رواية ارتواء الروح الفصل السادس بقلم سارة فتحى

رواية ارتواء الروح الفصل السادس بقلم سارة فتحى



رواية ارتواء الروح ( الفصل السادس ) هى رواية الكترونية من تأليف سارة فتحى وحققت رواية ارتواء الروح نجاحا كبيرا على فيسبوك وتفاعل ايجابى كبير من القراء 



رواية ارتواء الروح الفصل السادس بقلم سارة فتحى



رواية ارتواء الروح الفصل السادس


 مرت اسوء ساعات عليها بعد تلك الحادثه وهى تقف أمام باب غرفة العمليات وجهها احمر يكاد يتحول لون الازرق بسبب صعوبة التنفس، تسب وتلعن نفسها على بقائها معهم
 ستصيبهم بلعنتها النحس، كل من  يقترب منها تصيبه، 
طالعت الدته وعيناها قد تورمت من كثرة البكاء ناظرة لسماء تتوسل بتضرع  إلى خالقها لسلامة ابنها،
 اغمضت عيناها بقهر مشاعر متضاربة حزن ، ألم ، سخط على حالها فهى فى نظر نفسها المذنبة الأول ، هى من بَنَت سعادتها على حسابهم، 
استندت برأسها على الحائط خلفها تهمس : 
- يارب بس يقوم بسلامة والله هبعد خالص 
بس يقوم عشان امه الغلبانه دي 
ثوانى وكان الطبيب يخرج من غرفة العمليات 
هرعت إليه ونس و نوال بلهفة : 
- طمنى يا بنى عليه الله يسترك ابنى ماله 
ازاحه الطبيب كمامته متحدثًا بعملية : 
- الحمدلله ياحاجة متقلقيش ، بس صباع ايده الشمال الصغير اتضرر جامد واضطرينا نعملوا بتر لعقلتين 
و فى شرخ وعملنا ليه جبيره نتيجه للعربيه اللى وقعت على دراعه وهو تحتها لكن هو كويس وزى الفل مفهوش اى حاجه وكمان على بليل ممكن يروح ويجى كل يوم لغيار على الجرح 
وضعت ونس يديها على شفتيها تكتم شهقتها بينما تحدثت نوال : 
- اشوفوا  يابنى طمن قلبى يسترك هو فين 
أومأ الطبيب ثم قال بهدوء ليطمئنها : 
- بس بيفوق جوه فى العمليات وهينقلوه دلوقتى متقلقيش ياحاجه ديه ايدوا الشمال وصبعه الصغير
يعنى مش هيأثر اوى اطمنى 
ثم تركهم وانصرف فاقتربت ونس منها تضمها وتجلسها 
على المقعد خلفها تحاول تهدأتها ، ثوانى وكانت تخرج الممرضة من الداخل تدفع السرير ذو عجل للأمام 
نهضت نوال مسرعه ومن خلفها ونس تهبط دموعها بكثرة حتى وصل للغرفة 
***
رمش عدة مرات فى محاولة لفتح جفونه بصعوبة، 
اقتربت منه والدته سريعًا تضمه لها بكل ما يجيش فى صدرها من مشاعر امومة تحرق قلبها
 أما  هى ازالة دموعها سريعًا و وقفت مباشرةٍ امام فراشه 
كان ريقه جاف فهمس : 
- عايز اشرب 
ناولته والدته كوب الماء ارتشف منه قليلًا ثم اخذته منه 
حاول الاعتدال من وضعه فتأوه بشدة ساعدته والدته ليجلس
 ابتلع ريقه وهو ينظر إلى ذراعه متسائلًا : 
- هو أيه اللى حصل انا اخر حاجه فاكره كلام 
الدكتور فى عمليات تخاطيف كده
- الحمدلله ياحبيبى ربنا ستر المهم انك بخير 
الحمدلله الحمدلله غرزتين بس فى ايدك 
اجابته سربعًا لتطمئنه، لكن الطبيب اخبره قبل البدء فى العملية بأمر البتر، تنهد و رفع عيناه لتلك الصامته
التى تقف امامه  فهبطت دموعها تلقائيًا ونظرت
له بنظرات ذات مغزى علم فورًا مقصدهًا 
فرمقها بنظرات عاتبة لتحميل نفسها ذنب ليس
لها شأن به، إلى متى ستظل حبيسة تلك الفكرة 
رمقته بجسد مرتعش قليلًا قائلة بصوتٍ باكى : 
- حمدلله على سلامتك 
- هو انتوا عاملين كده ليه انا زى الفل ومش عقلتين هيأثروا عليا انا الحمدلله بحمد ربنا انها ماكنتش اكبر من كده  ممكن كفاية عياط 
قال جملته وهو مثبت نظره عليها 
ابتسمت والدته وقد تبخر حزنها وهى تربت على كتفه بحب صادق وهمست بحنان : 
- الحمدلله على كل شئ يا حبيبى كفايه انك قدامى بخير 
أومات بملامح شاحبه تجلس على المقعد خلفها بلا روح ساكنه تختلس فقط نظرات إليه نظرات حزن دفين لما ستقوم به انتبه على نظراتها التى تمزق نياط القلب فابتسم لها مطمئنًا   
***
عادوا إلى منزلهم وتمدد انس على الفراش بمعاونة والدته، بينما هى الحزن يخيم عليها لا حول لها ولا قوة 
تود ان تصرخ بأعلى صوت من قسوة الحياة
 انصرفت نوال قائلة : 
- هحضرلك الأكل بسرعه وجاية 
قادتها ايضًا خطواتها للخارج خلف والدته لكن اوقفها انس 
مناديًا : 
- ونس استنى 
اجابته لكن لم تلتفت له :
- نعم 
قطب حاجبيه باستغراب قائلًا : 
- ايه هتكلمينى وانتى مديانى ضهرك ؟!
اجبرت نفسها على الاستدارة تطالعه بثبات زائف 
قائلة بصوت مبحوح من اثر البكاء : 
- لا بس رايحه اساعد ماما
تنهد انس بقلة حيلة وحرك عيناه عليها بنظرة ثاقبة 
ثم قال : 
- انتي مش السبب، ده وارد وبيحصل و قضاء وقدر 
كفاية تلومى نفسك وكفاية دموع 
بعدين بقى  كل الدموع ديه عشان حاسة أنك السبب، ولا خوف عليا وحب وكده بقى 
اصدرت تنهيده حارة بشجن، كيف تبوح له أنها كانت ستجن من رعبها عليه ، وانه إرتواء لروحها بعد سنين عجاف 
هو من عشقته، تمنت لو كانت هى مكانه
 همست : 
- اكيد خوف عليك طبعًا ربنا يبعد عنك اى سوء عن  اذنك 
انصرفت مسرعه لا يعلم لما انقبض قلبه ارجع 
رأسه للخلف يتنهد بتعب وارهاق لكن أتاه 
النوم سريعًا من اثر المسكنات وذهب فى نوم 
عميقًا
***
بعد عودتها ولجت لغرفتها تسير بخطوات متثاقلة تحضر حقيبتها وتضع بداخلها ملابسها تلوم نفسها بقسوة لكنها قد عزمت الرحيل لكن قلبها يعاندها يرفض الرحيل دون أن يطمئن عليه بينما عقلها يزجرها بقوه، نيران اضرمت بها فبعد ان وجدت الأمان والسند والاحتواء بينهم 
 الحياة تقسو عليها ثانيةٍ، دموعها تنهمر بغزارة اغلقت حقيبتها ووضعتها بجوار الفراش ثم تناولت ورقة وقلم كى تكتب رسالة لتخبره برحيلها سترحل كما رحلت من بلدتها لكن هذه المره، جسدًا بلا روح، الآن فقط تشعر بمعنى الوحدة
 فهو فى الايام القليلة الماضية اصبح كل شئ بالنسبة لها، مسحت دموعها وتوجهت نحو الفراش تدثر نفسها بالغطاء عازمة  على الرحيل فى الصبح..
***
على صعيد اخر  يجلس فى غرفته، كمن يجلس على الجمر لا يعلم سبب انقباض قلبه  فهى لم تأتى لتطمئن عليه ثانيةٍ نهض من على فراشه متجهًا للخارج
 يبحث عن والدته وجد امه فى المطبخ تجلى الصحون 
ابتسم لها بسعادة يلقى التحية : 
- صباح الفل يا امى 
استدارت لها بابتسامة هادئة :
- صباح الورد يا حبيبى قومت ليه انا كنت بحضرلك الفطار وجايه 
نظر لها بجدية ثم قال : 
- فين ونس يا أمى ؟! 
تلاشت ابتسامتها عاقدة حاجبيها تهمس : 
ونس !!!
اول ما رجعنا من المستشفى كانت معايا هنا 
وبعد كده راحت الشقه هناك ومجتش تانى
 وزى ما شوفت البيت مخلصش من الناس واتلهيت اسال عنها .. بس غريبه انها مظهرتش تانى 
ابتلع ريقه وقلبه ينبض بخوف كاد ان يخرج من بين ضلوعه من التوتر 
اولاها ظهره متجه  نحو الباب وادار المقبض ودلف مسرعًا
للشقة المقابلة يطرق على الباب طرقات متتالية
 لكن لا توجد أى اجابه صاح مناديًا باسمها : 
- ونس . افتحى يا ونس . ونس 
جاءت خلفه امه ومدت يدها تفتح الباب بمفتاح اخر 
دلفوا سويًا يبحثوا فى الغرف ولم يجدوها رمق الطاولة 
عليها ورقة ومحبس خطبتهم ، هز رأسه بنفى وهو يلتقط الورقة وقد اضرمت النيران بصدره سهام تخترق قلبه
 استدار لوالدته بنبرة مهزومه : 
- مشيت يا امى مشيت 
ليه كده انتى بعدم سؤالك عنها حسستيها بذنب اكتر
هتروح فين وهى ملهاش حد غيرنا ليه كده بس 
عضت نوال على شفتيها بندم تهمس : 
- غصب عنى، انا كان قلبى وجعنى عليك واتلهيت 
- طب ادور فين ؟!
ليه كده يا ونس ليه ؟! 
انهى كلامه وهو يرتمى فوق المقعد  بتعب وارهاق شديد ستنفجر رأسه حتما من كثرة التفكير قلبه متألم 
كيف طاوعها قلبها على هجره ؟! 
كيف تهرب و لم تطمئن عليه ؟! 
أين هى الآن ؟! 
فجأة نهض من على المقعد وعيناه تشتعل بنيران قائلًا 
- انا هنزل ادور عليها مش هرجع غير بيها 
*** 
تسير بخطوات شبه راكضة حتى اختنقت انفاسها لكن لا يهم فذلك الأفضل للجميع، فهى قررت ان تبتعد وكأنها فعلت بهم شيئًا مشينًا، نصل سكين حاد ينغرس 
بقلبها كلما تذكرت رد فعله، عند هذه النقطة انهمرت دموعها على وجنتيها بقهر، وكأن الحياة  اقسمت ان لا تعطيها فرصة لتحيا  حياه هادئه
لِمَ هى تعانى كل هذا ؟! 
مدت يديها تجفف دموعها، التقط اذنيها صوتاً تعرفه 
جيداً منادياً باسمها : 
- ونسسسسس








حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-