رواية ارتواء الروح الفصل الرابع بقلم سارة فتحى

رواية ارتواء الروح الفصل الرابع بقلم سارة فتحى



رواية ارتواء الروح ( الفصل الرابع ) هى رواية الكترونية من تأليف سارة فتحى وحققت رواية ارتواء الروح نجاحا كبيرا على فيسبوك وتفاعل ايجابى كبير من القراء 



رواية ارتواء الروح الفصل الرابع بقلم سارة فتحى



رواية ارتواء الروح الفصل الرابع


تبدلت ملامحه للغضبب بشكلٍ ملحوظ  وهو يسمع حديث والدته  ، كل ما يتردد بذهنه انها تقف معه وتتحدث نيران تتصاعد بداخله زمجر بغضب وخانته كلماته : 
- هى الهانم واقفه تشتغل ولا تتساير مع الشباب تحت 
حلو اوى المسخرة دي
لا واحنا هنشتغل خاطبه ليها كمان .. وملقتش غير يوسف ده الشارع كله عارف تاريخه 

اكفهرت نوال من اسلوب ابنها  واسرعت تهتف 
باغتياظ : 
- جرى أيه يا واد انت ايه الكلام ده ؟! 
مالك محدش مالى عينك كده 

اما هى اطرقت رأسها غير قادره على المواجهة 
فتلك الحياه القاسية كل مرة تمنحها لقب جديد 
امتلأت عيناها بالدموع لتردف بألم وصوت متقطع :
- انا متسايرتش مع حد واصلًا مش موافقه على الجواز ولا غيره 

رمقته بنظرة ضعيفة عاجزه قبل ان تنصرف من 
امامه ، داهمته مشاعر الندم على تسرعه يفرك 
وجهه بعصبية يحاول اخفاء عيناه كى لا 
ينفضح امره انه اصبح عاشقًا لصاحبة تلك العيون الرمادتين همست امه ومازال يسيطر عليها الذهول : 
- انت ازاى تقول كده يا خسارة تربيتى فيك 
كده تكسر بخاطرها بكلامك اللى زى السم ده ، ده جبر الخواطر على الله ..طب كنت اسكت احسن

يلهث من فرط انفعاله ، اخذ شهيقًا قويًا محاولًا ان تهدئة ثورته ، ثوانى وقد لانت ملامحه قائلًا :
- مقصدتش يا امى بس الواد يوسف ده مش مظبوط ومالوش شغلانه وطول النهار تحت متلم على حبة شباب وشرب ونيلة .. وهى تعتبر امانه 

طالعته امه ثم اردفت بعقلانية هادئة مغايره لحنقها على ابنها وتصرفه الاهوج :
- تقوم تقول كده انا هدخل اراضيها بكلمتين 
متتحركش انت من هنا عشان تعتذر 

لكنها توقفت حين فتح باب الغرفة ووجدتها تقف امامها تحمل حقيبتها   وعيناها ممتلئة بالدموع  على وشك السقوط   
انتفض هو  من مكانه كمن لدغته عقربة ضربت نوال صدرها بانفعال : 
- ايه ده يا ونس واخده شنطتك ورايحه على فين 
بقى كده وانا بقول عقلك كبير .. انس اتكلم كده لمصلحتك اخوكى وخايف عليكى وميقصدش حاجة 

شلت الصدمة تفكيره كلمة (اخوكي) اشعلت خلايا جسده فهتف بحدة اكثر : 
- عايزه تمشى بمزاجك هو ... كلمتينى هما اللى يضايقوكى
 اما البيه تتكلمى معاه ويجى يطلبك عادى

وقفت خاوية الروح كلماته تصفعها بقسوة ، اجابته  من بين شهقاتها ودموعها تتنهمر  : 
- لو سمحت كفاية غلط .. وانا همشى واريحك ولا كلامك ولا كلام غيرك 

شهقة وانين مكتوم لقى صداه فى ثنايا صدره 
اغمض عيناه بعنف يحاول التحكم فى غضبه : 
- يابنت الناس انا مقصدش بس الحته هنا كلها 
عارفة بعضها والواد ده معروفه سيرته عشان كده
انا اتضايقت بس مقصدش اى غلط لا سمح الله 
وانتى تقعدى وانا اللى امشى لو مضايقك 

اقتربت والدته تسحب منها حقيبتها وهى توبخها بحنو : 
- شوفتى بقى انتى ظلمتيه ازاى .. وعايزه تمشى وتسبينى اهون عليكى ده انا اعتبرتك بنتى، 
يبقى لما اخوكى يقول كلمتين كده تتقمصي، هاتى الشنطة ديه هعملكم شاى بنعناع يروقكم دا شيطان ودخل بينكم 

انصرفت والدته بينما هو يرمقها شرزًا ، ليس 
بينهم رابط قرابة او دم لماذا تقتل عشقه فى
مهده بكلمة اخيها ، تنهد بثقل ثم اردف : 
- مقصدتش المعنى اللى وصلك ، بس انتي
معزتك عندى كبيرة ويعلم ربنا  ومحبش حد يتكلم عليكى 

هزت رأسها فى صمت ثم استرسل والغيرة تأكله من الداخل : 
- هو كلمك فى أيه ؟!

رأت عيناه تتوهج كالجمر ، لا تنكر ان كلماته جرحتها لكن هناك شعور بداخلها يستمتع بانفعاله فهو  ليس له سوى معنى واحد حاولت اخفاء تلك المشاعر واجابته باقتضاب : 
- متكلمش معايا ولا حاجة كان بياخد طلباته 
عادى واخر مرة قالى اسمى يوسف جاركم هنا 

- وانتى قولتيلوا ايه ها ؟!

سألها بتلهف ، عقدت حاجبيها هى لا تريد تجربة عشق وهى تعلم سوء حظها هزت رأسها بنفى حتما هذا ينبع من خيالها  وهمهمت بنبرة شجيه : 
- ولا حاجه سكت 

اجابتها اثلجت قلبه ثم تحمحم يسألها : 
- هو ممكن اسأل سؤال لو مش هضيقك 

امام نظرات عيناه، ونبرة صوته المتلهفة رضخت له تهمس  : 
- لا عادى اسأل 

نظر فى عيناه وسألها بهدوء : 
- اطلقتى ليه لو مش عايزه بلاش 

اجابته بضعف وهى تستجمع تلك الذكرى : 
-لا عادى انا كنت قولت لطنط نوال أصلًا 

واسترسلت حديثها قائله :
- بابا كان تعبان ونفسه يطمن عليا واتجوز ومع اول عريس وافق كان هيعيشنى مع مامته واخواته ومعترضتش على اساس هو كده بيت العيلة 
واتجوزنا وفى الصباحية جم يصحوا ابوه لقوه
مات.. امه حلفت ما يدفن ابوه غير لما يطلقنى 
عشان وشي نحس عليهم.. اتطلقت ورجعت 
بابا مستحملش انى اطلق وارجع فى الصباحية 
جاتلوا جلطة ومات، بس والناس قالوا عليا نحس
خالتى بقى صدقت بقى فى كلام الناس وقالتلى انا عندى بنات واحنا ارياف لو اخدتك تعيشى معايا الكل عارف حكايتك وهيقف حال بناتى 
قالتلى انا هجيلك على طول ده انتى بنت الغاليه وبس 
وهى مره واحده ومجتش تانى .. بعد كام شهر رجع طليقى وعايز يرجعنى اهو خدامة لأمه واخواته وابتدا
يزن عليا مشيت من البلد كلها بس والباقى انت 
عارفه 

شعر بارتفاع دقات قلبه حتى كاد يخرج من بين ضلوعه ، بداخله فرحه تغمره انه  كسر الحاجز بينهم 
ما ان انتهت من سرد قصتها رفع حاجبه مستنكرًا : 
- هو فى ناس كده.. ده اسمها ربنا بيحبك مش وش فقر انه نجدك منهم 

ثم اكمل بمشاكسه : 
- تصدقى وتأمنى بالله الواد ده  ابوه طلع  اجدع منه واحسن انه مات ده انا هروح اوزع رحمه على روحه 
عشان المعروف اللى عملوا ده 

اتسعت بؤرة عيناها بذهول ثم انفجرا يضحكان 
سويًا فاصدر تنهيدة حارة ثم همس لها : 
- ضحكتك حلوة اوى 

احمرت وجنتيها خجلًا ثم رمشت عدت مرات بعدم تصديق يروادها شعور اول مرة بحياتها ،
بينما هو  استجمع كامل شجاعته ليعترف بعشقه منذ اول لقاء لهم : 
- ونس انا 

-انت ايه يا واد اعتذرت ولا لسه 
تلك الجملة اردفتها نوال وهى تحمل صينية الشاى 
وضعتها امامهم على المنضدة ، بينما هو تأفف بضجر من تصرفات امه 
اجابها فى نبرة مستاءة وهو يعتدل فى جلسته : 
- خلاص هو حصل خير .. ولو الست دي جت تانى قوليلها مفيش نصيب يلا تصبحوا على خير انا نازل تحت 

انهى جملته وهو معلق بصره بها وهى مازالت على وضعها
اطرقت رأسها بخجل وارتسمت على شفتيها ابتسامة رقيقة ليكمل : 
- ولا فى رأى تانى يا ونس ؟!

- رأى تانى ايه اخوها وعارف مصلحتها 
ردت والدته بتلك الجملة التى كادت تصيبه بذبحة 
غرس اسنانه فى شفته السفلى يهتف بحنق :
- ما تسبيها ترد هى يا نبع الحنان ولا أيه

حاولت الفرار من نظرته المثبت عليها فهمهمت : 
- لأ اللى ماما قالتوا صح 

***

فى الأسفل بعد منتصف الليل ينام على سطح سيارة قديمه بالشارع  واضعًا يده خلف رأسه  ينظر للسماء 
أخذ نفسًا عميقًا ثم اخرجه زفيرًا بتمهل يستمتع بأبتسامتها وكأنها تقف امامه كيف لها أن تكون بكل هذا الحسن واللطف يقولون انها نذير الشؤم 
ضحك ساخرًا فقط ابتسامتها تنير الكون فجأة 
امتعضت ملامحه عند تذكر حديث امه بأنه بمثابة اخيها ،
 انتفض من نومته بفزع يهتف باستياء وهو
ينظر نحو شرفة منزلهم :
- الست اللى فوق دي لازم تبطل كلمة اخوها دي
قال اخوها قال يكونشي جايين فوق روس  بعض 

***

فى اليوم التالى 
نزلت إلى المكتبة تحت نظراته التى تراقبها مما جعلها تشعر بتوتر 
دقائق وتقدم منها يوسف يحمل بيده كوبين 
من الشاى الساخن ثم قال : 
- صباح الجمال انا قولت اشرب الشاى معاكى 
واعرف ردك بنفسى على كلام امى امبارح 

اجابته بتوتر وهى تراقب الورشه من خلفه  فأسرعت تنهى الحديث بينهم  : 
- الرد هيوصلك زى ما وصلنى طلبك 
اما على الجانب الأخر خرج من ورشته عيناه مسلطة 
على المكتبة غلت دمائه طالعهم بأعين نارية، طفحت الحمم البركانية بداخله، وتأججت نيران الغيرة لدرجة ان عروق رقبته كادت على الانفجار، انفلت زمام الامور 
ثم اندفع نحوهم بغضب : 
- الاستاذ واقف هنا خير فى حاجه ؟!

لوى يوسف  فمه ساخرًا ثم اجابه بتهكم : 
- ده موضوع شخصى يا انس يعنى ميخصكش 

اصطبغت بشرته بحمرة الغضب وهتف بعصبية انعكست على نبرة صوته :
- هو مش شخصى يا ابو الرجولة ليه مكانه مش كده 
واللى رايح واللى جاي يبص 

توسعت عين يوسف، فهو يريد ان يهدر كرامته امامها اجابه بشراسة : 
- وانت مالك مبقاش غيرك يعلمنى الأصول ؟!

لكمه انس فى صدغه ارتد على اثرها يوسف الخلف وسالت الدماء من شفتاه ثم اعتدل يوسف  ليرد له اللكمة 
لكنه تفادها انس واوقعه ارضًا فمد يوسف يده فى جيب بنطاله واخرج مدية وهو ملقا على الأرض وطعن بها فخذ انس 
صرخت هى برعب وهى تشهد دماء انس،
 اسرع انس يلكمه ثانية ثم اخذه منه المدية 
 ولوى معصمه خلف ظهره ولم يتركه إلا عندما سمع طقطقت عظامه التى ادت لكسر ذراعه
 تجمعت الناس لفض الشجار فتحدث احدهم : 
- بقى كده ده انتوا شباب منطقة واحدة تعملوا كده فى بعض 

- قولوا هو ازاى يعمل كده كل الحكاية انى طالب ونس
على سنة الله ورسوله 
اردف يوسف بتلك الكلمات مسرعًا لكسب تعاطف الناس من حوله 

تحامل انس على نفسه ليقف على قدمه المصابة 
ليردف بشراسة : 
- لا غلطت لما تبعت حد يطلب ايد خطبتى 
وتيجى تفف تتكلم معاها قدام الناس تبقى غلطت ولازم تتربى 

خطيبته !!!!!!



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-