتسعت عينا ادهم بعدم تصديق قبل ان يهتف بغضب :
" يعني ايه راحت ...؟! كده فجأة من غير ما حد يعرف .. فين بابا ..؟!"
هم بالاتجاه نحو غرفة مكتب والده ليجذبه حسام نحوه بصدمة ويجره خلفه نحو الطابق العلوي فهذا الغبي سوف يفضح نفسه لامحالة وعليه تهدئته واعادته الى وعيه ..
نهاية الفصل 
الفصل الحادي عشر 
مساءا ..
هبط ادهم من الطابق العلوي متجها الى الباب الداخلي للقصر فهو يرغب في الخروج من المنزل والتوجه الى اي مكان في الخارج يستنشق القليل من الهواء فشعور الاختناق يسيطر عليه ..
وجد والدته تنادي عليه وهي تسأله بقلق :
" مالك يا ادهم ..؟! طول اليوم انت فوق ..؟! فيك حاجة ..؟! انت كويس يا حبيبي ..؟!"
نظر ادهم اليها بنظرات تائهة وهو حائر فيما يقوله .. هل يخبرها انه يشعر بالاختناق الشديد منذ رحيلها .. يشعر ان البيت يضيق عليه لدرجةٍ تجعله غير قادر على التنفس بمجرد رحيلها منه ...
رد بهدوء :
" تعبان شوية .. تعب من الشغل مش اكتر .. متقلقيش .."
ردت فريال بجدية :
" قلتلك مية مرة بلاش ترهق نفسك .. انت بتتعب بقالك سنين في الشركات وكأنك المستفيد الوحيد ... ادهم متنساش انك عريس ولازم تكون بكامل صحتك .."
" عريس وكامل صحتي ..؟!"
قالها ادهم بدهشة لترد فريال بخبث :
" اه يا حبيبي فرحك كمان شهر واسبوعين ولازم تستعد ليه .."
قال ادهم بعدم تصديق :
" شهر واسبوعين .. مين قال كده ..؟!"
ردت فريال بضيق :
" ده قراري النهائي وقرار والدك ... الخطبة طولت زيادة عن اللزوم ولازم الفرح يتم فالمعاد ده .."
رد ادهم بعناد :
" وانا مش عاوزة يتم فالمعاد ده والاهم انوا مش هيتم اصلا .."
جحظت عينًا فريال وهي تهتف بعدم تصديق :
" يعني ايه مش هيتم ..؟! "
رد بهدوء :
" يعني انا هفسخ خطوبتي من عليا .."
" ايه ..؟!"
صرخت فريال بلا وعي قبل ان تهتف بصوت عالي خرج سليم على اثره من مكتبه وكذلك جميلة من غرفتها وهبط حسام ومصطفى في نفس الوقت من الطابق العلوي بينما الخدم يراقبون ما يحدث من بعيد :
" الحقني يا سليم .. تعال شوف مصيبة ابنك .."
زفر ادهم انفاسه بضيق وهو يفكر بأن والدته لم تنتظر لحظة واحدة كي تفضحه ..
قلب بصره بين الجميع بملل وهو يستمع لوالدته تخبر والده ما قاله والذي قال بعصبية :
" يعني ايه الكلام ده ..؟! انت اتجننت ..؟! خطوبة مين اللي تفسخها ..؟!"
رد ادهم ببرود :
" خطوبتي من عليا ..."
لطمت جميلة على صدرها بينما اخذ حسام يلعن ادهم في سره فهو استعجل فيما قاله ..
رد سليم بقوة :
" ده مستحيل ... انت هتتجوز عليا فالموعد اللي حددته .. اياك تفكر فالكلام ده تاني حتى مع نفسك .."
هم سليم بالتوجه عائدا نحو مكتبه ليقف على صوت ادهم الحاد الصارم :
" انا خدت قراري خلاص وهروح حالا لعليا وابلغها بفسخ خطوبتي .."
عاد سليم متقدما نحوه ولم يشعر بنفسه الا وهو يجذبه من قميصه ويهتف بحدة :
" جرب تعملها وساعتها هقتلك بإيديا دول .."
قفز حسام باعدا ادهم عن ابيه بينما صرخت فريال بخوف ليجذب حسام خلفه ويدفعه بالقوة امامه متجها به نحو غرفته ..
.......................................................................
دفع حسام اخيه الى الداخل وهو يهتف بغضب :
" انت اتجننت .. ؟! انا قلتلك ايه الصبح ..؟! انا مش حذرتك ... ليه بتعمل كده ..؟!"
رد ادهم بصوت غاضب عالي :
" انا حر وعمري ما سمحت لحد يتحكم بيا ومش هسمح دلوقتي .."
صاح حسام بنفس الغضب والعلو :
" انت ليه مش قادر تستوعب اللي هيحصل لو نفذت اللي فدماغك .. انت هتخسر كل حاجة ... انت واعي لده يا ادهم ..؟! فكر كويس قبل اي كلام يخرج منك .. هو مش جنان خلاص .."
التزم ادهم الصمت للحظات تحت انظار حسام الغاضبة ليهتف بخفوت :
" اتخنقت .. مش قادر اكمل .. تعبت وانا بمثل اني كويس ومستريح .. كل حاجة خنقاني .. حتى الشغل اللي كان متعتي بقيت مش طايقه .."
ثم اشار الى خاتم خطبته الذي يطوق اصبعه :
" الخاتم ده خنقني .. مبقتش طايقه .."
ثم خلع ورماه على الارض ليتطلع الى حسام بشفقة قبل ان يتنهد وهو يقول مفكرا ان اخيه قد اصابته لعنة العشق التي تطيح بأقوى الرجال واعتاهم :
" انا معاك يا ادهم .. بس بلاش تستعجل .. راجع نفسك كويس واكتر من مره .. اذا كنت انا نفسي راجعت نفسي كويس اكتر من مرة لحد ما اتاكدت من قراري واني مش هرجع عنه ولا هندم عليه .."
التزم حسام الصمت للحظات متأملًا ملامح اخيه الجامدة ليقول اخيرا بعد تفكير وعينيه تلمعان بقوة :
" ادهم ليه متاخدش ريست ... تهرب من هنا .. تروح مكان بعيد لوحدك .. تفكر كويس .. تعيد حساباتك .. تتأكد من مشاعرك اولا ومن اللي انت عايزه ثانيا .. تاخد قرارك بهدوء ومن غير اي ضغط .. من غير تدخل ... راجع نفسك مرة واتنين وعشرة .. احسبها من جميع النواحي ... ولما تاخد قرارك النهائي هتحس براحة كبيرة .." 
نظر ادهم اليه وهو يشعر بمدى صحة كلام اخيه الاصغر .. هو بالفعل بحاجة لأن ينعزل عن الجميع ويعيد حساباته بنفسه ... يدرس الامور من جميع النواحي .. يفكر في خسائره اذا ما اصر على قراره بترك عليا  والارتباط بليديا ...
قال اخيرا بعد صمت استمر لدقائق :
" انت صح .. انا هسافر .. هبعد واخد ريست طويل .. اسبوع او عشر ايام على الاقل او حتى اسبوعين ... هسيب كل حاجة وافكر بنفسي وباللي انا عاوزه ومحتاج اعمله .. انا مش لازم استعجل .. وبنفس الوقت لازم اقرر مصيري بأقرب وقت قبل ما اتدبس فحاجة انا مش عايزها .."
تنهد حسام براحة وهو يربت على كتفه هاتفا ::
"دلوقتي بقيت بتفكر صح .."
قال ادهم بجدية :
" انا هجهز شنطة هدومي وهسافر الفجر للشاليه بتاعي فالغردقة .. هغلق تليفوني ومش هفتحه نهائي ولا هتواصل مع اي حد هناك .. بكره الصبح بلغهم بده وفهمهم اني محتاج ابعد من غير متقولهم على مكاني .. طمنهم بس اني بخير وهرجع لما احس نفسي قادر ارجع كويس من تاني .. قولهم اني بلغتك فده برسالة الفجر وانا هبعتلك رسالة فعلا بنفس الوقت بكلام مختصر ..."
اومأ حسام برأسه وهو يحتضن ادهم قائلا :
" خلي بالك من نفسك .. كان نفسي اقولك طمني عليك كل يوم ولو برسالة بس انا عارف انوا الافضل ليك تنعزل تماما عننا .. فكر كويس ومترجعش الا وانت واخد قرارك النهائي ومتأكد منه ..."
ابتسم ادهم وهو يربت على كتف اخيه ثم ودعه وخرج من غرفته عازما على تجهيز حقيبة سفره كي يخرج فجرا دون علم الجميع راجيا ان تساعده هذه الرحلة في اتخاذ القرار الذي سيريحه ويسعده حتى اخر العمر ..

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل 11 ) 


مساءا ..
هبط ادهم من الطابق العلوي متجها الى الباب الداخلي للقصر فهو يرغب في الخروج من المنزل والتوجه الى اي مكان في الخارج يستنشق القليل من الهواء فشعور الاختناق يسيطر عليه ..
وجد والدته تنادي عليه وهي تسأله بقلق :
" مالك يا ادهم ..؟! طول اليوم انت فوق ..؟! فيك حاجة ..؟! انت كويس يا حبيبي ..؟!"
نظر ادهم اليها بنظرات تائهة وهو حائر فيما يقوله .. هل يخبرها انه يشعر بالاختناق الشديد منذ رحيلها .. يشعر ان البيت يضيق عليه لدرجةٍ تجعله غير قادر على التنفس بمجرد رحيلها منه ...
رد بهدوء :
" تعبان شوية .. تعب من الشغل مش اكتر .. متقلقيش .."
ردت فريال بجدية :
" قلتلك مية مرة بلاش ترهق نفسك .. انت بتتعب بقالك سنين في الشركات وكأنك المستفيد الوحيد ... ادهم متنساش انك عريس ولازم تكون بكامل صحتك .."
" عريس وكامل صحتي ..؟!"
قالها ادهم بدهشة لترد فريال بخبث :
" اه يا حبيبي فرحك كمان شهر واسبوعين ولازم تستعد ليه .."
قال ادهم بعدم تصديق :
" شهر واسبوعين .. مين قال كده ..؟!"
ردت فريال بضيق :
" ده قراري النهائي وقرار والدك ... الخطبة طولت زيادة عن اللزوم ولازم الفرح يتم فالمعاد ده .."
رد ادهم بعناد :
" وانا مش عاوزة يتم فالمعاد ده والاهم انوا مش هيتم اصلا .."
جحظت عينًا فريال وهي تهتف بعدم تصديق :
" يعني ايه مش هيتم ..؟! "
رد بهدوء :
" يعني انا هفسخ خطوبتي من عليا .."
" ايه ..؟!"
صرخت فريال بلا وعي قبل ان تهتف بصوت عالي خرج سليم على اثره من مكتبه وكذلك جميلة من غرفتها وهبط حسام ومصطفى في نفس الوقت من الطابق العلوي بينما الخدم يراقبون ما يحدث من بعيد :
" الحقني يا سليم .. تعال شوف مصيبة ابنك .."
زفر ادهم انفاسه بضيق وهو يفكر بأن والدته لم تنتظر لحظة واحدة كي تفضحه ..
قلب بصره بين الجميع بملل وهو يستمع لوالدته تخبر والده ما قاله والذي قال بعصبية :
" يعني ايه الكلام ده ..؟! انت اتجننت ..؟! خطوبة مين اللي تفسخها ..؟!"
رد ادهم ببرود :
" خطوبتي من عليا ..."
لطمت جميلة على صدرها بينما اخذ حسام يلعن ادهم في سره فهو استعجل فيما قاله ..
رد سليم بقوة :
" ده مستحيل ... انت هتتجوز عليا فالموعد اللي حددته .. اياك تفكر فالكلام ده تاني حتى مع نفسك .."
هم سليم بالتوجه عائدا نحو مكتبه ليقف على صوت ادهم الحاد الصارم :
" انا خدت قراري خلاص وهروح حالا لعليا وابلغها بفسخ خطوبتي .."
عاد سليم متقدما نحوه ولم يشعر بنفسه الا وهو يجذبه من قميصه ويهتف بحدة :
" جرب تعملها وساعتها هقتلك بإيديا دول .."
قفز حسام باعدا ادهم عن ابيه بينما صرخت فريال بخوف ليجذب حسام خلفه ويدفعه بالقوة امامه متجها به نحو غرفته ..
.......................................................................
دفع حسام اخيه الى الداخل وهو يهتف بغضب :
" انت اتجننت .. ؟! انا قلتلك ايه الصبح ..؟! انا مش حذرتك ... ليه بتعمل كده ..؟!"
رد ادهم بصوت غاضب عالي :
" انا حر وعمري ما سمحت لحد يتحكم بيا ومش هسمح دلوقتي .."
صاح حسام بنفس الغضب والعلو :
" انت ليه مش قادر تستوعب اللي هيحصل لو نفذت اللي فدماغك .. انت هتخسر كل حاجة ... انت واعي لده يا ادهم ..؟! فكر كويس قبل اي كلام يخرج منك .. هو مش جنان خلاص .."
التزم ادهم الصمت للحظات تحت انظار حسام الغاضبة ليهتف بخفوت :
" اتخنقت .. مش قادر اكمل .. تعبت وانا بمثل اني كويس ومستريح .. كل حاجة خنقاني .. حتى الشغل اللي كان متعتي بقيت مش طايقه .."
ثم اشار الى خاتم خطبته الذي يطوق اصبعه :
" الخاتم ده خنقني .. مبقتش طايقه .."
ثم خلع ورماه على الارض ليتطلع الى حسام بشفقة قبل ان يتنهد وهو يقول مفكرا ان اخيه قد اصابته لعنة العشق التي تطيح بأقوى الرجال واعتاهم :
" انا معاك يا ادهم .. بس بلاش تستعجل .. راجع نفسك كويس واكتر من مره .. اذا كنت انا نفسي راجعت نفسي كويس اكتر من مرة لحد ما اتاكدت من قراري واني مش هرجع عنه ولا هندم عليه .."
التزم حسام الصمت للحظات متأملًا ملامح اخيه الجامدة ليقول اخيرا بعد تفكير وعينيه تلمعان بقوة :
" ادهم ليه متاخدش ريست ... تهرب من هنا .. تروح مكان بعيد لوحدك .. تفكر كويس .. تعيد حساباتك .. تتأكد من مشاعرك اولا ومن اللي انت عايزه ثانيا .. تاخد قرارك بهدوء ومن غير اي ضغط .. من غير تدخل ... راجع نفسك مرة واتنين وعشرة .. احسبها من جميع النواحي ... ولما تاخد قرارك النهائي هتحس براحة كبيرة .." 
نظر ادهم اليه وهو يشعر بمدى صحة كلام اخيه الاصغر .. هو بالفعل بحاجة لأن ينعزل عن الجميع ويعيد حساباته بنفسه ... يدرس الامور من جميع النواحي .. يفكر في خسائره اذا ما اصر على قراره بترك عليا  والارتباط بليديا ...
قال اخيرا بعد صمت استمر لدقائق :
" انت صح .. انا هسافر .. هبعد واخد ريست طويل .. اسبوع او عشر ايام على الاقل او حتى اسبوعين ... هسيب كل حاجة وافكر بنفسي وباللي انا عاوزه ومحتاج اعمله .. انا مش لازم استعجل .. وبنفس الوقت لازم اقرر مصيري بأقرب وقت قبل ما اتدبس فحاجة انا مش عايزها .."
تنهد حسام براحة وهو يربت على كتفه هاتفا ::
"دلوقتي بقيت بتفكر صح .."
قال ادهم بجدية :
" انا هجهز شنطة هدومي وهسافر الفجر للشاليه بتاعي فالغردقة .. هغلق تليفوني ومش هفتحه نهائي ولا هتواصل مع اي حد هناك .. بكره الصبح بلغهم بده وفهمهم اني محتاج ابعد من غير متقولهم على مكاني .. طمنهم بس اني بخير وهرجع لما احس نفسي قادر ارجع كويس من تاني .. قولهم اني بلغتك فده برسالة الفجر وانا هبعتلك رسالة فعلا بنفس الوقت بكلام مختصر ..."
اومأ حسام برأسه وهو يحتضن ادهم قائلا :
" خلي بالك من نفسك .. كان نفسي اقولك طمني عليك كل يوم ولو برسالة بس انا عارف انوا الافضل ليك تنعزل تماما عننا .. فكر كويس ومترجعش الا وانت واخد قرارك النهائي ومتأكد منه ..."
ابتسم ادهم وهو يربت على كتف اخيه ثم ودعه وخرج من غرفته عازما على تجهيز حقيبة سفره كي يخرج فجرا دون علم الجميع راجيا ان تساعده هذه الرحلة في اتخاذ القرار الذي سيريحه ويسعده حتى اخر العمر ..

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل 12 ) 


جلست عليا امام فريال وهي تنظر اليها بضيق خفي بينما فريال تبتسم بتصنع وهي تلعن ابنها على فعلته المتهورة ..
تحدثت عليا اخيرا بصوت هادئ :
" يعني ادهم يسافر كده من غير ما يقولي او يودعني حتى ..ينفع كده يا طنط ..؟!"
قالت فريال بهدوء وتروي :
" معلش يا حبيبتي .. كل حاجة حصلت فجأة .. هو كان تعبان شوية ومحتاج يريح فقرر يسافر كام يوم يجدد فيها نشاطه .."
نظرت عليا اليها بشك وقالت :
" كام يوم يجدد بيها نشاطه .. وده ايه علاقته بإنوا يقفل فونه وميعرفش حد مكانه ..؟!"
قالت فريال مبررة تصرفات ابنها الغير منطقية :
" حابب يريح دماغه .. عايز يكون لوحده .. اعذريه يا عليا .. ادهم تعب اوي الفترة اللي فاتت وبذل مجهود كبير فالشغل .."
قالت عليا بعدم اقتناع :
" طول عمره بيتعب فالشغل وعلى قلبه احلى من العسل ... ايه اللي تغير دلوقتي ..؟!"
صمتت فريال ولم تعرف بماذا ترد بينما سألتها عليا بتوجس :
" فيه حاجة انا معرفهاش يا طنط ..؟!"
تنحنت فريال وهي تبتسم وترد بجدية :
" مفيش اي حاجة يا حبيبتي .. اطمني .."
ثم اضافت بلهجة مرحبة :
" طبعا النهاردة هتتغدي معانا .."
قاطعتها عليا بجدية وهي تنهض من مكانها :
" للاسف مش هقدر .. وعدت صديقة ليا اني اتغدى معاها .."
أومأت فريال برأسها متفهمة وقالت :
" زي ما تحبي يا حبيبتي .."
ابتسمت عليا بتصنع وهي تودع فريال وتتجه خارج القصر لتأتي بعد لحظات نور وطفليها والتي استقبلتها فريال بترحيب رغم الضيق الواضح على محياها فسألتها نور  بقلق عما حدث لتشرح لها فريال بإختصار تصرفات ادهم الاخيرة وسفره المفاجئ دون ان يخبر احد عن مكان سفره او موعد عودته حتى ..
تطلعت نور اليها بصمت بينما القلق ينهشها من الداخل وقد تأكدت بحدسها أن ادهم وقع في الغرام المحظور ..
حاولت ان تطمئن والدتها وأن تخفي عنها ما تفكر به كي لا تلاحظ والدتها او تشك بأي شيء وتقوم بإستجوابها وهي بالتأكيد لن تفضح سر اخيها مهما حدث ..
.......................................................................
دلفت ليديا الى المنزل وهي تحمل عدة اكياس تحوي في داخلها العديد من الملابس التي اقتنتها بمساعدة ريهام التي جائتها منذ الصباح الباكر وذهبت معها كي تشتري الكثير من الملابس لها بدل تلك الذي سرقها ادهم ..
سارت ليديا الى الامام لتجد نورا امامها فقالت بهدوء :
" صباح الخير .."
اجابتها نورا وهي تبتسم :
" صباح النور .."
ثم سألتها :
" انتي كنتي بتعملي شوبينغ ؟!"
أومأت ليديا برأسها وقالت بحرج :
" اصل معنديش هدوم جديدة فحبيت اشتري حاجات مناسبة للجو هنا .."
قالت نورا بجدية :
" خير ما عملتي .. لازم تشتري هدوم كتيره .. صحيح هدوم هنا قد ما كانت جميلة مش هتبقى زي هدوم باريس بس بردوا عندنا حاجات جميلة ومختلفة .."
قالت ليديا بجدية :
" بالعكس الهدوم هنا حلوة اوي وعجبتني .."
قالت نورا :
" هايل .. روحي رتبي هدومك فالخزانة فوق وانزلي اشربي قهوة معايا ولا انتي بتحبي حاجة غير القهوة .."
تنحنحت ليديا بحرج وقالت :
" لا بحب القهوة .. هروح ارتب هدومي فوق وانزل .."
أومأت نورا برأسها متفهمة بينما ارتقت ليديا درجات السلم متجهة الى الطابق العلوي وهي تفكر في تصرفات نورا وتحاول تحليلها بالشكل الصحيح ...
بعد مدة قصيرة نزلت ليديا وهي ترتدي بنطال جينز طويل فوقه تيشرت اخضر ذو اكمام قصيرة..
وجدت صالة الجلوس فارغة فجلست عليها وهي تنتظر ان تأتي نورا والتي جاءت بالفعل بعد لحظات وهي تحمل صينية تحوي فنجانين من القهوة ..
وضعت نورا الصينية  امام ليديا على الطاولة ثم جلست على الكرسي المقابل لها وحملت فنجانها واخذت ترتشف منه القليل وفعلت ليديا المثل لتتفاجئ بروعة طعم تلك القهوة ..
سألت ليديا نورا وهي تتلذذ بطعم القهوة :
" حضرتك اللي عملتي القهوة دي ..؟! ولا وحدة من الشغالات ..؟!"
ابتسمت نورا وقالت :
" انا اللي عملتها يا حبيبتي .."
قالت ليديا بإعجاب حقيقي :
" روعة بجد .. انا عمري ما دقت قهوة بالطعم ده .. حتى فبيت عمي القهوة مكانتش لذيذة كده .."
قالت نورا بجدية :
" بالهنا والشفا .. انا عندي طريقة خاصة بعمل فيها القهوة عشان تبقى بالطعم ده .. لو تحبي ممكن اعملهالك ..؟!"
قالت ليديا بحماس :
" ياريت .. احب طبعا ولو اني اشك اني هعملها لذيذة اوي كده .."
ابتسمت نورا وهي تعاود ارتشاف القهوة من فنجانها وفعلت ليديا المثل وقد بدأ شعور الراحة يتسلل قليلا داخلها نحو نورا ...
فهي بدت لها هادئة ولطيفة في تعاملها كما ان نظراتها حنونة ونبرتها رقيقة ...
انتهت ليديا من فنجانها بتلذذ لتجد نورا تقول بعد لحظات :
" تحبي تشربي واحد تاني ..؟!"
ابتسمت ليديا وهي تهز رأسها بحرج لتقول نورا وهي تحمل الصينية بعدما وضعت الفناجين داخلها :
" ايه رأيك تشربيها فالمطبخ وانا بجهز الغدا .."
" اوك .."
قالتها ليديا بسلاسة وهي تتبع نورا متجهة نحو المطبخ ...
دلفت ليديا الى المطبخ تتبع نورا التي قامت بوضع دلة القهوة على الطباخ ثم بدأت في تجهيز طعام الغداء ..
ما ان بدأت القهوة بالغليان حتى حملت الدلة وصبت لليديا منها في الفنجان واعطته لها بينما عادت هي تكمل عملها لتسألها ليديا بتعجب :
" هو ليه انتي اللي بتعملي الغدا مش الخدم ..؟!"
التفتت نورا اليها وهي تهتف بجدية :
" عشان انا بحب اطبخ الاكل بنفسي لعيلتي .."
" اشمعنا ..؟!"
سألتها ليديا بإستغراب لترد نورا ببسمة هادئة :
" بحس بالراحة والمتعة .. مبحبش فكرة حد غيري يعمل الاكل لكمال والولاد .. ببقى مبسوطة وانا بعملهم الاكل بإيدي ... "
تطلعت ليديا اليها بدهشة قبل ان تسألها بتردد :
" هو انتِ بتشتغلي ..؟!"
ابتسمت نورا وقد فهمت ما يدور في عقل تلك الفتاة فردت :
" كنت بشتغل .. "
" كنتي بتشتغلي ايه ..؟!"
ردت نورا بجدية :
" استاذة جامعية في كلية الاداب قسم التاريخ .."
قالت ليديا بإعجاب :
" واو قسم جميل مع انوا صعب على ما اظن لاني حسب ما سمعت انوا تاريخ مصر كبير وضخم جدا وفيه فترات زمنية كتير .."
ابتسمت نورا وقالت بتأكيد :
" فعلا .. التاريخ صعب ومحتاج دراسة كتيره واجتهاد .. انا حتى بعد ما اخذت الماستر والدكتوراه ودرست سنين فالجامعة لسه بقرأ وبدرس كتب تاريخية و بكتشف حاجات جديدة بإستمرار .."
ابتسمت ليديا وقالت :
" ممكن تديني كتب عن تاريخ مصر ..؟! حابة اتعرف عليه .."
قالت نورا بسرعة :
" اكيد يا حبيبتي .. انا هخترلك كتب مناسبة ومهمة فنفس الوقت .."
ابتسمت ليديا بسعادة وقالت :
" ميرسي .."
ثم اكملت تناول فنجان قهوتها وهي تتأمل نورا ومهارتها العالية في الطبخ بإعجاب ..
........................................................................
بعد مرور اسبوعين ..
اسبوعين حدث فيها الاتي ..
ادهم ومكوثه في الشاليه الخاص به في الغردقة حيث اخذ يفكر جديا محاولا حسم قراره النهائي والذي لا رجعة فيه .. كان موضوع امام خيارين لا ثالث لهما .. عليا والحفاظ على مكانته وادارته لشركات العائلة وجميع اعمالها او ليديا وخسارة كل شيءٍ بما فيها علاقته بوالديه ..
كان يشعر بنفسه بين المطرقة والسندان فاذا سأل قلبه عن القرار الصحيح يجيبه على الفور بلا تردد ليديا فهي من سكنته واحتلته كليا وإذا سأل العقل فأجاب ببساطة عليا فمعها سيحافظ على كل شيء بل ويصل الى جميع ما طمح اليه وحلم به وسعى اليه لسنوات عديدة وهي قيادة عائلة السيوفي بأكملها والتحكم بجميع ممتلاكتها واموالها .. اختياره ليديا سوف يضعه في خانة اليك فسوف يخسر كل شيء .. طموحه واحلامه .. مكانته وقيمته لدى الجميع .. سوف يصبح في نظر الجميع عاشق تافه سلم مقاليد قلبه لمن لا تستحق .. والاسوء من ذلك ان ليديا نفسها لا تشعر بأي شيء نحوه وبالتالي من الممكن ان يخسر كل هذا ولا يكسب ليديا ايضا ..
ظل يفكر مرارا وتكرارا ويدرس الموضوع من جميع الجوانب ..
استمر على هذا الوضع لمدة اسبوعين كاملين حتى توصل اخيرا مع نهاية الاسبوع الثاني الى قراره النهائي ليحزم امتعته ويغادر المكان متجها الى القاهرة ..
اما ليديا فهي اقتربت من نورا كثيرا واصبحت بينهما علاقة ودودة فليديا وجدت ان نورا طيبة ولطيفة للغاية .. تعاملها بود واحترام ولا تتدخل في حياتها ... كانت العلاقة بينهما تتوطد تدريجيا وبشكل جميل ومفاجئ لكلا من كمال وابنيه بل ولليديا ايضا فبالرغم من معرفة كمال واولاده مدى طيبة نورا وحنانها الفائض الا ان تقبل ليديا لها بهذه السهولة فاجئهم كون نورا بالنسبة لها المرأة التي سرقت والدها من والدتها ..
لم تتطرق كلا من نورا وليديا الى الماضي اطلاقا ولم يحدث بينهما اي حديث فكلتيهما كانتا تتحدثان بأشياء عامة بعيدة عن الماضي الخاص بهما وقد كانت ليديا بالذات تتجنب ذكر والدتها امام نورا احتراما لها وحتى ماضيها في فرنسا قل ما تحدثت عنه ... اما نورا فكانت ترغب كثيرا بالاعتذار من ليديا على عدم موافقتها ان تسكن هنا في منزل والدها في بادئ الامر لكن شعورها بالحرج منعها من ذلك ...
علاقة ليديا بأخويها يوسف ومراد باتت أكثر من رائعة ... مراد بمزاحه ومرحه الذي لا ينتهي دخل قلبها فورا وبات صديقها الصدوق اما يوسف فبرزانته وقوة شخصيته التي تفوق سنه بمراحل نال اعجاب ليديا واصبح قريبا منها للغاية وكأن بينهما رابط خفي يجمعهما وهو اهم من اي رابط اخر .. رابط الاخوة والدم ..
عليا لم ترتح او يهدأ لها بال طوال الاسبوعين الفائتين وهي تفكر في سبب سفر ادهم الغريب ... تشعر بل وتكاد تكون متأكده ان القادم سيكون غير جيدا على الاطلاق ... شعور الخوف والقلق ينهش روحها وقد عقدت عزمها اخيرا على تحديد موعد زفافها ما ان يعود ادهم من عزلته تلك ...
...................................................................
اوقف ادهم سيارته امام مدخل الشركة .. هبط منها واتجه بسرعة الى داخل الشركة متجاهلا تحية الحراس المستغربين من عودته المفاجئة بعد غياب اسبوعين دون مبرر لهذا الغياب ..
كان ادهم قد اتجه مباشرة الى الشركة دون ان يعود الى المنزل لتغيير ملابسه ودون حتى ان يخبر احد بأمر عودته ..
اتجه نحو المصعد متجاهلا نظرات الموظفين المتعجبة من عودة مديرهم الغائب لاسبوعين ...
دلف الى المصعد متجها الى الطابق الذي يحوي مكتبه ومكاتب اعضاء مجلس الادارة ...
اتجه نحو مكتبه ما ان خرج من المصعد ليجد مكتب سكرتيرته فارغ فيدلف الى مكتبه ليتفاجئ بكريم ابن عمه يجلس مكانه وامامه سكرتيرته مروة تستمع الى اوامره ..
تقدم ادهم نحو كريم بملامح غامضة والذي قابلها الاخير بملامح هازئة وهو يقول :
" اهلا باللي غايب بقاله اسبوعين .."
اشار ادهم لمروة ان تخرج ففهمت على الفور واتجهت خارج المكتب بحرج ليقول ادهم بجمود :
" مكانوش اسبوعين يا كريم اللي يخلوك تقعد مكاني .."
ضحك كريم بقوة وقال :
" امال اقعد فين ..؟! انت ناسي انوا انا النائب عنك وبالتالي فغيابك لازم احل محلك فكل حاجة .."
رد ادهم ببرود :
" انت النائب اه بس عندك مكتبك تقدر تباشر شغلك من خلاله .."
ثم اكمل بتهكم تحت انظار كريم الحارقة :
" ويا ترى يا سيادة النائب وصلت لفين فالشغل ..؟! قدرت تاخد قرار معين وتنفذه ..؟!"
رد كريم بحقد :
" مقدرتش طبعا عشان حضرتك مانع اي حاجة تتنفذ من غير توقيعك ... الشغل واقف بقاله اسبوعين بسبب غياب حضرتك .. يعني هو عشان ترتاح وتستجم الشركة تولع .."
ضرب ادهم على سطح مكتبه بقوة جعلت كريم يرتجف لا اراديا بينما قال ادهم بجمود وقسوة :
" شركة مين اللي تولع يا ابن عمي ..؟! الشركة اللي بديرها بقالي 13 سنة مفيش سنه عدت الا وارباحنا بتبقى بالمليارات ... الشركة اللي بقت من اكبر شركات بالعالم مش فمصر بس ولا فالشرق الاوسط .. ثانيا انت عارف كويس انوا رغم غيابي انا مضبط كل حاجة وسايب كل حاجة للوقت المناسب .. مش انا اللي هسمح بخسارة للشركة ولو بجنيه واحد .."
ابتسم كريم بسخرية بالرغم من خوفه وقال :
" ويا ترى يا سيادة المدير هتعمل ايه بصفقة العربيات اللي مفاضلش عليها غير اسبوعين وانت لسه مدرستهاش حتى ... وكمان الاتفاقيات والشحنات اللي المفروض توصل لاصحابها ...؟!"
رد ادهم بثقة :
" الاتفاقيات والشحنات وكل حاجة أتأجلت هتم فوقتها المحدد اما الصفقة بتاعة العربيات فإطمن هتكون من نصيبنا كالعادة ..."
تطلع اليه كريم بغيظ منه ومن ثقته بينما قال ادهم بهدوء :
" ودلوقتي يا ريت تتفضل من غير مطرود .. ولا قعدتك على مكتبي عجبتك .."
منحه كريم نظرات حارقة قبل ان ينهض من مكانه ويتجه خارج مكتبه ليجلس ادهم على مكتبه ويغمض عينيه للحظات محاولا تنظيم افكاره قبل ان يفتحها ويحمل هاتفه ويجري اتصالا بمدير البنك الذي يتعامل معه ..
" اهلا مستر عزت عامل ايه ..؟!"
قالها ادهم وهو يرد على تحية عزت المرحب به بحرارة ليبتسم وهو يقول :
" اه كل حاجة تمام .. انت دائما محل ثقتي .. انا عايزك تجهزلي ثلاثة مليون جنيه .. هاجي بكره عندك حوالي الساعة عشرة وهفتح حساب سري واحول عليهم المبلغ ده .. اتمنى كل حاجة تكون جاهزة لاني عاوز اخلص كل حاجة بسرعة ..."
ابتسم ادهم براحة وهو يسمع عزت الذي يطمأنه بأن كل شيء سوف يتم كما أمر ليودعه ادهم ويغلق الهاتف قبل ان يفتحه مرة اخرى ويجري اتصالا بحسام يخبره الاتي :
" ازيك يا حسام .. مش وقت اسألة دلوقتي .. النهاردة تفتح موضوع جوازك مع بابا .. وطبعا مش محتاج اقولك متعملش حاجة غير انوا تبلغه برغبتك بالجواز من نورهان وتحاول تقنعه فيها لكن من غير عناد وتحدي زي ما اتفقنا قبل كده ... ومتعملش اي حاجة تانيه غير لما ابلغك .."
اغلق الهاتف بعدها وهو يعود برأسه الى الخلف ويتنهد بصمت ..
.......................................................................
كانت ليديا تجلس في غرفتها تقرأ احد الكتب التاريخية التي أعارته اياه نورا حينما وجدت هاتفها يرن ..
تطلعت الى الهاتف بإستغراب من المتصل والذي لم يكن سوى ادهم ... تعجبت في داخلها فهو لم يحدثها او يتواصل معها منذ اسبوعين تحديدا منذ تركها القصر وقدومها الى هنا ..
ضغطت على زر الاجابه وهمت بتحيته بالرغم من ضيقها منه وحقدها عليه بسبب فعلته لكنها تفاجئت به يهتف بها ببرود :
" انزليلي فورا انا قدام الفيلا .. وياريت متقوليش لحد انك نازلة تشوفيني .. معايا حاجة تخصك خديها وارجعي .."
ثم اغلق الهاتف في وجهها دون ان يستمع الى ردها لتنظر ليديا الى الهاتف في يدها بدهشة وغيظ قبل ان تهتف بكره :
" غبي ومتخلف .."
اما ادهم فكان يقف بجانب سيارته وهو ينتظر قدومها بفارغ الصبر .. وجدها تخرج اخيرا من الفيلا وهي تتهادى في مشيتها مرتدية بنطال من الجينز فوقه تيشرت اسود اللون ذو اكمام قصيرة مع حذاء رياضي اسود اللون ايضا ... تعقد شعرها بشكل ذيل الحصان الطويل ووجهها خالي من مساحيق التجميل كالعادة ...لطالما كانت ليديا ذات طلة عادية بسيطة للغاية لا تثير دهشة او اعجاب من حولها عكس طلات بنات عائلته وجميع العوائل من حوله والتي تمتاز برقيها وفخامتها التي تبهر الجميع في ابسط المناسبات وبالرغم من هذا كله كانت ليديا ببساطتها المبالغ فيها تلك تنال اعجابه الشديد دون ان يدرك سبب واحد لهذا ..
وقفت ليديا امامه وهي تقول ببرود :
" نعم ..؟!"
فهم ادهم انها انزعجت من اسلوبه الجاف معها لكنه لم يهتم بذلك بل اتجه نحو الباب الخلفي لسيارته وفتحها واخرج منها كيس كبير واعطاه لليديا التي اخذت الكيس منه وتطلعت اليه بدهشة قبل ان تفتحه وتنظر الى محتوياته .. تسمرت ليديا في مكانها للحظات محاولة استيعاب ما يوجد داخل الكيس قبل ان تقفز بسعادة وهي تصرخ بمرح .. لقد اعاد ادهم اليها ملابسها القديمة والتي جاءت بها من فرنسا .. تطلع ادهم اليها بدهشة غير مصدقا لمدى فرحتها بهذه الملابس القديمة البالية والتي لن يشتريها احد هنا بجنيه واحد ...
وجدها تتوقف عما تفعله وهي تحمل احد الفساتين و تتأمله  بعينين دامعتين قبل ان تقربه من انفها وتشم رائحته بشوق ظهر في عينيها ..
اعادت اخيرا الفستان الى الكيس ونظرت الى ادهم لتمنحه ابتسامة سعيدة لاول مرة يراها على وجهها قبل ان تضع الكيس ارضا وتتقدم نحوه وتحتضنه بشكل اثار دهشته وجعله يتجمد في مكانه غير مستوعبا لكل هذا ..
ابتعد ليديا عنه اخيرا بعينين سعيدتين وقالت بصدق :
" شكرا .. بجد شكرا ... انت جميل اوي يا ادهم .. جميل بجد .."
ابتلع ادهم ريقه محاولا السيطرة على مشاعره التي فاضت بشدة بعدما احتضنه ليديا ورائحتها ما زالت عالقة بإنفه ودفء حضنها ما زال يسيطر على كل خليه به ..
تنحنح ادهم اخيرا وهو يقول :
" للدرجة الهدوم دي مهمة عندك ..؟!""
قالت ليديا بحب :
" دول اهم حاجة عندي .. دول بشوف فيهم الماضي بتاعي .. وريحة ماما وحبها .. كل قطعه منها بيهه ذكريات كتير انا عايشه بسببهم .."
قال ادهم بأسف وقد ادرك مدى فداحة خطأه حينما سرق تلك الملابس :
" انا اسف بجد .. مكنتش اعرف انها مهمة اوي عندك .."
قالت ليديا بسعادة :
" بلاش تعتذر .. المهم انك رجعتهم .."
سألها ادهم بجدية :
" يعني مش زعلانه ..؟!"
ضحكت ليديا وهي تجيبه ببساطة :
" طالما رجعوا ليا يبقى اكيد مش زعلانه خلاص .."
تعجب ادهم من بساطتها ومرونتها بل وروحها التي تسعدها ابسط الاشياء ..
ابتسم بهدوء وقال :
" كده اطمنت .. اروح انا دلوقتي لانوا اتأخرت عالبيت .."
ابتسمت ليديا منه وقالت :
" مع السلامة .."
" مع السلامة .."
قالها ادهم بخفوت وهو يتجه نحو سيارته ويركبها بينما اتجهت ليديا عائدة نحو الفيلا وهي تحتضن ذلك الكيس بيديها وكأنه كنزها الثمين الذي وجدته بعد عناء ..
.......................................................................
دلف ادهم الى القصر ليستمع الى اصوات صراخ اتيه من الداخل وقد فهم ان حسام قد فجر قنبلته اخيرا في وجه والده والذي قال ما ان رأه :
" تعال يا ادهم .. تعال شوف مصيبة اخوك الصغير .. عايز يتجوز وحدة من العشوائيات .. تخيل ..؟! "
رد حسام بغضب مكتوم تحت انظار والدته الباكية بسبب ابنها واختياره المجنون ومصطفى  المتأسفة :
" يا بابا انا مش صغير .. وملوش لزمة تهددني بأدهم وكأنوا هيضربني بالعصايا .."
رد ادهم بدوره :
" حسام معاه حق يا بابا ... هو مش صغير عشان تهدده بيا .."
قال سليم بدهشة :
" يعني ايه ..؟! حضرتك موافق عالهبل ده ..؟!"
رد ادهم ببساطة :
" كل واحد حر باختياره ..."
صرخت فريال بلا وعي :
" ادهم انت بتقول ايه ..؟!"
ليكمل ادهم بجدية :
" وكمان فعواقب اختياره .."
تطلع اليه الجميع بحيرة ليقول اخيرا :
" انا معرفش اي تفاصيل عن الموضوع ده بس اللي فهمته انوا البنت من العشوائيات ودي حاجة مستحيل يقبل بيها حد مننا .. عاوز تتجوزها مفيش مانع .. بس ساعتها اعرف انك هتخسر العيلة كلها .. ومش العيلة بس .. لا كل حاجة ... مكتب سعادتك اللي متباهي بيه هينسحب منك ويبقى تحت سيطرتنا ... ارصدة البنوك هتتجمد .. القصر هتخرج منه .. اما العربية فللاسف دي بإسمك مش هقدر اسحبها منك .. عاوز تتجوز بنت العشوائيات اتجوزها بس تنسى كل العز اللي انت فيه بمعنى تاني روح عيش معاها بالعشوائيات وخليها هي ساعتها تصرف عليك دي لو رضيت بيك .."
تطلع حسام اليه بكره قبل ان يتجه الى غرفته دون ان يتفوه بحرف واحد بينما اشار ادهم الى والده ووالدته قائلا :
" اطمن يا بابا .. كل حاجة هتبقى تمام .. حسام مستحيل ينفذ كلامه ويتجوزها لانوا عارف عواقب ده .. وعشان تتطمن دلوقتي هكلم البنك واجمد ارصدته وملكية المكتب معاك وبإسمك .. يعني كل حاجة تحت السيطرة .."
ابتسم سليم وهو يربت على كتف ولده :
" طول عمرك قد المسؤولية يا ادهم .. عمرك ما خيبت ظني بيك .."
ابتسم ادهم بدوره وقال :
" متقلقش يا بابا .. طول منا عايش كل حاجة هتفضل زي ما هي .."
اتجه سليم نحو مكتبه وهو يتنهد براحة بينما اقتربت فريال من ادهم واحتضنته بقوة وهي تحمد ربها على ابنها الذي منحه الله الحكمة والعقل الكافيين لتيسير جميع الامور والحفاظ على روابط هذه الاسرة ..
اتجهت فريال بعدها نحو غرفتها لتستريح قليلا بينما نظر ادهم الى مصطفى الذي منحه نظرات كارهة حزينه :
" عمري ما كنت اتصور انك بالانانية دي .. بتهدد اخوك الصغير .. هي دي الاخوة يا ادهم بيه ..؟! بس برافو عليك .. قدرت تنزل من نظري بسهولة بعد ما كنت عالي اوي .. "
القى مصطفى  كلماته تلك في وجه اخيه واتجه نحو الاعلى تاركا ادهم يتابعه بنظرات باردة ..

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل 13 ) 


خرج ادهم من غرفته متجها الى الطابق السفلي ليجد مصطفى في وجهه وهو يبدو عائدا نحو غرفته ..
مر مصطفى من جانبه دون ان يلقي تحية الصباح عليه حتى ..
توقف في مكانه وهو يستمع الى نداء اخيه فإستدار على مضض نحوه وهو يرميه بنظرات باردة ليهتف ادهم بضيق باطن :
" هو مفيش صباح الخير لأخوك الكبير ..؟!"
رد مصطفى بتهكم :
" لا طبعا لازم يبقى فيه .. لازم أصبح على اخويا الكبير اللي مش بيفكر غير فنفسه ومركزه .. اخويا اللي باع اخوه عشان .."
قاطعه ادهم بحدة :
" اياك تتكلم بالطريقة دي معايا .. متنساش اني اخوك الكبير .. "
رد مصطفى بجمود :
" عارف انك اخويا الكبير .. وعارف انوا واجب عليا احترمك .. بس اللي عملته ميتصدقش .. انت وقفت فوش اخوك وياريت عشان حاجة تستاهل .. "
رد ادهم بجمود :
" مش انت اللي تقرر تستاهل او لا .."
قال مصطفى بتهكم :
" اه طبعا .. انت الوحيد اللي بتفهم .. "
كز ادهم على اسنانه بقوة وهو يرد :
" لم لسانك يا مصطفى .."
" هو مش من حقي اقول اللي انا شايفه صح .."
اقترب ادهم منه وقال بقوة :
" لا مش من حقك .. اللي يقوله اخوك الكبير هو الصح ولحد كده كفاية .. اديتك اكتر من الوقت اللي تستحقه .."
ثم ابتعد عنه ليرمقه مصطفى بنظرات مغتاظة قبل ان يتجه بغضب نحو غرفة نومه ..
...................................................................
هبط ادهم الى الطابق السفلي ملقيا تحية الصباح على والديه وجدته قبل ان يجلس في المكان المخصص له ويبدأ في تناول طعامه بهدوء ..
نظر الى والده فوجد الضيق واضحا على ملامح وجهه ..
يبدو انه لم ينم ليلته جيدا وقد سيطر موضوع حسام وزيجته تلك على تفكيره ..
تحدثت فريال اخيرا بضيق :
" احنه لازم نلاقي حل .. انا مش قادره اصدق  انوا حسام ممكن يتجوز البت دي .. ابني انا يوقع فوحدة زي دي .. ليه ياربي بس ؟ سليم انت لازم تتصرف .."
ضغط سليم على اعصابه وهو يرد :
" اعمل ايه يعني ؟ هو كله فإيدي ..؟! انا اللي قلت لإبنك يحب وحدة زي دي ..؟!"
قالت فريال بغضب :
" انت مشفتش ابنك بيعمل ايه ..؟! شفته بيتكلم ازاي ..؟! ده مصر على قراره .. انا لأول مرة اشوف حسام بيتكلم كده .."
رد ادهم بدوره :
" انتي بتتكلمي وكأنوا حسام طيب وعمره ما بيتكلم ولا بيقول حاجة .. يمكن حسام هادي حبتين بس ده ميمنعش انوا عنده شخصيه قوية .. قوية جدا ولما بيعوز حاجة بيعملها .."
همت فريال بالرد ليسبقها سليم :
" أنتَ هتجنني .. مش انت اللي قلت اني لو سحبت منه كل حاجة هيرجع ويغير قراره .."
قال ادهم بهدوء وثقة :
" انا قلت الحاجة الوحيدة اللي ممكن نعملها وممكن تخليه يغير رأيه .. ممكن تنجح وممكن لا .. ده يرجع لابنك نفسه وطريقة تفكيره .."
انتفضت فريال غاضبه بشده :
"معنى الكلام ده ايه ..؟! انوا حسام ممكن يتجوز البنت دي ..؟! طب وانتوا دوركم ايه ..؟! وضعكم ايه ..؟!"
حاول ادهم امتصاص غضبها وهو يقول :
" اتمنى انك تهدي شويه .. احنه مش بإيدينا حاجة .. المفروض انتي اكتر وحدة عارفة شخصيه ابنك .. ابنك مش سهل .. مش هيقبل بتهديداتنا ولا بالأمر الواقع .. انا بقولك نحاول اه .. بس مفيش شي بيأكد انوا محاولاتنا تنجح .. مهو احتمال نسحب كل حاجة من تحت ايده ونحاربه فشغله وفالأخر يفضل على رأيه ويكمل فالجوازك عادي .."
تحدثت الجدة اخيرا والتي كانت تنقل بصرها بين الثلاثة بصمت مركزة في حديثهم :
" اللي عايز توصله لينا يا ادهم من كلامك ده ..؟!"
اخذ ادهم نفسا عميقا وقال :
" هقول بس لازم تعرفوا اولا اني معاكم واني اكتر حد رافض الارتباط ده .. انا امبارح طول الليل بفكر فكلام حسام وردة فعله والطريقة اللي ممكن امنعه عن الجوازة دي .. منطقيا ولاني عارف حسام اكتر منكم لقيت انوا سحب الفلوس وكل حاجة منه مش ضمان كافي انوا يرجع عن قراره ..عشان كده احنه ممكن نستعمل طريقة مختلفة .. نوافق عالجوازه دي ظاهريا ونحاول نخربها بطريقتنا .. غير انوا حسام نفسه لما هيرتبط بيها ويعرفها بوضوح ويشوف طريقة الاختلاف بينا وبينها هو من نفسه هيفضها سيرة .."
ضرب سليم على سطح طاولة الطعام وهو ينتفض من مكانه غاضبا وقال :
" انت اتجننت يا ادهم ..؟! عايزني اوافق على ايه ..؟! اوافق على الجوازة دي ..؟! لا ده جنان .. قال نوافق ظاهريا بس .. بس هي كلمة وحدة مفيش غيرها .. اخوك دلوقتي هينزل يحدد قراره حالا .. يا اما يعقل ويرجع عن القرار ده يا إما .."
صمت قليلا وهو يكمل بقوة :
" اسحب كل حاجة من تحت ايده وخليه عالحديده ويبقى يوريني بقى ازاي هيلاقي شغل يصرف منه على نفسه والهانم بتاعته .."
صمت الجميع وهم ينظرون الى سليم بنظرات مختلفة حينما وجدوا حسام يهبط درجات السلم بملامح جامدة ليتأهب الجميع لحدوث مشكلة جديدة مكملة للمشكلة التي حدثت البارحة ..
لكن حسام مر من امامهم دون ان ينظر اليهم حتى ليقول سليم بنبرة قاتمة :
" حسام بيه .."
توقف حسام في مكانه مقابل الباب حيث كان ينوي الخروج من المنزل فهو لا يرغب في البقاء معهم بعدما حدث ليلة البارحة فقرر ان يقضي يوم اجازته مع صديقه ..
التفت حسام نحو والده يرمقه بنظرات باردة ليهتف سليم بقوة : 
"بعيدا عن تصرفك ده .. انا عاوز اعرف دلوقتي وحالا .. قررت ايه ..؟! هترجع عن قرارك الغبي وتنسى البت دي وموضوع ارتباطك بيها ولا .."
رد حسام بحسم :
" مفيش داعي تكمل .. مش هرجع .. طمن نفسك .. انا خدت قراري وخلاص .. انا هتجوز نورهان .. ومش هتراجع عن جوازي منها .. وافقتوا اهلا وسهلا انا عملت اللي عليا وبلغتكم .. موافقتوش براحتكم انا مش هقدر اجبركم على حاجة .."
صمت الجميع لوهلة قبل ان تكون فريال اول المتحدثين حيث صرخت بنبرة باكية غاضبة :
" انت بتقول ايه ..؟! ليه بتعمل كده .. ؟! انت بتوقف فوش اهلك عشان وحدة زي دي .."
قاطعها حسام بحدة غير مقصودة :
" إياكِ تكملي يا ماما .. نورهان خط احمر .. مش هسمح لحد انوا يهينها بكلمة حتى لو كان الحد ده امي .."
هب ادهم بالتقدم نحوه بعصبيه ليقاطعه سليم :
"اوقف مكانك يا ادهم .. "
توقف ادهم في مكانه على مضض بينما نظر سليم الى حسام مطولا قبل ان يشير الى ادهم قائلا :
" دلوقتي حالا تتصل بالبنك تجمد كل أرصدته .. تاخد منه عقد ملكية المكتب وتجيب حد مناسب يديره .. "
ثم استدار الى حسام قائلا :
" انت من النهاردة ملكش قرش واحد عندي .. والمكتب رجع لصاحبه الاصلي اللي هو انا ..وريني بقى هتصرف ازاي يا بيه ..؟!"
ابتسم حسام ببرود ظاهري رغم الالم الذي سيطر عليه من افعال ابوه لكنه تماسك كي لا يظهر هذا الالم واضحا داخل عينيه وقال :
" براحتك .. انا مش هجبرك انك متاخدش المكتب والفلوس .. انت حر فإنك تعمل اللي انت عاوزه معايا .. حتى لو اتبريت مني فإنت حر برده .. زي منا بردوا حر اني اختار شريكة حياتي .. بس بلاش تزعل مني وتقول اني عصيتك لاني معملتش حاجة تأذيك .. كل اللي عملته اني اخترت اعيش بالطريقه اللي تناسبني وتريحني ... ورغم كل ده انت هتفضل ابويا الي واجب  عليا احبه واحترمه .."
اخذ نفسا عميقا تحت انظار والدته الحزينة وانظار والده القوية ليقول :
" بس لازم تعذرني .. بعد قرارك ده انا مليش قعده معاكو فمكان واحد .. صعب جدا اننا نجتمع سوا .. والاهم اني بكل الاحوال كتب كتابي هيكون قريب فالمنطق بيقول اني لازم اسيب هنا من دلوقتي ..."
قال كلماته الاخيره وهو يتجه نحو السلم لتتجه فريال نحوه واقفة امامه ترجوه : 
" عشان خاطري يا حبيبي بلاش .. بلاش الجوازة دي .. بلاش تخسر ابوك وامك وعيلتك عشان جوازة ممكن تلاقي غيرها واحسن منها بمراحل .."
رد حسام بقوة :
" عمري ما هلاقي افضل من نورهان .."
صاحت فريال بعد ان فقدت صبرها :
" هي سحرالك ولا ايه ..؟!"
منحها ابتسامة متكلفة وهو يرد :
" جايز .. حتى لو سحراني فأنا بردوا راضي وعايزها .."
ثم اتجه مرتقيا درجات السلم لتسير فريال خلفه بعصبيه وهي تنادي عليه قبل ان يمسكها سليم من ذراعها موقفا اياها هاتفا بيغضب :
" انتي رايحة فين ..؟! سيبيه ..؟! بلاش تلحقيه .. خليه يجرب حياته الجديده من غير فلوس .. خليه يشحت وميلاقيش لقمة ياكلها وساعتها هيرجع بيقول  انا اسف ..٠"
منحته فريال نظرة متأمله من قسوة كلامه فهو رغم كل شيء ابنها .. وهي مهما بلغ غرورها وقوتها الا انها تظل ضعيفه للغاية امام ابنائها اللذين تعشقهم بشده ..
حرر سليم ذراعا واتجه نحو المكتب بينما هزت الجدة رأسها بأسى على ما يحدث لأحفادها وابنها الاكبر ..
ثم اتجهت نحو غرفتها مقررة  عدم التدخل نهائيا في اي شيء فوالديه اعرف بإبنهم وهم يدركون جيدا نتائج ما يفعلونه ..
اتجه ادهم نحو والدته بعدما تأملها قليلا بصمت ..
اقترب منها وقال بحنو :
" متقلقيش يا امي .. كل حاجة هتبقى تمام ... صدقيني .."
رفعت فريال وجهها الحزين نحوه ومنحته ابتسامة متكلفه قبل ان ترد بخفوت :
" اتمنى ده بجد .."
ابتسم ادهم بحب قبل ان يقبلها من جبينها ويتجه خارجا من القصر بأكمله ..
ظلت فريال جالسه في مكانه تتأمل المكان حولها بشرود حينما شعرت بخطوات تهبط درجات السلم لتجد حسام يهبط من السلم وهو يجر حقيبه ضخمة خلفه ..
تقدمت نحوه بسرعة وقالت :
" ايه اللي انت بتعمله ده ..؟! انت هتسيب البيت بجد ..؟! عشان خاطري .."
رد حسام بهدوء :
" ارجوكِ انتِ يا امي .. بلاش توقفي بطريقي .. انا اخترت خلاص .. وانتوا هتفضلوا اهلي وعلى عيني وراسي .. لكن حياتي الشخصيه خط احمر .. ممنوع حد يتدخل فيها .."
ثم سحب حديقته خلفه ليسمعها تقول بصوت عالي :
" عمري ما هبص فوشك ولا هسامحك لاخر يوم فعمري .."
رد حسام دون ان يلتفت اليها :
" هابقى اجي كمان يومين اخذ باقي الهدوم والحاجات .."
..................................................................
دلف حسام الى احد الفنادق الراقية في العاصمة ..
اتجه نحو موظفة الاستعلامات طالبا منها ان تحجز جناح خاص له فجهزت طلبه واخبرته بهذا ليتجه نحو الطابق الرابع حيث يوجد جناحه يتبعه احد موظفي الفندق وهو يحمل حقيبته ..
دلف حسام الى الغرفة يتبعه الموظف والذي وضع الحقيبة الضخمة على ارضية الغرفة ثم اتجه خارجا منها بعدما استإذن حسام ..
القى حسام بجسده على السرير وقد سيطر الارهاق عليه بشدة ..
اغمض عينيه وهو يدعو ربه داخله ان يوفقه بما هو قادم عليه .. فالقادم ليس سهلا ابدا وهو لن يرتاح حتى تصبح نورهان زوجته رسميا وتحمل اسمه ..
اخرج هاتفه من جيبه وبحث عن اسمها حينما ضغط على زر الاتصال منتظرا سماع صوتها بنبرته الرقيقة والتي تنفذ الى اعماقها ..
جاءه صوتها العذب بعد لحظات وهي تهتف برقة :
" صباح الخير .."
رد بحب :
" صباح الورد .."
ابتسمت بضعف وخجل طاغي سيطر على وجنتيها لتجده يقول :
" نورهان ... انا عاوز كتب الكتاب بعد اسبوع .."
قالت نورهان بعدم تصديق :
" اسبوع ..؟! انت بتقول ايه يا حسام ..؟!"
ابتسم حسام وقال بجدية :
" اه اسبوع يا نورهان .. احنه ورانه ايه ..؟! اهم حاجة الشقة ودي هنختارها انا وانتي بكره ولو ملحقناش نخرج بعد بكره .. الاثاث ده هتختاريه وانا هبعت القطع المطلوبه للمحلات المختصه فده وهتوصل لحد عندنا .."
" والجهاز .. وحاجات تانيه كتير .."
رد حسام :
" يا حبيبتي لو عالجهاز انا هديكي مبلغ محترم جدا تجيبي كل اللي نفسك بيه .."
قاطعته :
" لا طبعا مينفعش .. الجهاز ده مسؤوليتي انا و ماما ..."
صمتت قليلا قبل ان تكمل بحدة :
" ثانيا انا جهازي تقريبا كامل لانوا ماما دائما بتحضر فيه من سنين طويلة .."
قال حسام بالغيظ :
" طالما كده بتقوليلى  الجهاز ومش هلحق ومش عارفه ايه .."
ابتسمت بخفه وقالت :
" اهو ده اللي حصل .. بس بردوا فيه حاجات تاتيه لازم اشتريها .."
قال حسام وبالكاد يسيطر على اعصابه :
" يا بنتي الحاجات دي مش مكفيها ثلاث ايام تجهزيهم بيهه .."
ردت بضيق :
" مينفعش .. نخلي كتب الكتاب بعد شهر ..؟!"
صرح بسرعة :
" نعم ياختي .. لا مينفعش .."
ثم اكملت بصرامة :
" انا لازم اقفل دلوقتي .. كلامي واضح وقراري نهائي .. مفيش جواز الا بعد التخرج ، "
ثم اغلقت الخط في وجهه حينما نظر الى الهاتف وهو يحترق من شدة الغيظ ..
....................................................
اوقف ادهم سيارته امام فيلا عمه كمال منتظرا خروج ليديا منها ..
وبالفعل خرجت ليديا بعد لحظات قليلة ليبتسم ف
ي داخله على مدى انضباطها في مواعيدها لكن سرعان ما انتبه الى فستانها الزهري القصير ذو الحمالات الرفيعه اضافة الى نحرها البارز بعفوية ."
حاول ان يمسك اعصابه كي لا يظهر غضبه وضيقه منها .. فهو لا يجب ان يخسرها بسبب افكاره الحمقاء وفستان قصير ذو لون زهري ..
فتحت ليديا باب السياره بعدما القت تحية الصباح ثم هتفت بجدية :
" رايحين فين ..؟!"
رد ادهم بخفوت :
" هاخدك مكان تحفه ... هيعجبك جدا .."
رمقت ادهم بنظرات مندهشة من تغييره المفاجئ وتصرفاته المختلفه والتي كانت اخرها انه اعاد اليها فساتينها التي تحبهم كثيرا ..
افاقت ليديا من افكارها على صوته يتحدث بالهاتف حيث جمعه اتصال مع احد الموظفين ..
اخذت تتأمل و تعجب  بوسامته الطاغيه وملامحه الخشنه ..
فهي تحب كثيرا الرجل ذو المظهر الرجولي الجاد ..
افاقت من افكارها بعدما وجدته يصف سيارته امام احد المطاعم الذي يبدو من مظهره الخارجي انوا رائع للغاية ..
أجلسها ادهم على الطاولة امامه واخذا يتأملان المياه الرائعه والمربحة للنظر والتي يطل المطعم عليها ..
جاء النادل فإلتفت ادهم نحوه رادا تحيته قبل ان يسأل ليديا عما تحب تناوله .. لتخبره انها تفضل تناول احدى الباستا فيبتسم ادهم وهو يطلب من النادل ان يجلب الباستا اها وطبق اخر له يحب تناوله بصورة دائمه ..
انتهى الاثنان من تناول اطعام والصمت ما زال حليفهما حتى تحدثت ليديا اخيرا وقد فشلت في اخفاء فضولها او السيطره عليه :
" ادهم .. فيه حاجة حصلت عشان تجي وتاخذني وتعزمني عالغدا .."
ابتسم ادهم في داخله وهو كان يعرف جيدا ما سوف تقوله في جلستهما  هذا اليوم ..
رد ادهم بجدية :
" حبيت اصحح كل حاجة حصلت في الماضي واعتذرلك عن اي تصرف مش حلو عملته فيكي .."
ابتسمت ليديا بود قبل ان تقول :
" ملوش الاعتذار الاعتذار .. اللي عملته شيء بسيط. .."
قال ادهم بخفه :
" اتفق معاك .."
ابتسمت ليديا بهدوء بينما اتجه ادهم بأنظاره نحو المياه مزهر
 اخرى قبل ان يعاود الانخراط في الحديث مع ليديا بالكثير من المواضيع التي تخص حياتهما قبل ان يلقيان ..
تحدثت ليديا عن أشياء كثيره ... اخبرته عن والدتها وحبها اللانهائي لها ..عن عملها فقد قدمت على وظائف مختلفة .. عن صدمتها بمعرفة والدها الحقيقي واشياء كثيره حولها متجنبه الحديث عن اي شيء يخص الاخرين ..
.............................................
بعد مرور عشر ايام 
فتح حسام باب جناحه ليتفاجئ بوجود اخيه امامه  .. دلف الى الداخل قائلا :
" جميل الفندق ده .. اختبار مرفق .."
اغلق حسام الباب خلفه واتجه نحوه قائلا بضيق :
" كنت فين كل ده ..؟.
رد ادهم بهدوء :
" كنت فرحلة عمل .. نصيبك بقى الرحلة متجيش الا قبل جوازك .."
زفر حسام نفسه بيأس بينما قال ادهم :
" اخبارك ايه ..؟!"
قال حسام بنفاذ صبر :
" يابني فكنا من فقرة الترحيب ده وخس فالموضوع.."
رد ادهم :
" كل حاجة جاهزة .."
سأله حسام :
" المعنى .؟!"
رد ادهم بإبتسامه :
" الشقة بقت ملكك وادي عقدها .."
قالها وهو يخرج ورقة ملكيه الشقة من جيبه ويعطيها له ثم يكمل بقوة وهو يخرج ورقة ملكية واخرى له :
" وده عقد شراء الكتب .."
ابتسم حسام بقوة ثم مال نحو ادهم مبتسما ً محتضنا اياه بينما سمع اخيه الاكبر يقود :
" فاضل  مبلغ كبيرره خليته فالبنك وادي الورقة بتاعته ..

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل 14 ) 


تطلع حسام الى المبلغ الكلي الموضوع في حسابه بدهشة وقال :
" بس ده كتير اووي .. انا طالما عندي المكتب والشقة هعمل ايه فالمبلغ ده .. "
قاطعه ادهم بجدية :
" ممكن تحتاجه فأي وقت .. وكمان وراك فرح ومصاريف جواز .."
رد حسام بهدوء :
" مش هنعمل فرح .. كتب كتاب بس .."
قال ادهم بضيق :
" انت بتهزر ..؟! دي اول جوازة ليك يابني وان شاءالله الاخيره .."
قال حسام بتعقل :
" انا مليش فجو الافراح اوي وانت عارف بس كنت ناوي اعمل فرح عشان نورهان بس لقيتها هي كمان بتفضل انوا كتب كتاب وبس .."
ابتسم ادهم قائلا بسخرية :
" ما جمع الا ما وفق .."
ضحك حسام وهو يقول :
" دماغنا متركبة كده نعمل ايه .."
ربت ادهم على كتفه ثم نهض من مكانه قائلا :
" انا لازم اروح دلوقتي .. اشوفك يوم كتب الكتاب ان شاءالله لاني محتاج اضبط كام حاجة .."
سأله حسام بجدية :
" اللي بالبيت عاملين ايه ..؟!"
اجابه ادهم :
" كويسين .. ماما مكتئبة وده باين عليها .. ابويا طول الوقت فالمكتب .. ومصطفى مش طايق وشي .."
ضحك حسام وقال :
" ما تقوله الحقيقه يابني .."
قال ادهم بخبث :
" هقوله وبعدها هربيه على تصرفاته وطريقة كلامه معايا .."
هز حسام رأسه بيأس من ادهم وعناده وغضبه الصعب امتصاصه والذي سوف يقع فوق رأسه أخيهما الاصغر مصطفى .. اخر العنقود ...
........................................................................
ركب ادهم سيارته وقادها عائدا الى القصر حينما رن هاتفه فحمله ليجد عليا تتصل به ..
تطلع الى الهاتف بنفاذ صبر .. لقد بات مستاءا كثيرا مما يحدث .. هو يهرب منها وهي تلاحقه طوال الوقت .. والأسوء انه لن يستطيع ان يفسخ الخطبة رسميا الا بعدما ينفذ ما خطط له .. احيانا يتعجب من كونها عديمة الكرامة الى هذه الدرجة فضيقه ورغبته في التخلص منها ظاهرة بوضوح في جميع تصرفاته ورغم هذا ما زالت تجري خلفه وتحاول الالتصاق به كما اعتادت ان يفعل ..
ابتسم ساخرا وهو يعلم في داخله سبب هذا فهي السيوفي لن تقبل بأقل من ادهم السيوفي زوجا لها .. 
ولذا هي مضطرة لتحمل كل هذا في سبيل اتمام زواجها منه ..
زفر انفاسه بضيق وهو يضغط على زر الاجابة ليأتينا صوتها الناعم :
" ادهم .. انت عامل ايه ..؟! بكلمك ومش بترد .. كده بردوا .. معقول ابقى خطيبتك ومشوفكش لاكتر من اسبوع .. حتى مبقيناش نتكلم عالفون "
رد ادهم بضيق ظهر جليا في صوته :
" هو بالنسبة لمشاكل العيلة وحسام واللي بيعمله عادي .. يعني عاوزاني اسيب كل حاجة وانسى مشكلة اخويا اللي مش راضية تتحل واقعد اكلمك عشان اشوفك عاملة ايه وبتعملي ايه .."
تلكأ صوتها وهي تجيبه :
" حبيبي انت بتوحشني اوي .. مش كفاية فرحنا اللي إتأجل بسبب اخوك .."
رد ادهم بغضب :
" اولا اخويا ده ليه اسم .. ثانيا احنه محددناش معاد للفرح عشان نأجله .."
حاولت امتصاص غضبه وهي تجيبه برقة مزيفة :
" حبيبي مقصدش .."
قاطعها غير قادرا على تحمل المزيد من زيفها وتصنعها الذي بات يفهمه جيدا :
" انا لازم اقفل دلوقتي عشان تعبان ومحتاج انام .."
ثم اغلق الهاتف في وجهها غير منتظرا جوابها ..
...................................................................
تطلعت عليا الى هاتفها بغضب .. لقد اغلق الهاتف في وجهها .. خرجت من غرفتها بغضب متجهة الى الطابق السفلي حيث تجلس والدتها تقلب في احدى المجلات بملل بينما صبا تعبث في هاتفها كالعادة ..
تقدمت نحويهما وهي تهتف بعصبية :
" البيه بيقفل الخط فوشي .. هو فاكر نفسه ايه ..؟! "
تطلعت اليها والدتها بدهشة وكذلك صبا قبل ان تقول والدتها بتعجب :
" ادهم عمل كده ..؟!"
اجابتها بغضب :
" ايوه هو .. هو ليه بيعمل كده ..؟! ده بقى مش بيتعامل معايا اصلا .. انا قرفت بجد .."
قالت صبا بجدية :
" سيبيه .. طالما الوضع كده يبقى سيبيه .. عالاقل انتوا عالبر دلوقتي .."
صرخت جيجي والدتها بصدمة :
" تسيب مين ..؟! لا انتي اتجننتي .. "
ثم التفت نحو عليا وقالت بهدوء :
"اوعي تسمعي كلام اختك الغبي ده .. انتِ فاهمة ..؟!"
نهضت صبا من مكانها وقالت بضيق جلي :
" كلامي مش غبي يا ماما .. كلامي هو الصح .. بس انتوا للاسف رغبتكم فالجوازة دي والفلوس اللي هتجي منها عمتكم خلاص .. انتي بتشجعي بنتك تكمل جوازتها من واحد مش طايقها .. واحد مش قادر يتصل بيهه دقيقة يسألها عن احوالها .. عالعموم انا مش هتكلم تاني .. عارفة ليه ..؟! لانوا للاسف كلامك ده عليا موافقة عليه .. مقتنعة بيه .."
صاحت عليا بضيق :
" تقصدي ايه ..؟!"
قالت صبا وهي تنظر اليها بقوة :
" انتِ موافقة تفضلي مع ادهم وتتجوزيه وانتِ عارفة انوا مبيحبكيش .. 
موافقة انوا يعاملك بالشكل ده بردوا عشان تتجوزيه .. ليه كل ده ..؟! عشان الفلوس والمركز والكلام الفارغ ده ..؟! قلتلك مية مرة انتِ ممكن تتجوزي واحد غني ووسيم وكل حاجة والاهم انوا بيحبك .."
صرخت عليا وقد فاض بها الكيل من حديث اختها التافه بالنسبة لها :
" انا حرة وانتِ ملكيش دعوة .. مش انتِ اللي هتعمليني اعمل ايه ومعملش ايه .. ادهم ليا وهتجوزه ولو غصبا عنه وعن العيلة كلها .."
رمتها صبا بنظرات متأسفة قبل ان تنطلق نحو السلم مرتقية درجاته متجهة الى غرفتها ..
بينما اقترب جيجي من ابنتها تهدئها :
" بلاش تتعصبي يا حبيبتي .. سيبك من صبا وكلامها الاهبل ومثاليتها الزايدة .. خليكي بنفسك .."
سألتها عليا بنفاذ صبر :
" اعمل ايه ..؟! قوليلي .. انتِ شايفاه بيعاملني ازاي ..؟!"
زفرت جيجي أنفاسها بضيق من ذلك المتعجرف .. لم تحبه يوما فهو لطالما كان المفضل لدى الجميع والمسيطر على كل شيء .. يكفيها ان ولديها الاثنين يعملان تحت سطوته .. وهو لوحده يدير شركات واعمال العائلة بل ويتحكم بجميع الاموال والممتلكات ومصادر الدخل الخاصة بهم داخل وخارج البلاد دون أن يجرؤ احد ان يسأله او يحاسبه فكلا منهم يأخذ حقه شهريا من هذا الدخل الكبير للغاية بحجة ان ادهم هو وحدة من يستطيع ان يدير الشركة على افضل وجه خصوصا بعدما حقق نجاحات هائلة وربح صفقات ضخمة جعلت شركات السيوفي الاولى في مجالها داخل البلاد وربما خارجها ايضا ..
احيانا تشعر بالغيظ من ذكائه المفرط والذي بفضله حصل على ادارة الشركة من ثلاثة عشر عاما عندما كان في الثانيه والعشرين من عمره بعدما عمل لاربع سنوات فقط في الشركة ليتفق الجميع على انه الافضل والاحق بهذا فتنحى والده واعمامه عن الادارة تاركين له الادارة بأكملها متناسين ابنها خالد الذي في نفس عمره حيث يصغره بثلاثة اشهر وكريم الذي يصغره بعام ..
زفرت انفاسها بضيق وهي تتذكر محاولاتها هي وعليا لإيقاعه في حب ابنتها بعدما يأست من ان يصبح ابنها خالد كبير العائلة بدلا منه فإضطرت الى القبول بادارته الى شؤون العائلة طالما سوف يصبح زوج ابنتها عليا وبالتالي سوف يكون كل هذا العز والسلطة من نصيب ابنتها التي سوف تعرف جيدا كيف تستطيع استغلال هذا لصالحها وتجعل اخوانها يسيطران على الشركة وكل شي بذكائها التي هي واثقة من انها سوف تستغله جيدا اضافة الى ارشاداتها هي الدائمة لها ..
حتى خالد وكريم وافقا على ارتباط عليا بادهم بالرغم من كرههما وحقدههما عليه فقد فهموا اللعبة واشتركوا بها حيث باتت عليا املهما الوحيد في تحقيق ما طمعا اليه لسنوات طويلة ..
تنهدت جيجي وهي تجيبها :
" حاولي تجذبيه ليكي .. خليه ينبهر بيكي وبجمالك .. اعملي الحاجات اللي هو بيحبها .. "
تطلعت عليا الى والدتها بتركيز وقد بدأ حديثها يدور داخل عقلها بجدية قبل ان تلمع عينيها وهي تبتسم بخبث وقد وجدت ضالتها اخيرا والطريقة التي سوف تستطيع من خلالها اجبار ادهم على الزواج بها لتقول وابتسامة خبيثة تكونت على شفتيها :
" لقيتها .."
" هي ايه ..؟!"
سألتها والدتها بدهشة فتجذبها عليا وتجلسها على الكنبة وتجلس بجوارها تخبرها عن خطتها بينما جيجي تستمع لها بإذعان ..
.....................................................................
دلف ادهم الى القصر ليجد والدته تجلس على الكنبة والشحوب يسيطر على وجهها قبل ان تنهض من مكانها ما ان شعرت به حيث تقدمت نحوه تسأله بقلق :
" اتأخرت يا ادهم .. قلقت عليك .."
تطلع ادهم اليها بضيق على حزنها الواضح .. لأول مرة يرى والدتها حزينة هكذا فهو اعتاد عليها قوية ، مسيطرة  ومتماسكة ..
قال بهدوء :
" كنت فالشركة يا ماما .. بخلص شغل مهم .."
أومأت برأسها متفهمة وقالت :
" اتكلمت مع حسام ..؟!"
اومأ برأسه لتسأله بلهفة :
" قالك ايه ..؟!"
رد ادهم بهدوء :
" لسه مصر على قراره .. ومش هيرجع عنه .."
تطلعت اليه فريال بصدمة فالأيام تمر وحسام ما زال مصرا على قراره ومن الواضح انه لن يتراجع عنه مهما حدث .. وبالتالي ابنها اصبح خارج العائلة رسميا بقرار صارم من جميع كبار العائلة ..
صمتت فريال لوهلة قبل ان تسأله :
" البنت دي اسمها ايه ..؟! وساكنة فين ..؟!"
تطلع ادهم اليها بضيق مخفي فيبدو ان والدتها سوف تلعب بطريقة سيئة ليجيبها بتلاعب  :
" هو انتي فاكرة اني ممكن اعرف مكانها واسيبها .. ؟! انا معرفش اسمها حتى .. واكيد يعني حسام مش هيقولي .. ورغم اني براقبه من اول يوم ساب البيت فيه الا اني ممسكتش حاجة عليه .. لانوا مش بيخرج من الفندق نهائي ومفيش حد بيروحله بعد ما تأكدت من موظفي الفندق نفسهم  .."
قالت فريال بدهشة :
" انت عملت كل ده وبتراقبه طول المدة ديه ..؟!"
اومأ ادهم برأسه كاذبا وهو يفكر بأن ما قاله لحسام حينما حذره من لقاء نورهان وجها لوجه قبل الزفاف مكتفيا بتواصله الهاتفي معها كي لا يعرف احد اي معلومات عنها او مكان سكنها فهو يعرف عائلته جيدا فهم من الممكن ان يفعلوا اي شيء ينهي هذه الزيجة وقد يتصرفون بعدم نزاهة وربما يأذون الفتاة وعائلتها لذا حذره من ذلك واخبره ان ينتظر قليلا حتى يتم الزواج رسميا وينهي هو بعض الامور العالقة كي يتحمل موضوع حماية زوجته وعائلتها كاملا ويمنع اي اذى يلحق به من قبل عائلته ..
" ايوه يا ماما .. قلت اروح اتكلم مع البنت او اهلها .. اقنعهم بأي طريقة يرفضوا الجوازة حتى لو اضطريت اهددهم .."
قاطعه فريال :
" بلاش تهديد .. اعرض عليهم فلوس .. حتى لو مبلغ 
كبير .. انا مستعدة ادفعلهم المبلغ اللي هما عاوزينه بس يبعدوا بنتهم عن ابني .. انا هعمل اي حاجة عشان ابعد ابني عن الورطة دي .."
زفر ادهم انفاسه بضيق وقال :
" انا كنت هعمل كده اصلا .. المهم الاقيهم الاول لاني مش عارف اجمع اي معلومة عنها .."
أومأت فريال رأسها بحزن بينما تركها ادهم متجها الى غرفته وهو يسأل نفسه للمرة الالف كيف كان مقتنعا بتصرفات افراد عائلته بل ويشاركههم بها وبطريقة تفكيرهم  تلك .. ؟! هل حبه لليديا كان سبب انقلابه الى العكس تماما ام ان هناك سببا اخر يجهله .. فربما القدر هو من كان سببا في افاقته اخيرا من غيبوبته التي عاش بها طوال سنوات عمره الفائته بل ولم يكن يشعر سوى بالراحة والاقتناع التام بها ..
.......................................................................
بعد مرور عدة ايام اخرى وتحديدا يوم عقد قران حسام ونورهان ..
وقفت ليديا امام المرأة تتأمل فستانها الرقيق بنظرات مقتنعة .. فالفستان بدى اجمل مما تخيلت بمراحل .. تذكرت حينما اتصل ادهم بها قبل ثلاثة ايام بعد لقاء وحيد جمعهما في ذلك المطعم الجميل المطل على النيل ..
فاجأها اتصاله بعد انقطاع دام لاكثر من عشرة ايام ..
اجابته لتجده يخبرها بإختصار عن يوم عقد قران حسام والذي سيكون بعد ثلاثة عارضا عليها الحضور طبعا دون ان تخبر احد بأي شيء ..
اخفت دهشتها وهي تتذكر حديث والدها عدة مرات عن حسام وزواجه من فتاة لا تناسبه اجتماعيا وطرد والده له وسحب كل شيء منه ..
شعرت بالحزن والضيق من هذه العائلة وتصرفاتها التي لا يليق بها وصف اقل من كلمة حقيرة خاصة حينما رأت نورهان نسخة اخرى من والدتها وكم اخافها تفكيرها للحظة بأن تلقى نفس النهاية .. تذكرت ايضا حديث والدها عن رفض زوجة عمها فريال ووقوفها ضد ابنها وعن محاولات ادهم طوال الوقت لإنهاء الزيجة الامر التي جعلها تشعر بالنفور نحوه والازدراء الشديد منه بعدما كادت تغير فكرتها الغير جيده عنه .. لكن يبدو انه يحمل طبع افراد عائلته بشكل كامل ..
اجابته ليديا بالموافقة على الفور ورغبتها في رؤية هذه الفتاة التي تحدى حسام الجميع لأجلها وتخلى عن كل شيء تفاقمت خاصة انها شعرت انها سترى بهما والدها ووالدتها ولكن بتاريخ حديث وحقبة زمنية مختلفة ..
تذكرت كيف اخبرت نورهان عن رغبتها في شراء فستان يليق بهذا اليوم حيث ذهبتا في اليوم التالي الى العديد  المحلات الراقية وبدأت تبحث عن فستان يناسب هذه الحفلة فوجدت ضالتها اخيرا بفستان كريمي رقيق ذو حمالات عريضة وفتحة صدر مربعة .. يلتصق بجسده من الاعلى ثم يبدع بالاتساع قليلا عند خصرها ويزداد اتساعه تدريجيا حيث ينتهي عند ركبتها .. 
كان الفستان انيق للغاية ويشبه للغاية تلك الفساتين الكلاسيكية اللاتي يرتدينها ممثلات افلام الابيض والاسود والتي تعشقها ليديا بجنون فهي تحب كل ما هو كلاسيكي قديم وبسيط ..
قررت ان ترفع شعرها على شكل تسريحة بسيطة للغاية وناعمة مستخدمة دبابيس ذو فصوص فضية لامعة في لملمة شعرها .. لم تضع اي مكياج بإستثناء كحل اسود يبرز عينيها التي تشبه عيني القطط واحمر شفاه ذو لون زهري فاتح ..
وارتدت قلادة الصليب خاصتها والتي لا تخلعها اطلاقا واقراط فضية لامعة ..
القت نظرة اخيرة على شكلها بالمرأة قبل ان تهبط درجات السلم بكعب حذائها العالي والذي جعلها تبدو فارعة الطول فهي بدونه طويلة كطول ملكات الجمال او عارضات الازياء ..
ابتسمت وهي تقترب ناحية نورا التي قالت لها :
" ماشاءالله يا حبيبتي .. جميلة اوي .. ربنا يحميكِ .."
" ميرسي .."
قالتها ليديا برقة لتسألها نورا بجدية :
" امتى نورهان هتجي تاخدك ..؟!"
اجابتها ليديا وهي تتذكر كذبتها حينما اخبرتهم انها ستذهب مع نورهان الى عيدميلاد احدى صديقاتها الذي سيقام في احد افخم الفنادق في البلاد وكم ارتاحت حينما وافق والدها ببساطة بل وسعد ايضا بإندماج ابنته مع مجتمعها الجديد  ومحاولاتها لتكوين صداقات جديدة :
" تقريبا كمان اقل من ربع ساعة حسب كلامها .."
ابتسمت نورا وهي تشير اليها :
" طب اقعدي دلوقتي واستنيها لحد ما ترن عليكِ .."
أومأت ليديا برأسها وهي تتجه نحو الكنبة وتجلس عليها بهدوء ..
..............................................:........................
دلف ادهم الى غرفة مصطفى وهو متأنقا للغاية ليجده ينظر الى كتبه بشرود فصاح به بطريقة اجفلت الاخير وجعلته يفزع :
" انت لسه ملبستش ..؟! انا مش قولتلك تتنيل تلبس عشان خارجين ؟!"
رد مصطفى :
" قلتلك مش هخرج وانت مش هتقدر تمشي كلمتك عليا زي كل مرة .."
زفر ادهم انفاسه بنفاذ صبر وهو يتذكر دخوله المفاجئ قبل حوالي ساعتين الى غرفة مصطفى الذي يتجنبه كوباء معدي واخبره بأن يجهز نفسه ويرتدي ملابس انيقة حيث سوف يأتي اليه بعد ساعتين كي يذهب معه الى مكان مهم للغاية لكن يبدو ان اخيه العنيد قد اصر على موقفه واعلان الحرب رسميا ..
قال ادهم بجدية :
" غير هدومك يا مصطفى .. انا كده هتأخر كده والناس مستنيني .."
تطلع مصطفى اليه متسائلا بفضول :
" ناس مين ..؟'
اجابه ادهم كاذبا :
" صحبي هيتجوز وانا لازم اوقف جمبه اصلي هكون الشاهد على كتب الكتاب .."
رد مصطفى بتهكم :
" وهتاخدني معاك ليه ..؟! كنت مراتك وانا مش عارف .. ؟! ثانيا انت من امتى وبتاخدني معاك باي مكان اصلا .. مش كان الاولى توقف جمب اخوك وتساعده فمشكلته دي بدل مانت بتساعد الغريب .."
جذبه ادهم بقوة من بلوزته وقال بحدة :
"هي كلمة وحدة يا مصطفى .. خمس دقايق الاقيك جاهز على سنجة عشرة والا ساعتها هتعصب ونتيجةعصبيتي مش هتعجبك خالص ..مفهوم ..؟!"
ابتعد مصطفى ريقه وهو يهز رأسه ليحرره ادهم ويخرج من الغرفة تاركا مصطفى يتطلع الى اقره بضيق قبل ان يتذكر حديث اخيه فيتجه مسرعا نحو خزانة ملابسه كي يغيرها بسرعة ..


رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل 15 ) 



هبط كلا من مصطفى وادهم درجات السلم وخرجا من القصر دون ان يراهما احد ..
ركب مصطفى سيارة ادهم الذي قادها متجها الى منزل  عمه كمال اولا حيث سيمر على ليديا كي يأخذها معه الى عقد القران ..
القى نظرة خافتة على مصطفى ليجده متجهما للغاية فيبتسم بتهكم قبل ان يفتح احدى اغاني المهرجانات فيرمقه مصطفى بنظرات حادة وهو يهمهم بكلمات وشتائم خافتة غير مسموعة ..
تطلع مصطفى الى المكان الذي وقف فيه ادهم بدهشة حيث اوقف سيارته في الشارع الخلفي لمنزل عمه كمال واجرى اتصالا مع احدهم يخبره بإختصار انه وصل ..
سأله مصطفى بدهشة :
" احنا بنعمل ايه هنا ..؟! هو عمك هيتجوز على طنط نورا ولا ايه ..؟!"
ثم اكمل بصدمة :
" ولا يكون يوسف هو اللي هيتجوز ..؟! كده هيبقى اصغر  واحد يخطو الخطوة دي فالعيلة .."
ثم قال بحقد :
" كان نفسي انول انا الشرف ده .."
" ايه ..؟!"
سأله ادهم بدهشة ليمسكه مصطفى من تلابيبه ويقول :
" اوعى تقولها.. مراد مش كده .. عملها ابن الايه .. اكيد عمي هيجوزه مقابل انوا يذاكر السنه دي وينجح .. طبعا ماهو هيموت على لمار ام عيون عسلي .. بس لا مش انا مش هسكت .. مش هخلي مراد يتجوز قبلي ويشمت فيا .. سوزي موجوده ومش هتصدق .. مفيش سوزي فيه نرمين وممكن رولا .. بص انا لازم اتجوز حالا وادخل قبله انت فاهم .."
ضربه ادهم من ياقة قميصه ويقول بعصبية :
" تدخل فين يا سافل ..؟! هو انت كل تفكيرك زبالة زيك كده ..؟!! ومين سوزي دي كمان .،؟ ورولا ..؟! ونرمين ..؟! كل دول بنات تعرفهم ..؟!"
رد مصطفى :
" انت تعرف عني كده ..؟! من امتى وانا ليا فالكلام ده والبنات اصلا ..؟! انا دائما من الدرس للبيت ومن البيت للدرس .."
"لا والله ..؟!"
قالها ادهم بتهكم ليومأ مصطفى برأسه وهو يكمل :
" وحياتك عندي .."
" وبالنسبة لسوزي ورولا ونرمين ..؟!"
قال مصطفى بمرح :
" لا دول هما اللي بيجروا ورايا ويحاولوا معايا على طول .."
" وبيتحرشوا بيك كمان ..؟!"
سأله ادهم بإستهزاء ليرد مصطفى بجدية :
" غالبا لفظي .."
" نعم ..؟!"
قال مصطفى بسرعة :
" والله بهزر معاك .. المهم قولي .. مين هيتجوز ..؟! اكيد الخاين مراد ..؟!"
رماه ادهم بنظرات حارقة قبل ان يرد :
" وهو لو مراد او اي حد من بيت عمي هيتجوز ايه اللي هيوقفني كده ..؟!"
وقبل ان يرد مصطفى وجد ليديا تتقدم نحو سيارتهما بطلتها الرائعة فتمتم :
" القمر اهو .."
استدار ادهم الى مكان ما ينظر ليدهشه جمالها العفوي البسيط للغاية .. ابتلع ريقه وقد وقع في أسر جمالها وبساطتها من جديد بل وللمرة الالف ..
وجدها تفتح الباب وتجلس في الكرسي الخلف ملقية عليهم التحية ليجعله صوتها يفيق من شروده فينظر الى مصطفى وهو يهتف بضيق :
" هو مش المفروض انك تقعد وره وليديا تقعد بدالك .."
تنحنح مصطفى بحرج وقال :
" فعلا .. تعالي يا ليدي اقعدي مكاني .."
ردت ليديا بجدية :
" لا انا مرتاحة هنا .."
هم ادهم بالحديث قائلا :
" بس مينفعش .."
لتقاطعه ليديا بحسم :
" خلونا نتحرك .. بلاش نتأخر اكتر من كده .."
ادار ادهم مقود سيارته متجها الى منزل اخر بينما اخذ  مصطفى يتحدث مع ليديا ويمزح معها ويخبرها عن مدى وحدته وحزنه بعدما تركت المنزل وبقي هو وحيدا بينما ليديا تتحدث معه بنفس الانطلاق السعادة غير منتبهةة لادهم الذي يستشيظ غضبا مما يحدث معه وهو يتوعد مصطفى بالكثير ..
توقف مصطفى عن حديثه عندما توقفت سيارة اخيه امام منزل يعرفه جيدا فقال :
" بيت نور .. هو ايه اللي بيحصل هنا ..؟!"
رد ادهم بجدية :
" كمان شوية هتعرف كل حاجة .."
تطلع مصطفى الى ادهم بدهشة وشعوره بالغباء يسيطر عليه ثم تذكر امر ليديا ولعن غبائه الذي جعله ينشغل بالحديث معها متناسيا ان يسألها عما يحدث ..
هم بأن يسألها عن مكان ذهابهما لكن قدوم نور نحوه وهي ترتدي فستان انيق للغاية ومعها ابنها الاكبر ذو الاربعة اعوام يرتدي بدلة انيقة اوقفه عن ذلك ..
ركبت نور بجانب ليديا وحييتها بحرارة وحييت  كذلك ادهم الذي بادلها تحيتها بود ومصطفى الذي اجابها بذهول مما يحدث ..
" مش هنقول للبنى ..؟!"
اجابها ادهم وهو يدير مقود سيارته :
" مستحيل .. انتِ عارفة اختك وطريقة تفكيرها .. هي مش هترفض بس لا دي كمان هتفضحنا .."
أومأت نور برإسها متفهمة بينما صرخ مصطفى بنفاذ صبر :
" ممكن افهم فيه ايه ...؟! احنه رايحين فيه بالضبط ..؟!"
تطلع اليه الجميع بصمت ليجد نور تتحدث مع ليديا بعد لحظات بينما ادهم يجري اتصالا مع احدهم حتى ابن  اخته يلعب في هاتفه فيبدو انه اصبح غير مرئي للجميع حتى صغار العمر وربما الاطفال الرضع ايضا ..
.................................................................
هبط الجميع من سيارة ادهم ليتطلع مصطفى الى الحارة الشعبية بدهشة بينما اخذت نور تقلب انظارها في ارجاء المكان بدهشة وفضول فهي لم تزر اماكن كهذه طوال حياتها .. اما ليديا فأخذت تنظر حولها بذهول وعدم تصديق من الشارع الذي يوجد به العديد من العمارات التي تتلاصق بعضها ببعض والذي كان  مليء  بالناس والاطفال الذين يجرون خلف بعضهم ..
قال ادهم بجدية :
" يلا بينا .."
" يلا فين ..؟!"
سأله مصطفى بضيق ليسير ادهم امامهم متجاهلا اياه تتبعه ليديا محاولة السيطرة على شعور الدهشة الذي تمكن منها تتبعهما نور التي تمسك يد ابنها بينما مصطفى خلف الجميع يبتسم بسخافة في وجوه الناس الذي اخذوا ينظرون اليهم وكأنهم رواد فضاء لا ينتمون الى سكان هذا الكوكب ..
تبع مصطفى ادهم الذي صعد الى الطابق الرابع ووقف امام شقة بسيطة يوجد بها باب مفتوح والكثير من الناس في الداخل حيث اصوات الزغاريط والاغاني تسيطر على ارجاء المكان ..
دلف الجميع الى الداخل ليتقدم حسام نحوه بسعادة فيحتضنه  ادهم بحرارة بينما ليديا تتابع الموقف بدهشة فكيف يكون ادهم رافضا للزيجة ويتصرف هكذا ..؟! 
ولم تقل دهشة مصطفى عنها حيث اخذ ما يتابع بعينين متسعتين وفاه مفتوح ..
ابتعد حسام عن نور ورحب بأخته التي احتضنته بقوة محيية اياه ثم رحب بليديا بسعادة شديدة واخيرا اقترب من مصطفى ولكزه في ذراعه قائلا بمرح :
" هتفضل مصدوم  كده كتير .. متبقاش غبي كده واستوعب بقى .."
اتسعت ابتسامة مصطفى وقد فهم اخيرا كل شيء ليحتضن اخيه بسعادة وهو يقول :
" مبروك يا حسام .. مبروك يا حبيبي .. "
ابتسم حسام وهو يربت على كتفه ويقول بمزاج :
" عقبالك بقى .."
لكن مصطفى كان سعيدا للغاية بدعائه وهو يرفع كفيه نحو الاعلى ويقول :
" يارب يا حسام .." 
تطلع حسام الى اخيه الصغير بدهشة بينما تقدم مصطفى نحو ادهم وقال :
" كده بردوا .. تخليني اقسى عليك بالشكل ده .. كان
لازم يعني ارفع صوتي واقل ادبي .. ما كنت قلتلي الحقيقة وخلاص .."
جذبه ادهم من ذراعه وقال بصوت حاقد :
" هو انت فاكر اني هستكتلك يلا .. اتمم جواز اخوك وساعتها شوف هعمل ايه .. ده انا مش ناسي اي حاجة .."
قال حسام وهو يبعد مصطفى عنه :
" خلاص بقى يا جماعة .. المأذون جه .."
ثم رحب بالمأذون واجلسه في مكانه قبل ان يعرف عائلته الصغيرة على عائلة نورهان ..
.......................................................................
تم عقد قران حسام ونورهان اخيرا وسط سعادة الجميع .. حيث كان ادهم وصديق حسام المقرب شاهدين على هذا ..
كانت نورهان في أوج سعادتها بالرغم من خجلها الشديد .. ارتدت فستان كريمي طويل من الدانتيل ذو اكمام طويلة ... طويل يصل حتى كاحلها يزينها حجاب من نفس اللون يغطي شعرها بالكامل ..
تأملها الجميع بإعجاب فهي كانت ذات جمال ناعم رقيق .. حيث البشرة الخمرية والجسد النحيل .. عيناها بلونيهما البني الفاتح وملامح وجهها الرقيقة ..
بعدما اعلن المأذون رسميا زواجهما بدأ الجميع يبارك لهما واولهم ادهم الذي بارك لاخيه بسعادة وكذلك للعروس التي شكرته بإمتنان على كل ما فعله وتعبه معهما طوال الايام الفائتة اقتربت بعدها نور منهم حيث احتضنت اخيها بسعادة بالغة وقد تأكدت من صحة ما فعله ادهم بعدما رأت سعادة كبيره تشع من عيني اخيها وكذلك رقة الفتاة وطيبتها الواضحة ..
عرف حسام نورهان على اخته الصغرى والتي ابتسمت نورهان بسعادة بسبب حضورها وشعور بأن هناك جزء كبير من عائلة زوجها يتقبلونها جعلها تشعر براحة نوعا ما فما زال موضوع مقاطعة عائلة حسام ينغص عليها سعادتها ويسيطر على تفكيرها ..
انتبهت نورهان لفتاة اخرى تتقدم نحوها ذات ملامح اجنبية بحتة فأخبرها حسام انها ليديا ابنة عمه كمال .. رحبت نورهان بها بسعادة بادلتها ليديا اياها وهي تبارك لها بشدة وكذلك لحسام الذي تعرفت عليه خلال فترة وجوده مع عائلة ووجدته شابا لطيفا ذكيا ومتفتحا ولبقا للغاية وقد زاد اعجابها به اضعافا بعدما فعله لاجل الفتاة التي يحبها ..
.................................................................
في احد المطاعم الراقية المطلة على النيل ..
جلس العروسين ومعهما افراد عائلة حسام الذين حضروا الحفل وكذلك والدة نورهان واختيها وطبعا صديق حسام وبنات خالة نورهان وصديقتها المقربة ..
كانت السعادة واضحة على وجوده الجميع فلا يوجد احد غير سعيد بهذين العروسين ..
يكفي ان يشاهد الجميع العروسين سعيدين ويرون عشقيهما الظاهر عليهما بوضوح فيشعروا بأنهما يكملان بعضهما بعضا ..
همست نورهان لحسام قائلة :
" بجد اخوك الكبير محترم جدا .. مش كفاية كل اللي عمله عشانا لا كمان اصر نحتفل هنا على حسابه .."
ابتسم حسام وهو يقول مفتخرا بأخيه الذي اثبت له ان رابط الاخوة هو اهم من كل شيء مهما اختلفا عن بعضيهما بطريقة تفكيرهما وطموحيهما :
" ادهم كده .. يبان شديد ومتسلط .. لكن احنه عنده فوق الجميع .. "
ابتسمت نورهان بسعادة ليهمس حسام :
" بحبك .."
احمرت وجنتيها خجلا ليقول حسام :
" ايه مش هتقوليها ..؟! احنه كتبنا الكتاب خلاص يعني مبقاش حرام انك تقوليها .."
ردت نورهان بحرج :
" مش دلوقتي .. لما نروح .."
قال حسام بمكر :
" انا كده هكره ادهم .. مكانش ليها لزوم الهيصة دي كلها .. كنا زمان هايصين فحاجة احلى والذ .."
اشاحت نورهان وجهها بعيدا عنها بخجل واخذا تتحدث مع صديقتها بينما قفز ابن نور ذو الاربعة اعوام على ليديا وقال بإعجاب :
" انتِ جميلة اوي النهاردة يا انطي .. "
ابتسمت ليديا وهي تقرصه من خدوده وتقبله من وجنتيه الممتلئين قائلة :
" انت اجمل يا روحي .." 
رمق ادهم الطفل الصغير بنظرات مغتاظة بينما اكمل الصغير :
‏" love you ليديا .."
" ما تهدى يا حبيب خالك .. بتحب على روحك من دلوقتي .."
تطلع اليه الصغير بعدم فهم وكذلك ليديا بينما كتمت نور ضحكتها بصعوبة وكذلك حسام الذي كان يتابع الموقف بإستمتاع ..
" قولي يا ليدي .."
قالتها ليديا بحب وهي تحمل الصغير الذي تحبه للغاية منذ اول مرة رأته بها حينما جاءت الى بيت عمها وكانت نور مع طفليها هناك ..
" هو ده اللي بيهمك .. يقولك يا ليدي .. يخربيت برودك يا شيخة .."
قالها ادهم بخفوت وضيق وهو ينظر الى اخيه الذي كان ضحكته بصعوبة ليكمل ادهم بغيظ :
" العرق الاجنبي مسيطر اوي .. البرود ده مفيش منه غير عند الاجانب .. وهي ماشاءلله ورثت كل حاجة من هناك مش الشكل بس .."
قال حسام :
" يابني اهدى  .. طالما برودها والعرق الاجنبي مدايقك  كده يبقى فكك .. متورطش نفسك معاها .. خصوصا انوا البرود ده طبع عندهم كلهم وانت حامي على طول عكسها تماما .. يعني انت اللي هتاكلها فالاخر لانك هتتجلط وتخسر دنيتك بدري .."
رمقه ادهم بنظرات حادة ليشيح حسام وجهه بسرعة بينما يعاود ادهم النظر الى ابن اخته الذي يبدو ان جلوسه في حضن ليديا او ليدي كما تحب هي ان يناديها اعجبه للغاية فيهز رأسه بيأس حيث يبدو ان الجميع متفق على ابعادها عنه ..ربما كان عليه ان يخبر نور بمنع اصطحاب الاطفال كي لا تحضر هذا المشاغب الذي شاركه في ليديا ..
...................................................................
كان ادهم يقود سيارته ومصطفى يجلس بجانبه بعدما اوصل نور وابنها الى منزلها .. ثم اوصل ليديا بعدها ..
كان يشعر بالحنق الشديد فهو لم يختلي بليديا نهائيا ..
اوقف سيارته امام القصر حينما رن هاتفه ليجد عليا تتصل به فأجابها بضيق وقد نفذ صبره منها ومن اتصالاتها ليجدها تقول قبل ان يتحدث :
" انا واقفة قدام العمارة اللي فيها شقتك .. محتاجة اتكلم معاك .. فيه قرار مهم اخذته فموضوع علاقتنا ولازم اقولهولك دلوقتي .."
رد ادهم ببرود :
" ربع ساعة واكون عندك .."
ثم اغلق الهاتف في وجهها ونظر الى اخيه الذي قال بدوره :
" طب انزل انا بقى .. تصبح على خير .."
هز ادهم رأسه دون ان يجيب  وقاد سيارته متجها الى عليا ..
هبط سيارته متجها الى تلك العمارة التي توجد بها شقته وهو يفكر بما تريده عليا فصوتها بدا غير طبيعيا ابدا ..
اوقف سيارته بعد ربع ساعة امام العمارة التي توجد في احد ارقى المناطق في البلاد ليجدها تهبط من سيارتها وتقترب منه وتقول بنبرة جادة ضعيفة والحزن يسيطر على ملامحها :
" خلينا نروح شقتك .. فيه كلام مهم لازم اقوله .."
اومأ ادهم برأسه وهو يسير امامها تتبعه هي حتى فتح باب الشقة في الطابق الارضي ودلف اليها وهي خلفه ..
اغلقت الباب خلفها وتقدمت نحو الكنبة وجلست عليها ..
تأملها ادهم بدهشة من ملامحها المرهقة وضعفها الواضح اضافة الى صمتها الغريب ..
رفعت رأسها وقالت بضعف :
" فيه نسكافيه ..؟!"
رفع حاجبه وقال بتهكم :
" هو انتِ جاية تشربي نسكافيه عندي .. طب ما بيتكم كان اولى .."
تجاهلت لهجته وقالت بألم :
" معلش .. انا مصدعة ومش هعرف اتكلم الا لما اشرب حاجة تخفف الصداع .. وانت عارف اني مش بحب اخذ ادوية والنسكافيه بيفوقني ويخفف صداعي .."
" طب خليكي انتِ وانا هعملهولك .."
ابتسمت بضعف وقالت :
" وانت من امتى بتعرف تعمله ..؟!   .. خليك قاعد وانا هقوم اعمل ليا وليك .."
أومأت ادهم برأسه على مضض بينما نهضت هي واتجهت الى المطبخ الذي تعرفه جيدا ..
بدأت عليا تعد النسكافيه .. صبت الماء المغلي فوق مسحوق النسكافيه المطعم بالحليب .. خلطته جيدا ثم نظرت حولها قبل ان تخرج علبة دواء من اسفل بنطالها  وتضع حبتان منها في احد الاكواب الذي حفظته جيدا ثم خلطت المشروب جيدا وخرجت به الى ادهم حيث وضعت الصينية على الطاولة واعطت الكوب المقصود الى ادهم وهي تبتسم داخلها في خبث ..
...................................................................
بعد مرور ثلث ساعة كان ادهم يستمع الى عليا بملل وقد بدا حديثها غير مفهوما فهي تتحدث بأشياء غريبة كأنها تبرر من خلالها شيئا ما ..
نظر اليها بعينين ناعستين بالكاد يستطيع فتحهما وقال :
" خلصيني يا عليا ... اخر كلامك ده ايه .. انا تعبت اوي ومحتاج انام حالا .."
نظرت اليه عليا وقالت :
" ادهم انا .."
لكنها فوجئت به ينهض من مكانه وهو يترنح في مشيته حيث يبدو ان النعس سيطر عليه بشدة فاتجه بلا وعي نحو غرفته حيث هوى بجسده على السرير وغط في نوم عميق ..
وقفت عليا امام السرير وقالت :
" واو كده كل حاجة بتمشي تمام .."
نظرت اليه ثم اقترب منه وبدأت تخلع ملابسه تدريجيا حتى اصبح عاريا تماما ..
اتجهت نحو حقيبتها واخرجت منها قنينة صغيرة تحوي على سائل الدم الذي اعطته اليها صديقتها حيث تعمل بدورها في احدى المستشفيات ...
وضعت القليل من الدم على السرير بشكل مشابه لما رأته واخبرته به والدتها ..
كانت قد اعدت كل شيء بطريقة لا تقبل خطئا او شكا ..
اعادت كل شيء في مكانه ثم بدأت في خلع ملابسها وفك شعرها قبل ان ترمي جسدها بجانبه وتغرق في احضانه مدعية النوم ..
يتبع ..
سوري بس النت فصل الساعة تسعه ونص ويادوب راجع دلوقت

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل 16 ) 


بعد مرور عدة ساعات ..
كانت تنام بعمق حينما شعرت به ينادي عليها محاولا ايقاظها .. رمشت بعينيها قليلا وهي تتثائب بخفة قبل ان تفتحهما وهي تدعي الاندهاش من وضعها هذا ..
انتفضت بعد لحظات وهي تنظر حولها بهلع قبل ان تنهار باكية بتمثيلية محبكة لا يستطيع ان يشك بها احد فيبدو انها لا تتقن الكذب والخداع فقط بل التمثيل ايضا ...
شعرت به يقترب منها ويحتضنها محاولا تهدئتها لتدفعه بعد لحظات وهي ترفع غطاء السرير الى ذقنها وتصرخ به :
" ابعد عني .. انا مش طايقاك .. ازاي جاتلك الجرأة تعمل كده ..؟! ازاي استغلتني بالشكل ده ..؟! حرام عليك ده انا بنت عمك .."
اخفض رأسه محمحما بخجل قبل ان يقول بصوت متحشرج :
" انا مش عارف ازاي حصل كده .. صدقيني انا مش فاكر اي حاجة .."
صرخت به ببكاء حاد :
" طبعا مش هتفتكر .. هتفتكر ازاي عملتك السودة .. ياربي .. هعمل ايه دلوقتي ..؟! هتصرف ازاي .؟!"
قال بهدوء :
" تعملي ايه فإيه ..؟! "
صرخت به بصوت جهوري :
" فالمصيبة اللي حصلت .."
قال بجدية :
" مفيش مصيبة ولا حاجة يا عليا .. احنه كده كده هنتجوز .. "
ابتلعت ريقها وقالت بألم مفتعل :
" هتتجوزني عشان تصلح غلطتك مش كده ..؟!"
رد عليها بقوة :
" احنه اصلا مخطوبين وكده كده هنتجوز .. مش كده ..؟!"
أومأت رأسها ببطء ليكمل وهو يبتسم اها ويربت على كتفها :
" متقلقيش يا عليا .. انا خلاص هحدد معاد الفرح .. بعد اللي حصل مينفعش نأجله .. اساس مشكلة حسام عمرها ما هتتحل .."
رفعت عينيها تقول بلهفة خرجت لا ارادية :
" بجد يا ادهم ..؟! هتحدد معاد الفرح ..؟!"
ابتسم وهو يقرصها من وجنتها :
" اكيد يا قلبي .. خلاص الخطوبة طولت ولازم تتجوز بقى .."
ثم اردف بمكر :
" انا هخرج عشان تغيري هدومك .. مش عايز افضل هنا لاحسن الشيطان شاطر يا روحي .."
ادعت الخجل وهي تخفض رأسها وتحمحم بإرتباك قبل ان تنهره بغضب مصطنع :
" اخرج يا ادهم وبلاش تفكرني باللي حصل لاني بجد بكره نفسي وبكرهك .."
رفع ادهم يديه بإستسلام ثم انسحب خارجا من الغرفة بينما نظرت هي الى حقيبتها المرمية حيث حملتها وهي ما زالت متمسكة بالغطاء واخرجت هاتفها منها كي تتحدث بسرعة مع والدتها تخبرها بنجاح مخططهما ثم ترتدي ملابسها وتخرج الى ادهم او بالاحرى زوجها المستقبلي ..
............................................................................
كان ادهم يجلس على الكنبة التي تتوسط صالة الجلوس في شقته .. عائدا برأسه الى الخلف ومغمضا عينيه ..
افاق من شروده الذي دام لعدة دقائق حينما رن هاتفه بإسم اخيه مصطفى ليزفر انفاسه بضيق وهو ينظر الى اسم المتصل قبل ان يجيبه :
" خير ..؟!"
رد مصطفى بتردد:
" خير ايه ..؟! دي مصيبة .."
سأله ادهم بهدوء :
" حصل ايه ومصيبة ايه بس ..؟!"
قال مصطفى بجدية :
" اهلك عرفوا بجوازة حسام .. وعرفوا كمان اننا حضرنا الفرح والعزومة وكل حاجة .."
ابتسم ادهم مرددا بتهكم :
" زي ما توقعت .. بيراقبنا .."
قال مصطفى بخوف :
 " يابني ابوك هيتجنن .. يهدى دقيقة ويتعصب ساعتين .. وامك هي التانيه متعصبة .. وتيتة واللي كمل كمان لبنى هانم اللي جات من نص ساعه مع جوزها .. واهي شعللتها اكتر .."
سأله ادهم بدهشة :
" جات دلوقتي ..؟!"
رد مصطفى بتعجب :
" دلوقتي ايه بس ..؟! الساعة تسعه يابني .. انت فين بالضبط ..؟!"
اجابه ادهم بجدية :
" مش مهم .."
قال مصطفى بضيق :
" انت تجي فورا وتتصرف معاهم .. انا بقالي ثلاث ساعات محبوس فإوضتي .. "
" متبقاش جبان .. اخرج وواجهم عادي .."
صاح مصطفى :
" وحياة امك .. لا يا حلو لما تجي انت هبقى اخرج .. مش هينفع اخرج .. انا لوحدي والكل ضدي .."
" تمام خليك لحد ما اجي .."
قالها وهو ينتبه لعليا التي خرجت من غرفتها بملامح حزينة ليأتيه صوت مصطفى :
" متتأخرش بالله عليك .."
رد ادهم بملل :
" جاي يابني خلاص .."
ثم اغلق الهاتف في وجهه ليجد عليا تقترب منه وتسأله بهدوء :
" فيه حاجة حصلت ..؟!"
اجابها ادهم :
" حسام اتجوز امبارح .."
صرخت بسرعة :
" ايه ..؟! يعني ايه اتجوز ..؟! مينفعش طبعا .."
سألتها  ببرود :
"ليه يعني ..؟! انتِ مالك اصلا بالموضوع ده ..؟!"
ردت بجدية وقد افتقدت هدوئها المصطنع :
" ليا طبعا .. منظري ايه قدام الناس والقرايب لما يعرفوا انوا ابن عمي واخو جوزي اتجوز حتة بنت لوكال متصلحش انها تبقى  خدامة لينا حتى .."
صاح ادهم بغضب ظهر على ملامح وجهه وفي صوته الذي سبب الرعب لها :
" انتِ  اتجننتِ ..؟! اللي بتتكلمي عليها دي تبقى مرات اخويا يعني بمقام اختي .. ازاي تتجرئي وتتكلمي عنها بالاسلوب الحقير ده .،؟!"
ردت عليه مندهشة :
" انت مالك اتعصبت كده ليه ..؟! انت نفسك مكنتش موافق عالجوازة .. دلوقتي فجأة بقيت بتدافع عنها ..؟!"
اومأ برأسه ورد :
" ادافع واكسر دماغك لو اتجاوزتي على اي حد يخصني .. انتِ فاهمة ..؟!"
صاحت بإستنكار :
" يخصك ..؟! والبنت دي تخصك فإيه ان شاءالله ..؟!"
رد ببرود :
" اولا اسمها نورهان .. ثانيا دي ابقى مرات اخويا يعني تخصني .. ومش مقبول اطلاقا تجيبي سيرتها الا فحالة الخير .."
ردت عليا بسخرية :
" بتدافع عنها .. ؟! عن البنت اللي اتجوزها اخوك غصبا عنكم وهي موافقة عادي كده تتجوزوا وانتوا رافضينها .."
رد ادهم وهو يتجه نحو النافذة ينظر من خلالها الى الشارع الخارجي مرددا :
" كل ده مش مهم .. اهم حاجة انها محترمة وبتحبه .."
قالت عليا :
" محترمة ..؟! مهي لو محترمة مكانتش لفت على اخوك ووقعه .."
ضحك بقوة فاجئتها قبل ان يقول بخبث :
" لو عالاحترام فإنت اخر وحدة تتكلمي عنه .. وحكاية اللف دي فإنتي بردوا اخر وحدة تتكلمي عنها خصوصا انك واخدة دكتوراه فيها .."
اختفت الدماء من وجهها وهي تقول بعدم فهم :
" انت بتقول ايه ..؟! انت اتجننت .،؟!"
رد بنبرة هازئة :
" تؤ تؤ يا لولو .. عيب تكلمي ابن عمك الكبير و خطيبك بالشكل ده .. ثانيا هو انا قلت حاجة غلط .. مش هي دي الحقيقة ..؟!"
صاحت بعدم استيعاب :
" حقيقة ايه بس ..؟! انا مش فاهمة حاجة .."
ابتسم برزانة وهو يسحب الحقيبة من يدها مرددا :
" انا افهمك .."
ثم اخرج منها الدواء المنوم وقال :
" دواء جميل منوم .. بس كان المنطقي اكتر تجيبلي حاجة تانيه تخلي العلاقة تحصل بجد وساعتها كل حاجة هتبقى تمام .. فلتت منكِ دي للاسف ..بس يلا خيرها فغيرها .."
قالها وهو يغمز لها بخبث قبل ان يخرج من نفس الحقيبة القنينة الصغيرة التي تحوي على قطرات قليلة من الدماء ليهتف بجدية :
" ذكية يا قلبي .. ماشاءالله عليكي .. بس للاسف ذكائك محدود .. او يمكن لانك بتستخدميه فحاجة غلط ربنا اراد انوا خطتك متكملش او يمكن لانك نسيتي بتتعاملي مع مين ..؟!"
ابتعدت عنه وهي تقول بذعر :
" ايه الجنان اللي بتقوله ده ..؟! انت اكيد اتجننت ..؟؟"
هنا لم يتحمل اكثر حيث جذبها من شعرها لتصرخ بقوة قبل ان يقول وهو يشدد من قبضته على شعرها :
" انا تلعبي بيا يا بنت .. فاكرة نفسك مين ..؟! ده انا العب بألف زيك يا روح امك .. بس يا ترى الخطة العبقرية دي خطة مين ..؟! خطتك ولا خطة جيجي هانم .. ولا يمكن خطة جوز المهابيل اخوانك خالد وكريم .. مانتوا كلكم عيلة قذرة وشبه بعض .."
صاحت بغضب :
" انا مسمحلكش .. انت فاهم ..؟!"
قرب وجهها من وجهه قائلا :
"انت تخرسي خالص .. الكلام ده قليل على حقارتكم وانعدام الاخلاق عندكم .. ده انتوا لا ذمة ولا ضمير ولا حتى شرف .. مش عاجباكي مرات حسام ومحرجة من قرايبنا .. ده انتوا وجودكم فعيلتنا اكبر احراج لينا .. انتي وامك واخوانك وصمة عار عالعيلة الكريمة .."
دفعته بقوة وهي تهتف :
" كل ده عشان ايه ..؟! عملت ايه ..؟! لاني حاربت عشانك .. لاني مرضتش اخسرك بعد ما حضرتك فجأة بقيت مش طايقني .. "
" طب مانتي فاهمة اهو وعارفة اني كده كده كنت هسيبك .."
قالت بحقد :
" ايوه كنت عارفة .. وعشان كده قررت اني اعمل اي حاجة تخليك مجبر تتجوزني .."
" هو بالعافية يعني ..؟!"
قالها بملل لتومأ برأسها وهي تقول بنبرة متملكة :
" ايوه بالعافية .. وانت ليا مش لحد تاني .."
رمقها بنظرات متهكمة قبل ان يقول بنبرة مستهينة :
" حلوة الثقة دي .. فاكراني اهبل .. ؟! حقيقي انا مشفق عليكِ .. تبقي عارفة من وانتِ طفلة قد كده ولسه مقدرتيش تفهمي انا مين وممكن اعمل ايه .."
تطلعت اليه بحقد ليقول :
" طب سيبك من ده كله .. بالنسبة لشرفك .. ؟! سمعتك ..؟! مفكرتيش فيهم وانتِ بتعملي كل ده ..؟!"
" انت عرفت ازاي اصلا ..؟!"
سألته بصوت متحشرج ليبتسم بسخرية ويقول :
" الموضوع مكانش محتاج ذكاء خارق اصلا .. مهو انا لو هصدق إنك اتصلتي فيا فوقت زي ده وجيتيلي وانتِ عاملة نفسك البنت المسكينة اللي بتعاني ابقى اهبل .."
ثم اكمل بمكر :
" وموضوع النسكافيه ده كان واضح يعني .. ورغم اني كنت فاهمك ومتأكد من نيتك بعدما قلتي انك مصدعة وهتعملي نسكافيه قلت بردوا اروح وراكِ واشوف الحكاية ولقيت اللي بفكر فيه حصل ..انا مش مصدق لسه انك تعملي كده ..؟!"
صاحت بعدم تصديق :
" ايوه انا عملت كده .. عشان بحبك .. كان لازم اوهمك انك نمت معايا عشان تضطر تتجوزني .. مهو مش معقول هتسيب بنت عمك كده بعد عملتك دي .."
ابتسم ببرود واردف بدوره :
" وانا سبتك تكملي خطتك عادي وشربت النسكافيه ونمت .. وجيه الصبح وصحيت وزي ما توقعت لقيتك فحضني عريانه من غير كسوف وكأنك متعودة على كده .. "
" ازاي ..؟! شربت المنوم عادي ..؟! مفكرتش اني .."
اكمل عنها :
" تصوريني مثلا ..؟! او تكلمي ابويا او عمي تعرفيهم باللي حصل فيمسكوني بالجرم المشهود ..؟! عادي يا روحي كنت هقولهم اني هتجوزك بس بعد ما اخذك لدكتورة تفحصك الاول .. واظن كده هتتكشفي الا اذا .."
قاطعته بحدة :
" مستحيل .. انت ازاي تعمل كده ..؟! كنت فاهم كل حاجة وبتسايرني ..؟!"
ردد بتهكم :
" لا كان المفروض امنعك مثلا واقولك هتعملي ايه واضيع عليا فرصة زي دي .."
" فرصة ايه ..؟!"
سألته بعدم فهم ليرد بدهاء :
" فرصة انوا خطوبتنا تنتهي .. طبعا بعد ما تكلمي عمي وتقوليله اننا مش هننفع لبعض وانك مصره اننا نسيب بعض .."
صاحت بقوة :
" مستحيل .. لا يمكن اعمل كده .. انا مش هسيبك واصلا ابويا هيرفض ده .."
رد ببرود :
" خلاص يبقى انا هقولهم على عملتك السوده ..."
ضحكت ببرود وقالت :
" ازاي بقى ..؟! روح قولهم بس هتثبت ازاي ..؟!"
رمقها بنظرات هادئة ثم قال بجمود :
" صعب اني اثبت صح .."
منحته ابتسامة ساخرة اختفت ما ان حمل هاتفه الموضوع على لطاولة وضغط عليه ثم ضغط مرة اخرى ..
عاد وضغط مرة ثالثه ليصدح امامها صوتها وحديثها قبل قليل فهو قد سجل حديثهم منذ بدايته ..
جحظت عينيها بعدم تصديق وهي تتأكد للمرة الالف انها الغبية التي وقعت في فخه بكامل ارادتها بينما هو يخطط لكل شيء بحرفية ..
هزت رأسها بعنف وهي تردد :
" انت ازاي تعمل كده ..؟! حرام عليك .. انت ازاي اكون شيطان كده ..؟!"
ردد بهدوء :
" بعض مما عندكم يا هانم .."
ارتعبت ملامحها وهي تقول بتوسل :
" ارجوك يا ادهم .. سامحني بليز .."
رد عليها :
" الكلام ده مش هياكل معايا يا لولو .. قدامك اسبوع واحد تنهي موضوع الخطوبة والا ساعتها هضطر اودي الفويس ده لعمي وابويا واخليه ابويا يفسخوا الخطوبة بنفسه بعدما تتفضحي قدام كبار العيلة .."
ابتلعت ريقها وقالت :
" ليه كده يا ادهم ..؟؟ انت عارف انا عملت كده ليه ..؟! انا اضطريت اعمل كده بسببك .. سامحني ارجوك وانسى لموضوع وخلينا نكمل فالجوازة .. لو مش عشاني فعشانك وعشان العيلة .."
ضحك بخفة وهو يقول :
" هو انتِ شايفاني اهبل للدرجة دي عشان اخلي وحدة زيك تشيل اسمي .. ؟! فوقي يا عليا هانم مش ادهم السيوفي اللي يوقع وقعة زي دي .. انتِ احمدي ربنا اصلا اني مرحتش وفضحت عملتك قدام الكل .. بس انا حطيت اعتبار لعمي ولحضرتك لإنك للاسف هتفضلي وحدة من عيلتي وسمعتي من سمعتها .. لكن لو ده هيخليكي تتمادي فملعون ابو العيلة اللي تخليني اسلم شرفي لوحدة زيك .."
اغمضت عينيها بوهن قبل ان تفتحهما وهي تسأله بخذلان :
" يعني ايه ..؟!"
اجابها :
" يعني عندك اسبوع .. تلحقي فيه تمهدي موضوع فسخ الخطوبة لبابي .. بابي بس .. عشان اكيد مامي عارفة الموضوع ده ومش بعيد تكون هي مخططة ليه اصلا .."
ابتلعت ريقها وسألته :
" يعني مفيش امل تسامحني .."
رد بحدة :
" هو كلام واحد مفيش غيره .. عندك اسبوع يا تفسخي الخطوبة بطريقتك وانتي اكيد مش هتغلبي وهتعرفي ازاي تعمليها .. يا ساعتها افسخها بطريقتي وهي طريقة واحدة مفيش غيرها .."
ردت بسرعة وذعر :
" لا خلاص انا هتصرف .."
قال بسخرية :
" شاطره يا روحي .."
ثم اكمل بمكر :
" صحيح يا عليا .. هو انتِ ازاي مفكرتيش لو انا يعني كنت اهبل وصدقتك واتجوزتك هتعملي ايه بعد جوازنا ...؟!"
صمتت قليلا بينما اكمل بسخرية :
" ولا كنتِ هتتصرفي قبل الفرح بطريقتك المعتادة يا بنت عمي .. صحيح مانتِ خبرة فالامور دي ومش هتغلبي .. ده انا المفروض اصلي مية صلاة شكر عشان كشفتك على حقيقتك القذرة .."
همت بصفعه بعدما شعرت بالحقد من اهانته ليلتقط يدها وهو يهتف بقوة :
" إياكِ تفكري تعمليها .. هقطع ايدك قبلها .."
رمقته بنظرات حاقدة قبل ان يكمل :
" يلا يادوب تلحقي تروحي وتفكري فخطة مناسبة تقنعي بابي من خلالها .. وانا يادوب الحق اروح لواحد يلاقيلي حد يشتري الشقة عشان خلاص مبقتش تناسبني بذكرياتها المقرفة .."

رواية عروس من باريس الفصل كاملة جميع الفصول ( الفصل 17 ) 



دلف ادهم الى قصر عائلته بعدما فتحت الخادمة له الباب .. وجد الجميع مجتمعا في صالة الجلوس .. والده ووالدته .. جدته .. اخته لبنى وزوجها محمود ..
تقدم نحوهم وهو ينظر الى وجوهم التي يسيطر عليها الضيق بشكل واضح بتهكم ..
كان والده اول المستقبلين والذي قال بنبرة متهكمة :
" اهلا .. اهلا بالكبير .. اللي اديته ثقتي فكل حاجة وطلع هو اللي بيخطط لأخوه كل حاجة .."
رمقه ادهم بنظرات هادئة وهو يجيب :
" انا لا خططت ولا حاجة .. انا وقفت جمبه فوقت انتوا كلكم تخليتوا عنه .. اكيد يعني مش هسيب اخويا لوحده بعد ما طردتوه من حياتكم .."
صاحت فريال وهي تنهض من مكانها :
" تقوم تعصيه علينا .. توقف معاه ضدنا .. تشجعه عالمصيبه اللي عملها .."
ابتسم ادهم ببرود وهو يرد :
" مفيش مصيبة يا ماما .. حسام اتجوز البنت اللي هو بيحبها .. البنت اللي لاقاها مناسبة ليه .. بنت محترمة واخلاقها عاليه .. ايه المشكلة مش فاهم ..؟!"
انتفضت لبنى من مكانها وقالت بغل من برودة ادهم الذي  تراه لأول مرة يتحدث ببساطة عن موضوع كهذا :
" ايه المشكلة ..؟! اخوك اتجوز من وحدة عيلتها معدومة .. وحدة مفيهاش ميزة وحدة .. انت مش حاسس بالفضيحة اللي هتحصل لمًا الناس يعرفوا .. ؟! "
التفت ادهم اليها وقال ببساطة :
" فضيحة ايه يا لبني ..؟! هو كان عمل ايه ..؟! لا حاجة غلط ولا حرام ..  ده اتجوز على سنة الله ورسوله ..""
اقترب مصطفى منهم ووقف بجوار ادهم الذي علم بمجيئه منذ لحظات بينما قال سليم :
" وتمثيلك عليا ..؟! عملت نفسك واقف ضده .. فضلت تمثل وتخدعني انا وامك .. وانت كنت فالحقيقة بتساعده .."
تنهد ادهم وهو يرد :
" انتوا اللي اجبرتوني اعمل كده .. انا كنت مضطر .."
قالت فريال بحزن :
" تقوم تخدعني .. تاخدني على قد عقلي .."
رد ادهم معتذرا :
" انا اسف يا ماما .. بس زي ما قلتلك كنت مضطر .."
قال سليم بسخرية :
" ومضطر بردوا تاخد اخواتك وتعملوا عصابة وتحضروا الفرح عادي كده .. ولا كأن ليكم اب رافض الفرح ده .."
اجاب ادهم بحيادية :
" مكانش ينفع اسيبه لوحده .. كان لازم يلاقيه حد حواليه .."
قالت لبنى بعصبية :
" هو اللي اختار يكون لوحده .. هو اللي عمل بنفسه كده .."
" لبنى .."
حذرها زوجها محمود من التمادي بينما رد ادهم بقوة :
" لا مش هو ... انتوا اللي اجبرتوه على ده .. لما سبتوه لوحده عشان قرر يتجوز واحدة حبها .."
قاطعته لبنى :
" لا انت مستحيل تكون ادهم اخويا .. حب ايه وزفت ايه ..؟! مالهم بنات عيلتنا والناس اللي حوالينا عشان يحب من دول  ..؟! ثانيا وانت من امتى عاطفي كده ..؟! "
رد ادهم بهدوء :
" الكل بيتغير .. والزمن بيعلم .."
رد سليم بقوة :
" بس انت كبير العيلة يا بيه .. المتحكم فكل حاجة .. ده طبعا بعد ما احنا اخترناك  لده .."
قال ادهم بثقة :
" انتوا اختارتوا وانا وافقت بس ده مش معناه اني امشي كل حاجة بطريقتكم .. الزمن بيتغير واحنه بنتغير معاه .. ولو انت شايف اني بأفكاري دي منفعش اكون كبير عيلتكوا يبقى خلاص هاتوا غيري يدير كل حاجة واهو ابقى ارتحت انا كمان من الحمل التقيل ده .."
اتسعت عينا فريال بعدم تصديق مما تسمعه على لسان ابنها الاكبر بينما هز سليم رأسه بأسى وقال :
" يا خساره يا ادهم .. بجد يا خسارة .."
........................................................................
دلفت جيجي الى غرفة ابنتها عليا بعدما علمت بمجيئها منذ ساعتين فإستغربت عدم ذهابها اليها ..
تقدمت منها لتجدها تجلس على الكنبة عاقدة ذراعيها امام صدرها تهز قدمها بعصبية ..
سألتها بقلق وهي تقف امامها :
" مالك يا عليا ..؟! قاعدة كده ليه ..؟! شكلك ميطمنش .."
نظرت لها عليا وقالت :
" مصيبة .. كل حاجة اتكشفت .. انا مش عارفة اعمل ايه ..؟!"
سألتها جيجي بعدم تصديق :
" تقصدي ايه ..؟! خطة امبارح اتكشفت ..؟!"
أومأت عليا رأسها بحزن لتسألها جيجي بسرعة :
" ازاي ..؟!"
اخذت عليا تقص على مسامعها كل شيء ..
انتهت عليا من حديثها لتهتف جيجي بإنفعال :
" يابن الايه .. ده طلع مصيبة .. احنا مش لازم نسكت .. كده هتبقى فضيحة .."
ردت عليا بضيق :
" هنعمل ايه يعني يا ماما ..؟! مضطرين نقبل وخلاص .. "
" نقبل ايه ..؟!"
سألتها جيجي بصدمة لترد عليا بهدوء :
" نقبل بشروطه وافسخ الخطوبة .."
قالت جيجي معترضة :
" انتِ اتجننتِ ..؟!  دي تبقى مصيبة .. ثانيا ابوكِ مستحيل يوافق على حاجة زي كده .. ده ممكن يتبرى منك .. وكمان كده كل حاجة خططنا ليها انتهت .."
زفرت عليا انفاسها بضيق وهي تقول :
" امال اعمل ايه يا ماما ..؟! ها .. "
نظرت والدتها اليها بصمت استمر للحظات قبل ان تقول بجدية :
" لازم نفكر ونلاقي حل فأسرع وقت .."
.........................................................................
بعد مرور ثلاث ايام ..
جلست ليديا امام ريهام تقص عليها ما حدث في حفل الزفاف وردود افعال العائلة بعدها حينما علموا بزواج حسام من حبيبته ..
" انا مش مصدقة يا ريهام .. هو فيه حد كده ..؟! كلهم زعلانين ومدايقين .. حتى بابي .. "
ردت ريهام بجدية :
" عشان البنت فقيرة وتعتبر مش مناسبة ليهم .."
ردت ليديا بتهكم :
" تفكير غبي ومتخلف .. انا مش مستوعبة ازاي هما كده .."
ضحكت ريهام بخفة وقالت :
" والله معاكي حق .. بس والله التفكير ده مش عند الكل .. ده عند عيلتكوا بس .."
هزت ليديا رأسها بملل من عائلتها وطريقتهم المختلفة .. وكلما تفكر بكل هذا تتأكد اكثر من أن قرارها هو الصحيح وعليه ان تمهد لوالدها ذلك فهي حقا  ان تستطيع ان تستمر في العيش مع هذه العائلة المتخلفة بالنسبة لها ..
سألتها ريهام :
" لسه بتفكري فموضوع رجوعك لفرنسا ..؟!"
اجابها ليديا بجدية :
" انا قررت اصلا .. هرجع قريب اوي .."
قالت ريهام بحزن :
" هزعل اوي .. انا اتعودت عليكِ .."
ابتسمت ليديا وهي تقول بصدق :
" وانا كمان .. بس انا مضطرة ده .. ممكن نتقابل بين فترة والتانيه .. وكمان فكري فموضوع دراستك بره .. تعالي ادرسي عندنا .."
لمعت عينا ريهام وهي تقول :
" والله فكرة .. انا فعلا بفكر اكمل الماستر بره .. "
قالت ليديا بحماس :
" برافو .. وطبعا مفيش احسن من فرنسا .."
ابتسمت ريهام بينما نظرت ليديا الى ساعتها وقالت :
" انا لازم اروح دلوقتي .. وانتي كمان صحبتك قربت تجي .. اشوفك قريب .."
ابتسمت ريهام وهي تودعها بحميمية ..
خرجت ليديا من المطعم واتجهت نحو الشارع العام لتأخذ تاكسي حينما سمعت احدهم يناديها فإلتفتت نحو الخلف لتجده ادهم ..
ابتسمت عفويا وهي تقترب منه وتحييه :
" هاي ادهم .. ازيك ..؟!"
تأملها مليا وهو يجيبها :
" بخير .. انتِ عاملة ايه ..؟!"
اجابته ببساطة :
" كويسة .."
سألها مرة اخرى :
" انتِ كنتِ بتتغدي هنا ..؟!"
أومأت ليديا برأسها وهي تجيبه :
" ايوه كنت مع ريهام .."
اومأ برأسه متفهما وهو يقول كاذبا :
" انا كان عندي meeting هنا بردوا وخلصت وطالع اهو .."
قالت ليديا وهي ما زالت محتفظة بإبتسامتها :
" كويس .."
قال ادهم بجدية :
" خليني اوصلك .."
قالت ليديا بجدية :
" مش عايزة اشغلك .."
ابتسم ادهم وقال بصدق :
" معنديش شغل اصلا .. هوصلك وارجع بيتنا .."
قالت ليديا :
" تمام .."
ثم اتجهت خلفه نحو سيارته في كراج السيارات لتركب بجانبه بينما يبدأ ادهم بقيادة سيارته متجها نحو منزل عمه ..
......................................................................
جلست نورهان بجانب حسام وهي تضع البيتزا الجاهزة امامه وبجانبها الكولا ..
ابتسم حسام وهو يجذبها نحوه لتهتف به :
" الغدا اهو .. مش قلت انك جعان ..؟!"
رد حسام وهو يفتح قنينة البيبسي :
" جدا .. بس جعان ليكي اكتر .."
ضربته على كتفه وهي تقول بمرح :
" مش هتبطل قلة ادب بقى ..؟!"
ضحك بقوة وهو يقول :
" حبيبتي قلة الادب دي حاجة بتبقى فالجينات .. طالما موجوده مش هينفع تروح .."
مطت نورهان شفتيها وهي تقول بدلال عفوي :
" مكانش باين عليك يعني .. كنت محترم اوي .. مكنتش اعرف هتطلع كده .."
ابتسم وهو يقول :
" يا قلبي ده كان زمان قبل ما تبقي مراتي .. "
ابتسمت بحب :
" بس دي حاجة حلوة .. انك تتصرف باحترام مع الكل حتى معايا بعد ما وافقت على خطوبتنا .."
رد حسام بجدية وهو يفتح علبة البيتزا ويأخذ قطعة منها :
" ده شيء لازم .. كل حاجة ليها حدود ... وطالما انتِ لسه مبقتيش مراتي يبقى لازم احافظ على الحدود اللي بينا .."
سألته نورهان بجدية :
"اتواصلت مع حد من عيلتك ..؟!"
اجابها حسام :
" اه ادهم كلمني مرتين ونور كلمتني امبارح .. "
سألته بجدية :
" وهما عاملين ايه ..؟!"
اجابها :
" نور كويسة الحمد لله .. بس ادهم صوته مش مريحني .. "
سألته نورهان بجدية :
" ليه ماله ..؟! ممكن بسببنا ..؟!"
هز حسام رأسه نفيا وقال :
" لا يا قلبي .. مشكلة ادهم خاصة بيه .. وتحديدا بخطيبته .."
سألته نورهان بتذكر :
" خطيبته اللي هي تبقى بنت عمكوا .. مش كده ..؟!"
اومأ حسام برأسه بينما سألته :
" مالهم ..؟! متخانقين ..؟!"
اجابها حسام :
" لا .. بس ادهم عايز يفسخ الخطوبة .."
اتسعت عينا نورهان وهي تقول بأسف :
" ليه بس ..؟! هما مش بيحبوا بعض ..؟!"
اجابها حسام بسخرية :
" لا يا نورهان .. هو ارتباط مصلحة مش اكتر .. ادهم شافها مناسبة ليه وهي كذلك فارتبطوا .."
هزت نورهان رأسها بأسف ثم قالت :
" طب وايه  اللي تغير دلوقتي ..؟!"
تنهد حسام وهو يرد :
" اتغيرت حاجات كتير .. اولا انوا ادهم حب واحدة تانيه والاهم انوا شاف عليا على حقيقتها وعرف انها مادية ومتكبرة .. يعني حصلت حاجات كتير فوقته وخلته يقرر يفسخ الخطوبة .."
" طب ومستني ايه ..؟!"
اجابها حسام :
" الموضوع مش سهل .. لو فسخ الخطوبة الكل هيقلب عليه .."
نظر اليها حسام قليلا ثم اخذ يشرح لها مقصده ومدى تعقيد هذا الموضوع الذي سوف تنظر اليه نورهان ببساطة بينما نورهان تستمع اليه بعدم تصديق من هذه العائلة وأفكارها الغريبة ..
.....................................................................
كانت نور تعبث في هاتفها وهي تراقب طفليها اللذان يلعبان أمامها احدهما بدراجته الصغيرة والاخر بمجموعة من السيارات الالكترونية ..
رن هاتفها لتجد لبنى تتصل بها فزفرت انفاسها بضيق وهي تتذكر حديث ادهم لها بعلم عائلتها بكل شيء حتى بذهابهم الى عقد القران ..
ومنذ ذلك الوقت تنتظر اتصال افراد عائلتها بها لتوبيخها لكنها فوجئت بعدم اتصال احد بها حتى والدتها التي كانت تتواصل معها بشكل يومي وإن لم تتصل بها نور يوما ما تقوم هي بمهاتفتها للاطمئنان عليها ..
لبنى ايضا قاطعتها ولم تتواصل معها ولو برسالة واحدة حتى لكن يبدو انها لم تتحمل فقررت ان تتنازل وتتصل بها كي تقول ما تريد قوله .. هي تعرف اختها الكبرى جيدا والتي لن ترتاح حتى تقول ما في جبعتها ..
ضغطت نور على زر الاجابه بعدما قالت لنفسها انها لم تفعل شيئا خاطئا يجعلها لا ترد عليها ..
" اهلا لبنى .."
قالتها نور بهدوء ليأتينا صوت لبنى الساخر:
" والله كويس اني سمعت صوتك .. ده انا كنت مراهنة انك مش هتردي عليا .."
قالت نور بملل :
" وليه مش هرد يعني ..؟! هو حصلت حاجة تمنعني ارد ..؟!"
اجابتها لبنى بتهكم :
" حصلت حاجات يا نور مش حاجة وحدة .. كفاية عملتكوا السودة انتِ واخوانك .."
انتفضت نور بسرعة وهي تردد بعصبية :
" مش مسموحلك تتكلمي بالطريقة دي يا لبنى .. احنا معملناش حاجة غلط .. احنا وقفنا جمب اخونا .. اخونا اللي معملش حاجة غلط نحاسبه عليها او نتبرى منه بسببها .."
ضحكت لبنى بسخرية  وهي تغمغم :
" ماشاءالله .. كلكم لبستوا ثوب البساطة والتواضع .. وبقى عندكوا عادي كل حاجة .. وطبعا هتقوليلي الحب هو المهم .."
ردت نور بهدوء :
" الاحترام والتفاهم والحب دول اهم حاجة .. ودول مش مقتصرين على الناس الاغنياء وكبار العائلات .."
قالت لبنى بنبرة ممتعضة :
" كفاية بقى مثالية فارغة وشعارات كذابة .. الكلام الاهبل ملوش معنى .. لا احنه هنبقى زي الناس العادية والطبقات المتوسطة او الفقيرة ولا هما هيبقوا زينا .."
صاحت نور بها بملل من افكارها المتعصبة وغرورها الذي لا ينتهي :
" كفاية بقى يا لبنى .. بجد انتِ بقيتي اوفر .. مش عشان ربنا كرمك والشخص اللي حبيتيه كان من نفس مستوانا يبقى خلاص انتِ الصح .. مانتِ كان ممكن تحبي واحد اقل منك مثلا .. كنتي هتعملي ايه ..؟! زمن الفراق الطبقية ده انتهى من زمان وانتِ لازم تستوعبي ده .."
صمتت نور بغضب من افعال اختها بتقول الاخيرة ببرود هازئ :
" حلو اوي .. خليكم بقى كده وابقي وريني اخرة الهبل ده هيبقى ايه .. وابقى افتكري كلامي لما اخوكِ يسيب مراته بعدما ما يعرف انوا عمره ما هيقدر يستمر معاها .."
ثم اغلقت الهاتف في وجه نور التي تطلعت الى ما فعلته اختها بصدمة ..
........................................................
كان ادهم يقود سيارته بصمت متجها الى منزل عمه بينما ليديا بجانبه تتأمل الطريق بملامح شاردة ..
سألها محاولا فتح باب للحوار معها :
" مش ناوية تشتري عربية بقى .؟! بدل مانتِ بتروحي وتجي بالتاكسي .."
ابتسمت ليديا بعدما التفتت نحوه واجابته بهدوء :
" لا مش هشتري .. ملهاش لزمة اصلا .. كده كده انا راجعة فرنسا قريب .."
كلماتها تلك كانت صادمة بالنسبة له فلم يستوعب نفسه الا وهو يوقف سيارته فجأة في منتصف الطريق تحت انظار ليديا المصدومة ..
يتبع 
الفصل الثامن عشر 
كان ادهم يجلس امام ليديا في احد الكافيهات المشهورة يتطلع اليها بصمت بينما هي تقلب في قائمة الطعام كي تختار شيئا تتناوله ..
ما زالت كلماتها عن عودتها الى فرنسا تتردد داخل عقله وهو يتذكر صدمته حينها وصدمتها هي ايضا بإيقافه سيارته فجأة في منتصف الطريق ليبرر لها بسرعة وهو يستوعب ما فعله حيث اخبرها بأن هذا حدث لا اراديا ثم طلب منها ان يتحدثا بشأن موضوع عودتها الى فرنسا مما جعلها تنظر اليه بإستغراب شديد قبل ان تهز رأسها موافقة على طلبه رغم الحيرة التي سيطرت عليها ..
وهاهو الان يجلس امامها منتظرا ان يبدئا الحديث سويا كي يفهم سبب رغبتها تلك في العودة ..
افاق ادهم من شروده حينما وجد النادل يتقدم نحويهما كي يأخذ طلباتهما فأخبرته ليديا عن طلبها وقام هو بذلك ايضا ..
ابتعد النادل عنهما بعدما سجل طلبيهما ليقول ادهم بهدوء :
" تمام يا ليديا .. اللي فهمته آنك حابة ترجعي فرنسا .. ممكن افهم السبب ..؟!"
اجابته ليديا بصدق شديد :
" انا حياتي كلها هناك .. بقالي خمسة و عشرين سنة عايشة ففرنسا .. مش هينفع دلوقتي اعيش فبلد تاني عمري ما زرته حتى طول السنين اللي فاتت .. بلد مختلف تماما عن بلدي الاصلي .. مش شبه بعض فأي حاجة .."
" انتِ مش مرتاحة هنا ..؟!"
سألها بدهشة لترد بهدوء :
" مصر جميلة .. بس مش لدرجة استقر فيها للابد .. صعب جدا بعد ما كنت عايشة ففرنسا استقر هنا .. غير انوا العادات والتقاليد هنا مختلفة تماما عن هناك .. لا انا هقدر اتقبلها ولا الناس هنا هيقدروا يتقبلوني .."
سألها ادهم بحيرة :
" ليه كل ده ..؟! كتير ناس كانوا عايشين بره وعاشوا هنا .. ومرتاحين اهو .. هي حصلت حاجة دايقتك ..؟! "
اجابته بجدية :
" معايا لا .. بس هي حياتكوا بصورة عامة مختلفة .."
" ممكن تشرحيلي اكتر ..؟!"
اجابته ليديا بهدوء :
" كل حاجة بشوفها هنا بتأكدلي اني عمري ما هعرف اكمل هنا ولا هعرف ابقى وحدة من عيلتكوا الغريبة .."
" عيلتنا الغريبة ..؟! تقصدي ايه ..؟!"
سألها ادهم مصدوما لتجيبه بصراحة لطالما تحلت بها :
" عيلتكوا غريبة وافكارهم انقرضت من عشر قرون .. مدايقين من حسام عشان ارتباطه بوحدة اقل منهم ماديا .. وشايفين انهم افضل من الكل ومفيش زيهم مع انوا الكل احسن منهم .."
تطلع ادهم اليها بعينين غاضبتين وهو يحاول بصعوبة ان يكتم غيظه من حديثها وتلك الصفات التي نعتت عائلتها بها قبل ان يقول :
" مش ملاحظة انك بتبالغي .. ؟! هنا مش سيئين للدرجة دي .. كل الحكاية انهم متمسكين بعادات وتقاليد اتربوا عليها .."
ضحكت بخفة وهي تقول : 
" عادات متخلفة و سخيفة المفروض تكون انتهت من قبل ما انت تتولد اصلا .."
 ضغط على اسنانه بقوة ثم قال بعد صمت :
" انا نفسي تفهم .. هو فيه حد دايقك ..؟! حد ازعجك ..؟!"
ردت عليه بجدية :
" حاليا لا بس اكيد هيحصل قريب .. انا مش غبية يا ادهم وعارفة انوا اغلبهم مش متقبليني .. لاسباب كتير.. حتى لو تجاهلوا موضوع والدتي مش هيقدروا يتجاهلوا موضوع تحررري وديانتي .. بس دلوقتي كل حاجة هادية عشان محصلش صدام حقيقي او عشان يادوب بقالي فترة صغيرة لكن لما الموضوع يطول لكام شهر وممكن سنه الصدامات هتحصل والفرق الكبير بيني وبينكم هيظهر بوضوح .."
زفر ادهم انفاسه وهو يقول بتأني :
" مينفعش تقولي حاجة قبل ما تحصل .. ممكن يكون  كل ده توقع مش اكتر .. ثانيا حتى لو مش هيتقبلوكي .. هما يهموكِ فإيه .. المهم والدك واخوانك .. الباقي تحصيل حاصل .. مش هيدخلوا فيكي ولا يقدروا يعملوا كده اصلا .."
قالت ليديا بجدية :
" ومين قالك انوا كمال بيه او يوسف  هيتقبلوني .. ؟؟ مش معنى انهم بيسايروني دلوقتي يبقى خلاص تقبلوني .. هما بس مستنيين الوقت المناسب عشان يبتدوا تغييراتهم المنتظرة .. بمعنى تاني مستنيني اتعود على العيشة هنا والناس اللي حواليا وبالتالي فاكرين انوا تغييري هيكون اسهل وانا هقدر اتقبله .."
ثم اكملت بتهكم :
" بس انا مش زعلانه يا ادهم .. انا اساسا جيت هنا وشفت كمال بيه بسبب ماما ورسالتها .. يعني سواء تقبلوني او لا عادي .. يمكن كنت هزعل شويه لو رفضوني بس الموضوع مكانش هيفرق معايا .. كده كده انا مش معتمدة عليهم ولا على الشخص اللي هو ابويه .. انا اعتمدت على نفسي من سنين طويلة وكونت صداقات وعلاقات جميلة خلتني محتجش لأي حد .."
كان يتأملها بهدوء .. عيناه تلتقطان عينيها التي يظهر صدق حديثها داخلهما بوضوح .. ابتسامة هادئة تزين وثغرها وتؤكد حقيقة انها غير مبالية لكل هذا .. والاهم
هم حديثها الذي ينم عن فتاة ذات شخصية قوية وواثقة من نفسها .. والاهم انها فتاة عجيبة لم تفكر في البقاء بجانب والدها الذي يمتلك اموالا لا تعد ولا تحصى بل فضلت حريتها وبساطة عيشها على هذا ..
منحها ابتسامة هادئة لا تظهر منه سوى في وجودها قائلا بإعجاب :
" انتِ حقيقي جميلة اوي .. كل يوم بتثبتي ليا انوا مفيش زيك ..."
ابتسمت ليديا وهي تشكره بهدوء :
"ميرسي يا ادهم .."
وجدته يمد يده مرتبا على يدها وهو يقول :
" انا بس بطلب منك تستني فترة .. مينفعش تنفذي قرارك دلوقتي .. عمي هيزعل وهيحس انك عايزة تبعدي عنه بأي طريقة .. بلاش تخليه يحس كده .. "
نظرت اليه ليديا بتردد غير منتبهة على يده التي تقبض على يدها وقالت :
" ماشي .. هعمل كده فعلا .."
ابتسم ادهم وهو يحرر يدها من يده اخيرا قبل ان يجد النادل يأتي بطلباتهما مستغربا من تأخره عليهما والذي لم ينتبه له بسبب اندماجه في حديثه معها ..
.....................................................................
تطلعت عليا الى الصور التي جاءت بها والدتها اليها بعدم تصديق .. الان فهمت كل شيء .. سبب ابتعاده عنها ونفوره منها .. رغبته في انهاء الخطوبة .. كل شيء كان واضحا وكان عليها ان تفهم من البداية ان هناك فتاة اخرى سببت كل هذا .. والفتاة تلك لم تكن سوى ابنة عمها التي لم ترتح لوجودها منذ اول يوم ..
" كلفت واحد يراقبه زي ما قلتلك .. اليومين اللي فاتوا مشافوش حاجة مهمة .. لكن النهاردة خرج الظهر من شركته وراح للمطعم ده .. فضل جوه عرببته لحوالي ساعتين .. كان مستني الهانم تخرج بعدما عرف انها في المطعم ده .. اكيد بيراقبها .. واول ما خرج جري عليها وحدها فعربيته وراحوا لكافيه تاني .. الصور كلها قدامك اظن مفيش اثبات اكتر من كده عاللي بيحصل .."
كادت عليا ان تمزق الصور لولا تذكرها لأهميتها فضغطت على اعصابها وهي ترميها على الارض لتتجه جيجي بسرعة وتقوم بلمها بينما نهضت عليا من مكانها وهي تسير داخل غرفتها بعصبية وهي تتذكر تلك الفتاة الاجنبية ومجيئها .. اخذت تلعن كل شخص تسبب بدخول تلك اللعينة الى حياتهم ..
اوقفها صوت والدتها وهي تردد :
" ممكن تهدي .. "
صرخت عليا :
" اهدى ازاي ..؟! ها .."
قالت جيجي بهدوء :
" متبقيش غبية .. احنه كده متساويين .. هو بالفويس اللي معاه واحنه بالصور دي .."
صاحت عليا :
" الصور .. الصور اللي بتقول انوا البيه بيحبها .. انوا عايز يسيبني انا عشانها .. "
قالت جيجي بنفاذ صبر :
" سيبك من ده كله .. لا بيحبها ولا نيلة .. ده مبهور فيها .. "
تمتمت عليا بغل :
" بقى انا حتة بنت زي دي تعمل فيا كده .. بنت متسواش حاجة .."
قالت جيجي بسرعة :
" انتِ بتقولي ايه ..؟! بنت مين اللي تلعب بيكِ ..؟! انتِ اتجنتتِ ..؟! انتِ نسيتي انتِ مين وتبقي بنت مين ..؟!"
نظرت عليا الى والدتها بحزن لتقول الاخيرة :
" اسمعيني وركزي معايا .. الصور دي جت لحد عندنا ... انتِ هتستني الاسبوع يخلص ولما يجي اخر يوم يبلغك انوا هيفضحك تعمليله مفاجئة وتبعتيله الصور دي وخليه يلف فدماغه ويشوف هيتصرف ازاي .."
نظر ت عليا الى والدتها بعدم اقتناع لكنها اثرت الصمت حاليا فلا رغبة لها بنقاش اي شيء بعدما رأته في تلك الصور اللعينة ..
....................................................................
بعد مرور يومين اخرين ..
خرجت ليديا من منزل عائلتها لمقابلة ريهام التي تتتظرها في سيارتها كالعادة ..
توجهت نحو ريهام التي خرجت من سيارتها كي تحييها .. ابتعدت ليديا عنها بعدما حييتها لتتفاجئ بعليا تتقدم نحوها بملامح قاتمة ..
" هاي عليا .."
قالتها ليديا بعفوية لترد عليا عليها ..
" بصي يا حلوة شوية الحركات دول متخيلش عليا .."
قالتها بلهجة غريبة لتسألها ليديا بإستغراب :
" انا مش فاهمة حاجة .. تقصدي ايه ..؟!"
جذبت خصلة من شعرها ولفتها حول إبهامها وقالت :
" لو فاكرة انك بالشعر الاشقر والعيون الزرق هتغريه تبقي غلطانه .. ولا عشرة زيك يقدروا ياخدوا مكاني فقلبه .."
تطلعت ليديا الى ريهام الواقفة بجانبها بحيرة لتقول الاخيرة :
" فيه ايه يا انسة ..؟! متتكلمي عدل .. احنا مش فاهمين قصدك ايه ..؟!"
نظرت لهما بسخرية وقالت :
" انتي مش فاهمة بس صحبتك فاهمة اووي .."
قالت ليديا بهدوء وصدق :
" انا بجد مش فاهمة قصدك .."
جذبتها من ذراعها وقالت بعنف :
" بت انتي .. حركات الخواجات دي متخيلش عليا .."
ثم اردفت وهي تهتف بجانب اذنها بنبرة عالية :
" احسنلك متدخليش فالحرب دي معايا لإنك هتخسري .. انا مستعدة عشان اهزمك اتحالف مع الشيطان ولا اقولك انا اتقلبلك الشيطان نفسه .."
ثم اكملت ببرود :
" ولا اقولك .. نصيحة ليكي خدي بعضك وارجعي فرنسا .. انتي ملكيش مكان هنا والعيشة هنا صعبة عليكي وانتي مش قدها .. انا بنصحك بس مش اكتر .."
صمتت قليلا وقالت بإبتسامة خبيثة :
" الرسالة وصلت ولا اترجمهالك .. ولا اقولك خلي صاحبتك الجميلة دي تترجمها ليكي .. باي يا روحي .."
تطلعت ليديا اليها بذهول وهي تحاول استيعاب كلماتها تلك التي لم تفهم شيئا منها بينما ابتعدت عليا عائدة نحو سيارتها ..
...........................................................،
كان الجميع يجلس في قاعة الاجتماعات فاليوم هو اليوم المعهود والذي سيتحدث فيه ادهم عن ارباح الشركة ويعطي كلا منهم نصيبه الشهري منها ..
جلس ادهم في مكانه المخصص تحت انظار جميع الموجودين حيث والده وعمه حسن وابنيه خالد وكريم اضافة الى عمه كمال وابنه يوسف ..
اخذ ادهم يتحدث بجدية عن الارباح والحق الشرعي لكل من اعمامه ممررا امامهم جميع الاثباتات ..
انهى حديثه ليقول بجدية :
" فيه موضوع مهم لازم اعرفكم بيه .."
تطلع الجميع اليه بهدوء بينما اكمل :
" انا اديت لحسام مبلغ معين موجود فالشيك ده .. ده يعتبر جزء صغير من حقه الشرعي فميراث جدي .."
تطلع اليه الجميع بصدمة بينما انتفض سليم من مكانه وقال :
" انت اتجننت ..؟! حق شرعي ايه وزفت ايه ..؟! مش كفاية كل اللي عملته ..؟! تقوم تديله مبلغ كبير زي ده .. انت بأي حق تعمل كده ..؟!"
تدخل عمه حسن في الحوار قائلا بغيظ :
" مش من حقك تعمل كده يا ادهم .. الفلوس دي مشتركة بينا واخوك هو اللي اختار انوا يخسر جميع حقوقه بعملته دي .."
قال ادهم بهدوء :
" فشرع مين ده يا عمي ..؟! فأي منطق الكلام اللي بتقوله ده يا بابا ..؟! حسام وريث شرعي لجدي وليه ففلوسه زي ما كلنا ليه .. واللي اخده ميجيش واحد فالميه من حقه الشرعي .."
قال كريم بسخرية :
" وانت بقى بقيت فجأة بتتكلم بالشرع والحق .. انت ناسي انك بتتحكم فكل حاجة بقرار جماعي مننا .. واننا زي ما قدرنا نخليك رئيس للشركة نقدر نرجعك واحد عادي زينا .."
رمقه ادهم بنظرات هادئة ثم قال بإبتسامة رزينة :
" لا طبعا مش ناسي .. وانا اهو قدامكم .. حابين تسحبوا الادارة مني عادي جدا ... حابين كمان تخرجوني بره الشركة كلها عادي .. احلى حاجة اصلا اني استريح بعد سنين التعب دي كلها .."
ثم نظر الى اعمامه ووالده قائلا بهدوء :
" لو عاوزين تخلوا كريم او خالد او اي حد تاني يمسك الادارة اهلا وسهلا .. بس ياريت متجوش بعد فتره وتطلبوا مني ارجع لما تشوفوا الفرق فالارباح .. لاني لو خرجت مش هرجع تاني حتى لو اطربقت الدنيا عليكم وبقيتوا عالحديده .."
صاح كريم بغيظ :
" انت بتهددنه ..؟! لا وكمان مستهين بينا .. فاكر انك الوحيد اللي هتقدر تدير الشركة بأرباح كبيره .. مش كفايه غرور بقى يا ادهم بيه .. طول عمرك فاكر مفيش حد زيك .. مع انوا كلنا احسن منك .."
قاطعه ادهم بملل :
" انت بتقول ده كله ليه يا كريم .. تمام طالما انت كده اطلب آنك تمسك الادارة كلها وانا هتنازل ليك عنها قدام الكل .. بس ياريت انت كمان تبطل تصرفاتك القذرة ومراقبتك ليا قال يعني عاوز تمسك حاجة عليا .. يؤسفني اقولك انوا المحاسب اللي جندته لصالحك بلغني فكل حاجة .. ابقى اعرف اختار رجالتك تاني وخلي فبالك اني عمري ما عملت حاجة اخاف منها والدليل جيت قدامكوا وحكيت عالمبلغ اللي اديته لحسام وبدون تردد .."
" ادهم .. كريم .. كفاية .."
قالها سليم بصرامة ليتفاجئ الجميع بخالد وهو ينهض من مكانه راميا مجموعة من الصور على ادهم وهو يقول بسخرية :
" والصور دي كمان مش هتخاف منها وهتلاقي ليها مبرر كالعادة .."
نظر ادهم الى الصور بصدمة ولم تقل صدمة من حوله عنه ..



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-